- الافتاء في الاردن مستقل وعدد الإجابات التي تصدر عن دائرة الإفتاء يوميا تصل إلى 700 إجابة
عبدالله اليماني - قال سماحة المفتي العام للمملكة د.نوح القضاة أن الملك عبدالله الثاني عندما كلفه قال له أن الإفتاء مستقل, لا سلطان عليكم في دائرة الإفتاء إلا سلطان الدين, فأفتوا الناس بشريعة الله تعالى.
واضاف القضاة بهذا أبرأ جلالته ذمته أمام الله, وبقيت المسؤولية على المفتي أياً كان, وعلى دائرة الإفتاء, وخلال السنوات الثلاث الماضية بيَّنَت دائرة الإفتاء حكم الشرع - ولا أقول: بيَّنت رأيَها - في كثير من المسائل, وأعتقد أنها كسبت رضا الله, كما كسبت ثقة الجمهور, ويدلّ على ذلك أن عدد الإجابات التي تصدر عن دائرة الإفتاء يوميا تصل إلى 700 إجابة, وفي رمضان بلغ عدد الإجابات اليومية 1300 إجابة تتعلق بكل شؤون الحياة, وهذا يدلّ على إقبال الناس على دينهم من جهة, وعلى الثقة بهذه الدائرة من جهة أخرى
ولفت ان هناك نقطة لا بد من بيانها وهي أن الإفتاء في أي بلد هو جهة استشارية لا جهة تنفيذية, فالمفتي يقول هذا حلال وهذا حرام, لكنه لا يستطيع أن يقف في وجه المخالفين للشريعة; لأن هذا من شأن القضاء والسلطة التنفيذية, وعلى سبيل المثال: البنوك والخمارات والعري الذي تعجّ به المدن الإسلامية لم يُفتِ بجوازه أحد, وهو موجودٌ, لكن نرجو رحمة الله لكل المجتمع إذا بقي فيه من يقول عن الحرام, إنه حرام
وقال أن بعض الأسئلة جوابها واضح ومعلوم لدى كل مسلم, والسؤال عنها ليس للمعرفة بل لغايات أخرى, وهنا يكون السكوت أولى, إذ لا يجوز أن يكون المفتي سوطاً في يد الآخرين يجلد به بعضهم بعضاً, فنحن نسعى لجمع الشمل ونزع الخلاف, ولا نستطيع هذا إذا وضعنا أنفسنا في إحدى كفَّتي الصراع
واشار انّ تطابق الفتوى مع السياسة موجود في كثير من الدول الإسلامية لأسباب كثيرة, وانحراف السياسة يُلام عليه أصحابه, أما انحراف الفتوى فهو افتراء على الله عز وجل, وقد قال سبحانه وتعالى(وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) الزمر 60 .
وقال القضاة إنّ ممّا يبيّض وجوهنا في الدنيا والآخرة أن تكون في بلدنا مؤسسة دينية تلتزم بأحكام الشريعة فقط, وإنّ مما يُعاب على بعض الدول أنها تجبر المؤسسات الدينية على مخالفة شرع الله تعالى.
وعاتب بعض الصحف قائلا انها لم تذكر الفتاوى التي كان لها استحسان وأثر طيب في كل الأوساط, مثل تحريم البورصة الوهمية التي خربت الكثيرمن البيوت, وحرمة الاعتداء على المال العام التي تتابعت ردود الفعل الإيجابية عليها وعلى غيرها مما يقتضي واجبنا أن نبين حكم الشريعة فيه.
وقال نحن والعاملين في حقل التوجيه الجماهيري في مركب واحد,فلنتعاون على خدمة هذه الأمة كلٌّ في مجال تخصصه, فالوقت أضيق مما تظنون
وقدم القضاة لمحة تاريخية عن دائرة الإفتاء فقال انها تأسست عام 1921وكانت تعتمد في الفتوى المذهب الحنفي والذي كان معمولاً به في أيام العهد العثماني,وبقي هذا الحال حتى تم تعيين الشيخ حمزة العربي مفتيًا للمملكة سنة 1944 بإرادة سامية. كما عُين في العام نفسه الشيخ عبد الله العزب مفتيًا للجيش الأردني.وفي سنة 1966 صدر نظام الأوقاف الإسلامية واشتمل الفصل التاسع منه على تنظيم شؤون الإفتاء, وكان المفتي يرتبط بوزير الأوقاف, ولذا نص النظام على أن المفتي العام يعقد بالاشتراك مع مدير الوعظ والإرشاد اجتماعات دورية للمفتين لتوجيههم وتنظيم أعمالهم; وذلك لأن المفتين كانوا يقومون بالوعظ والإرشاد أيضًا
وقال نظرًا لظهور أمور جديدة في حياة المواطنين وتعدد المسائل وكثرة المدارس الفقهية اقتضت المصلحة صدور قرار بتشكيل مجلس للإفتاء برئاسة قاضي القضاة.
وتطور نظام التنظيم الإداري لوزارة الأوقاف وتطور معه نظام الإفتاء, فتم استحداث دائرة للإفتاء سنة 1986لكن بقي المفتي مرتبطًا بوزير الأوقاف والذي قد يكون في بعض الأحيان ليس من ذوي الدراسات الشرعية; لذا ظل قاضي القضاة يرأس مجلس الإفتاء لأن قاضي القضاة لا بد أن يكون مؤهلاً تأهيلاً شرعيًا
وفي عام 2006 - يضيف القضاة - صدر قانون يقضي باستقلال دائرة الإفتاء العام عن وزارة الأوقاف وغيرها من الجهات الرسمية, وأصبحت رتبة المفتي تعادل رتبة وزير في الدولة, وبهذا استقل الإفتاء عن أجهزة الدولة الأخرى, وما يزال العمل جاريًا لترتيب شؤون الفتوى ودعمها بالفقهاء والمتخصصين بعلوم الشريعة الإسلامية
واشار ان المفتي العام يتولى مسؤولية إدارة شؤون الدائرة وسير العمل فيها, وتنفيذ السياسة العامة للإفتاء, ويعين بإرادة ملكية سامية برتبة الوزير وراتبه وصلاحياته, وتنتهي خدماته بالطريقة نفسها. وتساعد المفتي العام مجموعة من المفتين في مركز الدائرة والمحافظات, حيث يوجد في كل محافظة من محافظات المملكة مكتب للإفتاء. كما توجد أجهزة إفتاء أخرى تتولى نشر الثقافة الإسلامية في القوات المسلحة, والأمن العام والدفاع المدني, ولها الأثر الحميد في أخلاق العسكريين دينيًّا مما ينعكس على حسن أدائهم لواجباتهم بأمانة وإخلاص.
وحول المسائل التي تعرض على دائرة الإفتاء العام قال أن منها مسائل عادية يجيب عليها المفتي إذا علم الجواب, ومنها مسائل أكثر صعوبة تجتمع لها لجنة فتوى مصغرة في دائرة الإفتاء لتخرج بعد ذلك بالحكم الصحيح في نظرهم
واضاف هناك قضايا أكثر تعقيدًا هي من اختصاص مجلس الإفتاء, وهناك ثلاثة أمور اولها القضايا المستجدة التي تحتاج إلى اجتهاد. وثانيها القضايا التي ترد إلى المجلس من المؤسسات والجهات الرسمية. وثالثها القضايا العامة التي تهم المجتمع بشكل عام
وقال هناك آلية لإصدار الفتوى في دائرة الإفتاء, حيث تقوم الدائرة بعدة مهام ولكل مهمة آلية خاصة بها, ومنها الفتاوى الشرعية المختصة بالطلاق,حيث يتم التعامل وبسرية تامة بحيث لا يطلع على الفتوى وحيثياتها إلا الزوجان والمفتي المختص فقط
واضاف الفتاوى الشرعية غير المختصة بالطلاق, اذا كان السؤال شفهيًّا يتم تحويله إلى أحد المفتين مباشرة.واذا كان مكتوبًا يقوم المستفتي بتعبئة النموذج المخصص للفتوى الشرعية المكتوبة, ثم يتم تحويل السؤال إلى أحد الباحثين في الدائرة الذي يقوم بإعداد الجواب مدعَّمًا بالأدلة وأقوال الفقهاء, ثم يعرض على لجنة مشكَّلة لهذه الغاية وبعد إقراره من قبل اللجنة يتم عرضه على سماحة المفتي العام لإقراره أو تعديله حسب ما يراه مناسبًا, ومن ثم الاتصال بالمستفتي وإخباره بالفتوى
الفتوى عن طريق الهاتف
وبين القضاة ان الفتوى الشرعية عن طريق الهاتف يتم تحويلها إلى أحد المفتين الذي بدوره يستمع لسؤال المستفتي وجميع حيثياته فإما أن يجيب المستفتي على سؤاله مباشرة إذا كان السؤال مما يكثر السؤال عنه ولا يحتاج إلى بحث ومدارسة فقهية. اوأن يطلب من المستفتي الحضور شخصيًّا إلى الدائرة: إذا كان السؤال بحاجة إلى زيادة إيضاح أو بحاجة إلى مدارسة وبحث, أو كان مختصًّا بفتاوى الطلاق التي لا يجاب عليها عن طريق الهاتف لما لها من خصوصية, أو ما يتعلق بمسائل النزاع المالي.اوأن يطلب من المستفتي تقديم السؤال بشكل مكتوب, وإرساله بنفسه أو عبر وسائل الاتصال الحديثة, لتتم دراسته وفق آلية الأسئلة المكتوبة المارة آنفًا. أوأن يتوقف المفتي عن الفتوى ويطلب من المستفتي الاتصال في وقت يحدده المفتي وذلك لدراسة المسألة وبحثها بالمشورة مع المفتين الآخرين, وباطلاع سماحة المفتي العام, وذلك حتى لا يعطى المستفتي حكمًا متسرعًا دون أن يكون مبنيًّا على دراسة واعية ومعمقة; فدائرة الإفتاء تسعى لأن تكون جميع الفتاوى الصادرة عنها موثقة حتى تبرأ الذمة أمام الله تعالى
الاستفتاء عن طريق الرسائل القصيرة والبريد الالكتروني
واشار القضاة ان دائرة الافتاء تعاقدت مع بعض شركات الاتصال لتقديم خدمة الاستفتاء عبر الرسائل القصيرة للهواتف النقالة, إضافة إلى إمكانية الإرسال عن طريق خدمات الحكومة الإلكترونية, ويتم الإجابة على هذه الأسئلة عن طريق طباعتها على ورق. ثم تحويلها إلى الباحثين لإعداد الإجابات الأولية عليها مدعمة بالأدلة وأقوال الفقهاء. وعرض الإجابات على لجنة مختصة ومشكلة لذلك. والإجابات المقرة من قبل اللجنة على سماحة المفتي العام لإقرارها. ويتم طباعة الجواب وإرساله إلى السائل في مدة يفترض أن لا تتجاوز الثماني والأربعين ساعة
وبين ان الدائرة تستقبل يوميًّا الأسئلة الواردة على الموقع الالكتروني, وبافتتاحه لم يعد حدود الإفتاء قاصرًا على الفتاوى الموجهة من الأردن فحسب, بل توسعت حدود الفتاوى لتعم أرجاء المعمورة كلها, فترد الاستفتاءات من مختلف دول العالم, ولا حدود للفتوى ولا حدود لتطلعات دائرة الإفتاء العام الأردنية.,وتتم الإجابة على الأسئلة الواردة إلى الموقع الإلكتروني من خلال لجنة متخصصة من المفتين, يولون هذه الأسئلة عناية خاصة, ويعدون الأجوبة العلمية عليها, ثم يتم عرضها على سماحة المفتي العام مباشرة ليقرها أو يعدل عليها.
واوضح ان دائرة الإفتاء العام تعتمد المذهبَ الشافعي في الفتوى من حيث الأصل, لأنه المذهب الأكثر انتشاراً في الأردن, مع الاستفادة من أقوال الفقهاء الآخرين واعتمادها في الفتوى في بعض المسائل بعد التدارس والبحث ومداولة الرأي مع سماحة المفتي العام, ويكون ذلك في المسائل التي يعسر تطبيق المذهب الشافعي فيها أو كان في تطبيقه حرج شديد, ولهذا الانتقال ضوابط وقواعد شرعية مستمدة من كلام أهل العلم. وأما في قضايا الأحوال الشخصية فإن الدائرة تعتمد قانون الأحوال الشخصية الأردني في الفتوى ولا تخرج عنه, وذلك حتى لا يحدث تضارب بين الإفتاء والقضاء الشرعي في المملكة, والقانون في مجمله مأخوذ من المذهب الحنفي.
وقال أما بخصوص إلزامية الفتوى فإن الفتوى كما وضحنا هي الإخبار بحكم الله عز وجل, والمفتي وظيفته أن يبين الحكم الشرعي وأن يحذر من عواقب مخالفته, ويترك للمستفتي الخيار في قبول الفتوى وردها, وليس للمفتي سلطة في إجبار أحد على قبول فتوى ما أو ردها, فالمفتي وظيفته توجيهية إرشادية, وأما إلزامية العمل بمضمونها فهو أمر راجع إلى تقوى المستفتي وأمانته, ومن هنا يختلف حكم الفتوى عن حكم القضاء; فالفتوى غير ملزِمة
وجدير بالذكر أن منصب المفتي العام في الأردن تولاه عدد من العلماء هم: الشيخ حمزة العربي, والشيخ عبد الله القلقيلي, والشيخ محمد عادل الشريف, والشيخ محمد عبده هاشم,والشيخ عزالدين الخطيب التميمي, والشيخ سعيد الحجاوي, ويتولى الان الدائرة سماحة الشيخ د. نوح علي سلمان القضاة.
العرب اليوم