بالإضافة إلى ترحيل معضلات الإصلاح السياسي والفقر والبطالة، فإنّ قدر أي رئيس وزراء جديد أن يتعامل مع ملفات عابرة للحكومات، تتطلب منسوباً كبيراً من المجاهدة والصبر والتسريبات الصحافية حتى يتمكّن المراقب أو المواطن المعني من ربط أجرائها ومتابعة مراحلها المختلفة، وكأنّنا أمام أفلام هندية أو مسلسلات تركية طويلة، ذات نكهة أردنية!
أمس، عاد الزميل سلامة الدرعاوي ليكتب عن نص جديد يجري إعداده لملف "كازينو البحر الميت"، ما أقرّته الحكومة الجديدة من صيغة تسوية مع الشركة المستثمرة جيّد، وفقاً للمطّلعين على الملف.
من متابعة مسلسل الكازينو، سنجد حجم مشكلة غياب المؤسسية القانونية الراسخة في الإدارة العامة، التي تحمي سمعة الدولة من الاهتزاز والتقلّب المؤذي سياسياً واقتصادياً وإعلامياً.
في حكومة د. معروف البخيت جرت الموافقة على عقد إقامة الكازينو، مع المستثمر الأجنبي، ثم أوقفته الحكومة نفسها، من طرف واحد، مع وجود فتوى قانونية بعدم تضررها من ذلك.
مع حكومة نادر الذهبي، تمّ فتح الملف إعلامياً، ونُفخ فيه كثيراً، لتحقيق مكاسب سياسية شعبية، إذ إنّ الفكرة تلقى معارضة شعبية جارفة، مع أنّ المعلومات المتوافرة تؤكد أنه تمّ منح رخصة لإقامة كازينو في العقبة.
في حينه، كانت "الفتوى القانونية" بأنّه لا يجوز إيقاف العقد من طرف واحد. وتمّ الوصول إلى سيناريو جديد، يتضمن منح المستثمر مائة دونم لإقامة مشروع اقتصادي، بدلاً من إقامة الكازينو، بالإضافة إلى خمسين دونماً يتم التوافق عليها في عمّان، وقد حاولت حكومة الذهبي منحه أراضي غير مرتفعة الثمن في عمان، لكن المستثمر رفض ذلك.
الآن، يجري التفاهم مع المستثمر على إلغاء الخمسين دونماً (في عمان) مقابل (117) دونماً (هي المساحة الأصلية وفق العقد الأول)، لبناء مشروع اقتصادي، وفق القانون المتوقع لمنطقة البحر الميت (على أنقاض سلطة وادي الأردن). في المقابل، يُمنح المستثمر الأولوية في حال قررت الحكومة إقامة الكازينو، مع الاحتفاظ بحقها في تحديد زمان ومكان ذلك.
نشر الخبر أمس كان مقلقاً من أنّ هنالك تطوراً جديداً في مسلسل "الكازينو"، لكن مصادر مطّلعة تؤكد أنّ الأمر لا يتجاوز تعديلات على الصيغة التي وصل إليها وزيرا العدل والسياحة نفساهما خلال الحكومة السابقة، وأنه لا نية للحكومة بإقامة الكازينو.
من النهاية المأمولة لمسلسل الكازينو إلى فيلم قناة (atv). إذ يتم التسريب، الآن، عن تطور جديد يتمثّل باحتمال شراء الحكومة لحصص المالك الحالي لأكبر الحصص، فيما ما يزال الاختلاف قائماً على قيمة الحصص، بعد سلسلة تطورات درامية في قصة هذه المؤسسة التي لم تر النور بعد، من تملّك شركة "العجائب" لها إلى الحديث عن تأسيس شخصيات معروفة لشركات بهدف الحصول مرّة أخرى على المشروع.
ما نأمله أن تحسم الحكومة الحالية نهاية مسلسل هذه المؤسسة والكازينو معاً، كي تتفرّغ للمعضلات الأخرى التي تمثل دراما أردنية حقيقية!
m.aburumman@alghad.jo
محمد أبو رمان