غـــــــزة
يسار خصاونة
أعلم أن كلماتي لن تصل إلى جرح غزة لتشفيه ، وأعلم أن جرح غزة لا يأبه لكل الكلام الذي نصرخ فيه توجعاً ، وتألماً من أجلها ، لقد أُتخمت غزة بالخُطب ، وكثُرت حولها المنابر ، ولا تعلم غزة بأننا نحتاج إلى جرح جديد كي نكتب قصيدة، أو بياناً حزبياً ، أو خطاباً وزارياً أو رئاسياً ، علينا أن نشكر جرح غزة الذي أيقظ فينا شهوة الكلام، وشهوة الكتابة ، إننا حين نكتب نقول : ها نحن هنا ، ولا نقول هذه هي غزة ، نعرف إننا دون جرحها ومع ذلك نُصر على الكتابة من أجل أنفسنا ، ومن أجل أن نتسابق إلى الصور الجديدة، والعبارات الطازجة ، هم يقصفون غزة بالقنابل، ونحن نقصفها بالكلمات ، وفي الاثنين جرح ، فلنتق الله في غزة ، ولنتعلم من حكامنا البررة الصمت ، إنهم يصمتون عن الحق، يصمتون عند جرح غزة ، فلماذا لا نصمت نحن ، لماذا لا نتخذ حكامنا قدوة في الصمت ، وقدوة في التخاذل، وقدوة في الهروب من المسؤولية ، ما دمنا رضينا بهم حكاماً صناديد ، لماذا نريد أن تسمع غزة صراخنا ، وهي التي لا تسمع سوى نبض الحياة في الشهداء ، آه كم هو صمت الشهداء أعلى من صوتنا ، لماذا لا نعترف أمام غزة أننا غير جديرين بالصمت، وبالكلام ، أنا أقول: إن غزة قد تغفر صمتنا ، لكنها لن تغفر صوتنا العالي الذي لا نبغي من ورائه سوى – شوفيني يا جارة -