أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
اليكم حالة الطقس في الأردن ليومي الجمعة والسبت السيناتور ساندرز لنتنياهو: التنديد بقتل 34 ألفا ليس معاداة للسامية "بيتزا المنسف" تشعل جدلاً في الأردن البنتاغون: الولايات المتحدة بدأت بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات تنظيم الاتصالات تتخذ تدابير لإيقاف التشويش في نظام “GPS” حماس ترد على بيان الـ18 : لا قيمة له الإحصاء الفلسطيني: 1.1 مليون فلسطيني في رفح الذكور يهيمنون على الأحزاب الأردنية إحباط تهريب 700 ألف كبسولة مكملات غذائية مخزنة بظروف سيئة المومني: الأحزاب أصبح لها دور واضح في الحياة السياسية الأردنية قوات الاحتلال تكشف حصيلة جرحاها في غزة .. وتسحب لواء "ناحال" الوطني لمكافحة الأوبئة: الأردن خال من أية إصابات بالملاريا القيسي: لا شيء يمنع تأجير قلعة القطرانة لمستثمر أردني وتحويلها لفندق اليابان تغتال حلم قطر في بلوغ الأولمبياد حماس مستعدة للتوصل لهدنة لمدة 5 سنوات ولن تسلم الأسرى قبل انتهاء الحرب الأردن على موعد مع حالة ماطرة استثنائية تستمر 10 أيام سموتريتش: حان الوقت لعودة الموساد إلى التصفية. أردني يبيع عنصر أمن ماريجوانا .. ماذا قالت المحكمة؟ - فيديو. استطلاع: 53% من الأميركيين لديهم ثقة ضئيلة بنتنياهو. الحكومة تتعهد بتسهيل تدفق السواح الروس للأردن
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام رجائي قواس والتفكير الوقوفي

رجائي قواس والتفكير الوقوفي

30-04-2012 01:18 PM

بقلم: مروان الحسيني *


رجائي قواس فنان كوميدي أردني متميز وبارع في ما يسمى الكوميديا المباشرة أو "الكوميديا وقوفاً" (Stand-up Comedy). إنه محترف ومفاجىء ومرتبط بالمواضيع ذات الأهمية الكبيرة للشباب والمجتمع. كما أنه جريء في نقده للمظاهر والسلوكيات السلبية. نكاته مضحكة جداً ومشاهده الكوميدية مدروسة ومؤداة بعناية. وهو يختار جمله بأسلوب ذكي.

ولرجائي قواس حضور قوي على شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والتويتر واليوتيوب وشبكات الإعلام الأخرى. ويحظى بالآلاف من المعجبين والمتابعين والمعلقين. مشاهده المصوّرة وتدويناته وصوره وطرائفه تنتشر بشكل واسع بين عدد لا بأس به من الشباب الأردني وغيرهم.

بكلمات بسيطة، يمثّل رجائي قواس نجاحاً أردنياً؛ فهو نموذج على إنجاز فني تكنولوجي معاصر. ولكنه ليس ناجحاً لمجرّد أنه طريف أو ذو حضور إلكتروني. أفضل جملة يمكننا أن نصف بها سحره وإبداعه هي "إنه يجعلنا نضحك". الضحكات الصادقة العفوية تنبثق من واقعنا الذي ينجح رجائي في تحويله إلى معالجة طريفة ومباشرة وبسيطة.

أما ما لا يعتبر طريفاً ونشهده بكثرة هذه الأيام في الأردن والفضاء العربي فيأتي ممن أسميهم: "السياسيون المباشرون" أو "السياسيون الوقوفيون" (أي: على الواقف). إنهم مجموعة من الأشخاص ذوي الحضور عبر الشبكات الإلكترونية ويدعون أنفسهم سياسيين ومحللين وخبراء، ولهم تماس جيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، فإنهم لا يرتبطون بمجتمعاتهم وقضايا مواطنيهم. بدلاً من ذلك، تقودهم مصالحهم الشخصية على حساب الصالح العام.

إن السياسي المباشر، أو السياسي "الوقوفي" (على الواقف)، بخلاف الفنان الكوميدي المباشر، يسعى إلى نشر نفسه وصوره واسمه بغض النظر عن المحتوى الذي تحمله هذه العلامات الشخصية. فأي مايكروفون وأي منبر يناسبه، مهما كانت المناسبة أو الموضوع الذي تتم مناقشته. هو نفسه موضوع أجندته وهدفها، أما المكان والزمان والموضوع المطروح فهي أمور هامشية بالنسبة إليه.

لقد عقدت هذه المقارنة كي أؤشر على بنية خطيرة وشائعة من بُنى التفكير لا تتوقف عن إنتاج تيارات وتوجهات مضرة وغير علمية ولا تستند إلى الحقائق، والتي تضلل الرأي العام في العالم العربي. وعلى الرغم من هذا التأثير الضار، فإن هذه البنية تجد دائماً البيئة المناسبة لنموها وتناسلها في ميادين مختلفة، سواء في عالم السياسة أو الأديان أو الاقتصاد أو الإعلام أو الحكومة أو القطاع الخاص أو المجتمع المدني أو حتى قطاع التعليم.

إن التفكير الوقوفي (أو على الواقف) هو فيروس ملعون لا يزال يصيب العقل الجمعي لتركيباتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على الرغم من أن العلاج معروف وواضح. العلم والمنطق والبحث والمعايير والإجراءات المدروسة والعلمية هي جزء من عملية التعافي، ضمن اعتبارات أخرى عديدة. ففي عام 2012، يجب أن يتم رفض بنية التفكير الميثولوجية الخُرافية التي تقبل بالتفسير الميتافيزيقي الماورائي للحياة اليومية، في سباقنا نحو الحريات الشخصية والمواطنة وحكم القانون. كما أن القرارات أو القوانين السياسية والاقتصادية غير المستندة إلى الحقائق والدراسات العلمية والمعرفية يجب أن تكون أمراً يخص الماضي فقط، إذا أردنا، كأفراد، أن نشارك في عمليات وحركات الإصلاح الجارية. علينا أن نرفض أسلوب التصريحات والمحاضرات والندوات ذات صبغة الدردشة الوقوفية (أو على الواقف)، أي الجاهلة وغير المستندة إلى المعرفة والحقيقة. وعلينا ألا نُبدي أي دعم لـ "أبطالها" الذين يسعون فقط إلى الترويج لأنفسهم.

ثمة حاجة ماسة، من جانبنا كأفراد وأعضاء في المجتمع الأوسع، إلى الوقوف في وجه جميع أنواع السطحية المباشرة "الوقوفية"، باستثناء الكوميديا المباشرة طبعاً. فالسياسات "الوقوفية"، والأحزاب "الوقوفية" وحتى مراكز الدراسات والبحوث "الوقوفية" ستقود مجتمعاتنا ومختلف بُنى دولنا إلى مزيد من حالات التدهور والتراجع والانهيار.

يجعلني رجائي قواس أضحك، أما الآخرون في هذه المقارنة فيدفعونني إلى البكاء.


* إعلامي وباحث في شؤون الأديان والثقافات





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع