زاد الاردن الاخباري -
بعد فرارهم بأرواحهم وهروبهم نحو الملاذ الآمن في الأردن، وجد اللاجئون السوريون أنفسهم في فم «غول» الغلاء وضيق ذات اليد، خصوصا أن الاعتراف الرسمي بوجودهم لم يرق حتى الآن إلى مستوى تصدي الأجهزة المعنية في الدولة والمنظمات المحلية والدولية لمسؤولياتها تجاههم.
عائلات وأفراد زحفوا بالآلاف نحو الأراضي الأردنية، بعضهم عبر الحدود بشكل رسمي، وقلة منهم عبروا الأسلاك الشائكة رغم ما انتظرهم من أخطار، فيما كان الرصاص رفيق بعضهم.
على الجانب الآخر من الحدود، وجدوا أنفسهم وسط مواطنين يعانون القلة أيضا، فتقاسموا معهم لقمة الخبز وغرف المنزل، فيما تجاهد قلة من الجمعيات الخيرية بإمكاناتها المحدودة لدفع بعض البؤس عنهم وإغاثة الملهوفين رغم ضيق ذات اليد.
نساء وأطفال وعجزة أو شباب مصابون ومعاقون غالبيتهم من درعا وحمص عبروا المنافذ الحدودية أو تسللوا عبر المناطق المفتوحة على جانبي الحدود هربا من القمع والترهيب تاركين خلفهم أعزاء وأقرباء تقطعت بهم سبل الاتصال.
عائلة أبو فهد القادمة من حي عشيرة في حمص واحدة من تلك العائلات، تقطن حي الحسين في مدينة المفرق وتسكن منزلا من ثلاث غرف تشاركهم فيهم أسرتان مع 6 أطفال بلا معيل غير ما تجود به الجمعيات الخيرية، ويدفعون أجرة تبلغ 110 دنانير لمنزل كانت لا تتعدى قيمة أجرته قبل موجة اللجوء وارتفاع الطلب على المنازل الخمسين دينارا.
بالقرب من منزل أبو فهد، تقطن أسرة سورية من زوجة وأطفالها الثلاثة بعد أن بقي الزوج في المستشفيات السورية نتيجة إصابته بعيار ناري في منزل تنازل صاحبه عن قيمة أجرته بشكل كامل في مشاهد تناقض مشاهد الاستغلال التي تواجهها بعض العائلات السورية.
ويروي اللاجئون السوريون قصصاً مؤلمة للغاية عن فرارهم، ويتحاشى أغلبهم ذكر اسمه أو السماح بتصويره حرصاً على أقاربهم الذين ما زالوا في سوريا خوفا من إجراءات انتقامية في حال عودتهم إلى ديارهم. تقول أم علي (33 سنة) من حي بابا عمرو في حمص ان زوجها دفع مبلغا طائلا كرشوة لتأمين وصولهم إلى الحدود الأردنية، حيث كانت حاملا وما لبثت بعد أن وصلوا الأردن أن وضعت توأمين ليصبح عدد أطفالها 4 أكبرهم في سنته الخامسة وأصغرهم توأماها بعمر الثلاثة شهور.
وتضيف أنها تعاني كثيرا في تأمين احتياجات التوأمين اللذين لا تكفيهما الرضاعة الطبيعية، ما يستلزم شراء أنواع معينة من الحليب المخصص للرضع، وهو غالي الثمن، ولا توفره الجمعيات الخيرية التي ترعى شؤون اللاجئين.
ويشير الشاب يوسف الزعبي من قرية المسيفرة شرق مدينة درعا إلى أنه فرّ من قريته مصاباً برجله نتيجة لعيار ناري أصيب به أثناء مشاركته بإحدى المسيرات، مضيفا أنه لن يتمكن من العودة إلى قريته لأنه مطلوب لدى الجهات الأمنية في سوريا.
ويتواجد اللاجئون السوريون بشكل رئيس في منطقتي المفرق والرمثا، فيما يتواجد أعداد أقل في مناطق جرش والسلط وعمان والكرك ومعان – حسب قائمين على بعض الجمعيات الخيرية - وتنشط لخدمتهم جمعيات تركز على إغاثة اللاجئين وتقديم الممكن من احتياجاتهم.
وبالقرب من منطقة رباع السرحان شمال المفرق وعلى بعد ثلاثة كيلومترات من خط الحدود الفاصل بين الأردن وسوريا، أقامت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية مخيما لاستقبال اللاجئين ما زال فارغا منهم حيث تم تجهيزه بالبنى التحتية اللازمة تمهيدا لبدء استقبال اللاجئين فيه.
صعوبة بالغة واتصالات عديدة سبقت السماح بتصوير ذلك المخيم الفارع الذي يمتد على مساحة بلغت نحو 30 دونما تمت تسويتها بخلطة إسفلتية محاطة بسياج شائك، ويحتوي خزانات مياه فارغة من المفترض حسب التقديرات الأولية أن يتسع لأكثر من 700عائلة.
وبحسب سجلات جمعية المركز الإسلامي، إحدى الجمعيات العاملة في حقل رعاية اللاجئين السوريين، فانه يوجد في الأردن نحو 2242 أسرة سورية تتوزع على مختلف محافظات المملكة، حيث يوجد في محافظة المفرق نحو 750 أسرة، اربد والرمثا 450، معان 130، الزرقاء 175، الكرك 80، العاصمة 278، مادبا23، عجلون 6، غور الصافي 350، ويقدر عدد الأفراد بنحو 10 آلاف فرد علما بأن هذه الأرقام تشمل المنتفعين من خدمات هذه الجمعية فقط.
وكانت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين قد حذرت من ارتفاع عدد الفارين إلى الأردن من أعمال القمع والعنف في سوريا، حيث يبلغ معدل الزيادة اليومي في أعداد هؤلاء اللاجئين ما بين 500-700 شخص، علما بأن السلطات السورية تمنع خروج الأسر بشكل جماعي عبر المنافذ الحدودية.
وكشفت المفوضية عن وجود تنسيق مع الدول المانحة لتفادي حدوث أزمة إنسانية على حدود الأردن الشمالية مع سورية في حال تفاقم الأزمة هناك، إذ أن التقديرات الرسمية تشير إلى وصول ما يزيد على 70 ألف سوري إلى الأردن منذ اندلاع الأحداث هناك.
وكانت الحكومة قد أعلنت مؤخرا جملة إجراءات للتخفيف عن السوريين الفارين إلى المملكة، فقد أعلن وزير التربية والتعليم عيد الدحيات في شهر كانون الأول الماضي قبول الطلبة السوريين الذين قدموا إلى الأردن بسبب الأحداث الجارية في سوريا في المدارس الحكومية.
كما أعلن وزير الصحة عبد اللطيف وريكات في السادس من الشهر الحالي أن الوزارة ستعمد إلى تقديم كافة الخدمات العلاجية والصحية للاجئين السوريين في الأردن مجانا شريطة حصولهم على وثيقة تسجيل من المفوضية العليا لشؤون للاجئين.
الدستور