زاد الاردن الاخباري -
ظاهرة غريبة، قديمة جديدة، صرنا نسمع عنها مؤخرا في الصالونات السياسية، والمثير أنها أصبحت معيار التقييم لدى البعض، فتسأل عن مسؤول كبير في الدولة، عن مهنيته أو عن أخلاقه فيقال لك:" هذا سكرجي، مافيه خير، الكاس ما بنزل من إيده"
لست أصوليا متشددا، ولكني أريد تذكيركم أن دين هذه الدولة، في دستورها، هو الإسلام، وأن الخمر محرم في الإسلام، وأن الخمر هي أم الخبائث، ويحرم تعاطيها بأي صورة كانت، شرباً، أو بيعاً، أو شراء، أو تصنيعاً، أو أي خدمة تؤدي إلى شربها، وهي تغطي عقل شاربها فيتصرف تصرفات تضر البدن والروح، والمال والولد، والعرض والشرف، والفرد والمجتمع، وهي تزيد في ضغط الدم، وتسبب البله والجنون والشلل والميل إلى الإجرام، وأن والسكر نشوة يغيب معها العقل الذي يحصل به التمييز، فلا يعلم صاحبه ما يقول، ومن أجل ذلك حرمها الإسلام وشرع عقوبة رادعة لمتعاطيها.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) (المائدة/90-91).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مُؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن". متفق عليه.
فكيف يعتلي المناصب من تشهد الناس عليه دائما أنه "سكرجي" وأنه لا يفلت "الكأس من يده" وأيهما أشد وأكثر ضررا على الأمة ومصالحها، مسؤول كبير يحمل جنسية أخرى، أم مسؤول كبير يشرب الخمر ويتباهى بذلك في الجلسات واللقاءات ويعتبر أنه يمارس عملا بطوليا ؟!؟
هناك من سيقول أن شرب الخمر و"السكر" هو حرية وسلوك شخصي، وأن هؤلاء الذين نتحدث عنهم يشربون الخمر في الأمسيات السعيدة والليالي المزدهرة بالفن والرقص والطرب، أو داخل بيته أو عند أصدقاءه، ولا يشربون الخمر في مكاتبهم أو أثناء تأديتهم وظائفهم، فنقول لهم صحيح، فيما يتعلق بالحرية الشخصية، وأنه لا يحق لنا الطعن في سلوك شخصي خارج الوظيفة ولكننا في ذات الوقت نذكر ان القرارات المهمة المؤثرة على الشعب والوطن قد يجري تداولها ونقاشها في تلك السهرات، وكذلك فالخمر تبقى عالقة في العقل والجسد أيام طويلة وتؤثر في السلوك والمزاج والشخصية وأن المسؤول "السكرجي" يذهب في اليوم التالي إلى مكتبه متثاقلا مصابا بالصداع وبمزاج "عكر" ليأخذ قراراته المتعلقة بحياة الناس ومعيشتهم، وإذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم قد قال بأن من يشرب الخمر لا تقبل له صلاة أربعين صباحا، فكيف بهذا المسؤول، يذهب في صباحه للمؤسسة الحكومية ليمارس عمله وما زالت الخمرة تلعب في رأسه!!
في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يَقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال. قيل : يا أبا عبد الرحمن، وما نَهْر الْخَبَال ؟ قال : نهر من صديد أهل النار. رواه الإمام أحمد والترمذي ، وقال : هذا حديث حسن.
ليتنا نسمع عن تشريع يحظر على المسؤول الذي يعمل في الدولة شرب الخمر علنا أو التأكد من أنه ليس "سكيرا" ولا "عربيدا" قبل أن يتولى المناصب العامة، وإني والله أشعر بالسخط الشديد حين أسأل عن أداء وقدرات وإنجازات مسؤول كبير في وطني الحبيب فلا أسمع سوى جواب: "إتركك منه، عالفاضي، هذا سكرجي".