في كل حصة صفية كان يقوم فيها المعلم بالشرح ، كثيرا ما كان يقوم بهز ( الرأس ) ليعطي إنطباعا له ( إنه فهمان ) وكلما تعمق المعلم بالشرح اكثر، زاد الهز وأشتدت الرقبة مدا للأعلى بشكل أكبر ، أيا كانت المادة الدراسية إنجليزي أو عربي أو رياضيات ف( الشب فهمان ) ، وحتى يتاكد المعلم إن الهز والشد في الرأس والرقبة هي إشارة صادقة للفهم منه ، بادره بسؤال مفاجئ ، إلا ان المفاجأة كانت ان الشخص ( الفهمان ) ، تبين أنه لم يسمع أو يرى المعلم حينما سأله السؤال كون عيونه فقط كانت مجرد أنها مفتوحة ورقبته مشغولة بالهز والشد أما عقله فغارق في نوم عميق الامر الذي حدا بالمدرس ليصرخ فيه ولكن لا حياة لمن تنادي مما أضطره لضربه ب(كف خماسي ) على خده الأيمن سمع صوت صداه في كل الغرفة الصفية ، ومنذ تلك اللحظة تعلم ( الشب الفهمان ) ان لا يهز رأسه أو يشد رقبته للامام أو الخلف في الصف إلا إذا كان ( فهمان صح ) ..!!!!!!
قصة ( الكف ) هذه ذكرتني باولئك الذين كانوا يجلسون بالعادة في الصف الأول من المسؤولين أو على ميمنتهم في اللقاءات و المؤتمرات الرسمية وخاصة الإعلامية التي تغطي النشاطات الحكومية ، ويمارسون رياضة هز الرأس و المد بالرقبة كعلامة بالإعجاب والقبول لما يعرضه دولته او معاليه او عطوفته من مشاريع أو برامج حكومية وفي حال جاءت نظرة من معاليه او عطوفته عليه أثناء هذا الشرح والتفصيل تكون حركة ووتيرة الهز بشكل أسرع ومد الرقبة يكون اطول وبمعنى آخر فأن ممارسة هذه هذه الرياضة تتناسب بشكل طردي كلما أرتفع شأن المسؤول المعني في الموضوع ، في حين إنه وبالنظر لما تكشف على أرض الواقع من بعض هذه المشاريع الحكومية والتي لست بحاجة لذكرها حتى لا يطول وصفها إلا إنها كانت بإختصار عبارة عن أرقام في عالم مليء بالأوهام أو من أحلام اليقظة التي سارت في مخيلتنا فقط وطارت بصانعيها ومبدعيها( أو سارقيها ) إلى طبقة الأثرياء العرب ، وما يعنيني أكثر في هذا الموضوع إن نتائجها هذه كانت عبارة أيضا عن ( كف خماسي ) قد ( أكلناه ) على خدودنا وما زال يسمع صوت صداه من الشمال إلى الجنوب ، والعتب هنا ليس على أولئك (السارقين) بقدر ما هو على أولئك البعض ممن كانوا يوصفون بمحللين ومستشارين وناشطين ومختصين ....لقد أوجعتمونا بهزكم ومدكم على مشاريع أوسعتموونا فيها هزا وشدا ومدا لنستيقظ مؤخرا بانكم كنتم في حينها إما (نائمين )أو (مستنومين) .....!!!!!!