زاد الاردن الاخباري -
أما آن لهذا الجسد المحتضر أن يشفى؟ أما آن للأردن الحبيب ان يخرج من مصائبه الصغيرة ويحظى بشخصية قيادية فذة خبيرة بالسياسة والإقتصاد والقوانين والتشريعات وحاجات المجتمع ومشاكله وآلآمه وأوجاعه؟ رجل له كلمة قوية صلبة وحاسمة في كل شيء، ينهض بهذا الجسد ويبعث فيه الأمل؟
حين تم تكليف الخصاونة، قلنا أنه الرجل "الجراح" المناسب في المكان المناسب، وحين قال البعض أنها "مصيبة" في البلد الذي يفتقد فيها رئيس الوزراء الخبرة الإقتصادية، قلنا أنه ليس عيبا فهو شخصية حكيمة تقدر أن تجمع حولها الناس والخبراء، وسيجد بدل الفكرة الواحدة، ألف فكرة قابلة للتنفيذ لحل مشاكلنا وأوضاعنا الإقتصادية المتعبة، ولكن المصيبة الأعظم، أنه قد مضى حتى الآن، أكثر من ثلاثة شهور على تكيلف حكومة الخصاونة بمهامها ولم ير الشعب، الجائع والمقهور، أية إجراءات أو خطط إقتصادية شاملة تبعث على التفاؤل.
هل يعجز رئيس حكومة أن يبدأ بتكليف العقليات الإقتصادية وخبراء الخطط التنموية، وأصحاب التجارب العملية التي أثمرت وتثمر في نهضة قطاعات استثمارية وصناعية وتجارية وزراعية وغيرها؛ أن يضعوا اليوم، جلّ ما لديهم من أفكار وخطط ومشاريع قيد البحث والدراسة، وتكليفهم بوضع مخطط إقتصادي محكم، طويل المدى، يأخذ على عاتقه دراسة مشاكلنا الكثير في كل قطاع، ووضع الحلول الممكنة والمفيدة، وإزالة العوائق فورا، وفتح الأبواب والتسهيلات التي من شأنها تحريك الأوضاع الإقتصادية؟ ما الذي يمنعه أن يباشر هذا القرار الآن؟ هل يُعقل أنه يظن أنه ليس لدينا خبرات قادرة ومؤهلة أن تبعث الحياة في هذا الجسد المحتضر؟ على رسلك يا دولة عون الخصاونة، إذا كانت هذه ظنونك.. فالمصيبة أعظم.
إذا كان السيد رئيس الوزراء، من تلك الفئة التي تعتقد أن الأردن لا يمكنه أن ينهض إلا من خلال المعونات والمنح والتبرعات، وان أقصر طريق لإسعاف وإنعاش الجسد المحتضر هو إقناع المتبرعين واستعطافهم بضرورة وأهمية دفع التبرعات قبل فوات الأوان.. فالمصيبة أعظم.
إذا كان رئيس وزرائنا، يريد أن يكون صاحب القرار في غرفة العمليات، لكنه يظن، أو سيقرر، أن العمليات الجراحية "المحلية" التي يمكن إجرائها للجسد المحتضر سوف تأخذ وقتا وسوف تكلف جهدا ومالا وأنها غير مضمونة النتائج وأن الأطباء المتوفرين غير مؤهلين وغير قادرين على معالجة أي عضو من اعضاء هذا الجسد.. فالمصيبة أعظم.
هل حقا لم ينجح الخصاونة، حتى الآن، في صراع الولاية العامة؟ سأقول له ملاحظة علّها تساعده على اتخاذ القرار المناسب، وهو أن الأجهزة الأمنية، إنشغلت خلال سنوات طويلة في صناعة المطبخ السياسي ووضعت كل تركيزها على الشؤون السياسية، وبغض النظر عن خطتها الحالية في الإنسحاب التكتيكي لصالح رئاسة الوزراء، لكنها لم تحاول، إرساء مطبخ إقتصادي ولم تكن لديها دوائر معنية ومختصة في الشأن الإقتصادي، فكانت هذه المهمة من إختصاص الحكومات المترهلة المتعاقبة، وتُركت للإرتجال والتخبط، ولذلك، فعلى الرئيس، الذي يريد ولاية عامة حقيقية، أن يبدأ بالإقتصاد، وبالتخفيف عن الناس في الضرائب وغلاء المعيشة، ويعالج مشكلتي الفقر والبطالة بكل الوسائل الممكنة، وأن يبدأ بجذب الإستثمار، وتقليص الهوة بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى تسريع مكافحة الفساد، من خلال خطة شاملة متكاملة، وهذه وحدها ستجعل الولاية العامة سهلة بين يديه، ولن ينافسه أجهزة امنية ولا غيرها، لأن الناس ينصتون إلى من يهتم بأوجاعهم الحقيقية ومن يجد لها حلولا ناجعة، ولا يعنيهم كثيرا حصص الأحزاب ومقدار التمثيل في مجلس النواب، بل ما يعنيهم، أن لا تبقى أيديهم ممدودة.. إلا لرب السماء بالدعاء.