زاد الاردن الاخباري -
خاص - إعتمد منهج الإخوان المسلمين، خلال الفترة السابقة، وصفة سأطلق عليها الأنفاق والجسور، فهم يحفرون نفقاً للوصول إلى السلطة.. ثم يخترعون جسراً لكسب تعاطف الشارع.
الأنفاق التي بدأ الإخوان المسلمون بحفرها، والتي تؤدي في معظمها نحو مبنى الرئاسة في الدوار الرابع، أو أبعد من ذلك، تمثلت في مخطط تصعيدي محكم، بدأ منذ تولي الدكتور معروف البخيت رئاسة الحكومة السابقة، حين تكشّف لهم، أن حراك ذيبان وإنطلاقة أول جمعة غضب أردنية في 14- كانون الثاني - 2011 بدونهم، وبدون مشاركتهم، قد بدأت تؤتي أُكلها، وحين اذهلهم إقالة حكومة الرفاعي، ثم سقوط مبارك، وتقدم إخوان مصر، جمعوا أوراقهم بسرعة وارتباك، ووضعوا مخططات "مشوشة"، واجهت خلافات بينهم في البداية، لكنها بدأت ولم تتوقف لغاية الآن.
قيل أن الإخوان لديهم علاقات خارجية متينة، لكننا لم نتأكد حقيقة من صحة علاقتهم "التمويلية" مع إيران، وهذا ليس موضوعنا، وقيل أيضا أنهم بدأوا علاقات مباشرة مع امريكا، وقدموا بعض التنازلات، ولكني أشك أن يجري أي من ذلك بدون علم الدولة الأردنية، أو من وراء أجهزتها المعنية، في مستوى متقدم، قد يجهلونه أو يعلمونه، ولكن على كل الأحوال، الأنفاق السرية التي حفرها الإخوان وصلت عتبة الدوار الرابع ووقف على باب الرئيس الخصاونة، لكن تكلفتها الشعبية كانت كبيرة، فقد خسرت الحركة التعاطف الشديد القديم من العشائر، وخسرت أيضا، خلال إنشغالهم بحفر الأنفاق من جهة والتصعيد من جهة، التعاطف الشعبي الأردني، الذي كان يظن، بشكل عام أنهم حركة دينية تسعى لكلمة الحق والدين وإعلاء كلمة الله في الأرض وتبين للناس أنهم مجرد حركة سياسية لها أهداف خارج سياق الدين، بعضها واضح ومعظمها مشوش وغامض.
بالطبع لم يكن امام الرئيس عون الخصاونة إلا أن يتودد للإخوان المسلمين، فهو يعلم، والجميع يعلم، ان الأنفاق التي تم حفرها، يمكنها ان تسقط أية حكومة والدليل سقوط حكومة البخيت، ولم يجد الرئيس بُداً من أن يبادر ليعرض عليهم المشاركة في حكومته، تلك التي يعلمون أنهم لا يستطيعون المشاركة فيها، لأن قواعدهم الشعبية سترفض ذلك رفضا قاطعاً، وستكون الخسارة مضاعفة، ثم عرض عليهم عودة حماس إلى الأردن، كورقة مزدوجة ترضيهم وترضي دول شقيقة، ثم أرسل لهم رسائل عديدة، علنية وشفهية، تطمئنهم على الإنتخابات البلدية والبرلمانية، ولم يكتف بذلك، بل حقق لهم، كما حقق للأردنيين جميعا بالطبع، ولا ننكر ذلك، تعزيز مكافحة الفساد، وحاول جاهدا أن يجعل من ولايته عامة مطلقة قدر المستطاع، أملا في إرضائهم تماما.
في هذه الأثناء، كان لابد من إستعادة ثقة الشارع الأردني، على الأقل النخب الأردنية كالمثقفين والإعلاميين وكذلك طبقات سياسية كالليبراليين واليساريين والقوميين، وهناك بدأ تخطيط "الإخوان" لإختراع الجسور، فأين تلتقي هذه النخب والطبقات؟ تلتقي تماما في منطقة المواجهة مع العشائر، وتلتقي أيضا مع توريط الأجهزة الأمنية، وتحميلها المسؤوليات، أية مسؤوليات ومن أي نوع، وقد ينتج عن ذلك أيضا تعاطف فئات أخرى من الشعب، حتى من العشائر نفسها، فجرى تخطيط الجسر وأُعلن عن بناءه، وانتقل الإخوان إلى المفرق.
لم يؤلمني تعاطف السياسيين من ليبراليين وقوميين مع الإخوان، سواء لجهلهم أو لتماشي وتوافق المصالح والأهداف، ولكن ما آلمني حقا، هو ظهور الشيخ زكي بن رشيد يتهم أجهزتنا الأمنية بالتنسيق مع الموساد، وآلمني أكثر أن "الإخوان" لا يعرفون إن كانوا مع فك الإرتباط أم ضده، وهل يعلمون أو لا يعلمون إن كانت مخططاتهم قد تؤدي أن يصبح الأردن وطنا بديلا أم لا، وآلمني أكثر أن يعود الرئيس الخصاونة، بعد كل هذا، ليتودد إليهم، وأوجعني حقا، أن أكبر حزب في الأردن، ينشط في بناء الأنفاق للوصول إلى السلطة وإحكام السيطرة عليها وتهديدها ويعبث ويخطط لبناء الجسور لكسب تعاطف الناس، لكنه لا يعرف لماذا يفعل ذلك، ولا يعرف ماذا يريد بالضبط، وإلى أين يتجه!!