زاد الاردن الاخباري -
خاص- أدّى صلاة الفجر، و خرج من منزله الفقير المتهالك إلى السوق، ليبدأ يومه كباقي الأيام، و يبيع حمولة عربته من الخضار، ليردّ ثمن البضاعة إلى أصحابها.
خرج متلفحاً بغطاءٍ مهترئ، يقيه برد ديسمبر القارس، يدفع عربته في الأحياء الفقيرة لسيدي بوزيد، ينادي بأعلى صوته علّه يجد من يشتري ليعود إلى منزله ببضع قروش تؤمّن لعائلته قوت اليوم.
مع اقتراب اليوم من نهايته، تقدّمت نحوه عنصر أمن، تدعى فادية، ظنّ أنها ستشتري منه، لكنها فاجأته بأن قلبت عربته و صادرت ميزانه، دون سبب. فما كان منه إلا أن توجّه -كأي مواطن مظلوم- إلى المركز الأمني، مطالباً باستعادة ميزانه الذي أخذ منه عنوة، إلا أنه قوبل -كأي مواطن مظلوم أيضاً- بالرفض و التوبيخ، حتى أن "فادية" قامت بصفعه.
هنا لم يحتمل هذا العربي الحر الإهانة، فاتّخذ قراراً بإحراق نفسه، فالنار التي في الجسد أهون من النار التي في القلب.
أشعل النار في جسده، و أشعل الثورة في سيدي بوزيد، ثم في أنحاء تونس، و في أنحاء الوطن العربي. فتحوّل من مجرّد بائع فقير معدم إلى شعلة أحرقت عرش بن علي، و امتدّت لتحرق كل دكتاتور ظالم، و كل سلطة قبيحة، و كل حاكم متجبّر.
اليوم, في الذكرى السنوية لشعلة الربيع العربي..
باسم الشهداء.. باسم الجرحى و المصابين.. باسم المفقودين و المعتقلين و المعذّبين.. باسم اليتامى و الأرامل و الثكالى.. باسم الأحرار.. باسم الشعب العربي..
شكراً البوعزيزي.. يعيّشك