زاد الاردن الاخباري -
تابعت الصحافة الاردنية باهتمام بالغ طوال الاسبوع الماضي ازمة البنك المركزي ونقاشات البرلمان للتعديلات الدستورية فيما تسلطت الاضواء على سلسلة الاعتصامات الشبابية التي تعترض على اهانات وجهها بعض النواب لقطاع الشباب بذريعة حداثة السن وضعف التجربة قبل ان تعود المسيرات والاعتصامات للشارع الاردني الجمعة لكن بدون صخب على ايقاع تعديل الدستور.
ولفتت المعركة التي جرت على خلفية ملف محكمة امن الدولة الانظار حيث نجح لوبي برلماني نشيط في تحقيق معادلة تمنع دسترة هذه المحكمة الخاصة، من دون ان تتمكن بنفس الوقت من الاطاحة بها تماما والغاء وجودها مما اعاد نصا دستوريا قديما يخصص خمس جرائم للمحاكم الخاصة، وهي المخدرات والتزييف والتجسس والارهاب.
وعلى ايقاع الصخب الاصلاحي ناقش نخبة من الكتاب العديد من الموضوعات والملفات، فالكاتب في صحيفة 'الدستور' باسم سكجها عبر عن الارتياح العام بعد حظر تولي المناصب المهمة على من يحملون جنسيات اجنبية وهو اجراء قال الكاتب انه من الطبيعي ان يغضب منه مزدوجو الجنسية وهم قليلون ولكنّهم مؤثرون ومتنفّذون، فازدواج الجنسية يعني ضمنا ازدواج الولاء، وتضارب المصالح. وحسب سكجها فمَن يحمل جنسية اخرى، غير الاردنية، يكون في داخله ضعيف الثقة ببلاده، وبمستقبلها، وهو اوّل مَن سيحمل ماله وعياله ويسارع لترك البلاد مع اوّل خطر، وبالتالي فلا يصحّ ان يكون مؤتمنا على مصالح الاردن، وفي مواقع متقدّمة من مراكز صناعة وصياغة واتخاذ القرار.
وقال الكاتب: المواطنة الاردنية فخر لصاحبها، وبالتالي فجواز السفر، المزين بشعار المملكة تاج يحمله الاردنيون على رؤوسهم، وهؤلاء فقط مَن يستاهلون ان يكونوا وزراء ومديرين وخفراء.
وفي صحيفة 'الغد' اتهم الكاتب والنائب جميل النمري صراحة حكومة معروف البخيت بالانقلاب على صيغة الانتخاب التي قررتها لجنة الحوار الوطني، وقال:
الفكرة الاساسية في النظام الانتخابي المقترح من لجنة الحوار الوطني هو: التمثيل النسبي للقوائم المفتوحة على مستوى المحافظات. ولم يتم التوصل لهذا المقترح صدفة! فقد بدا الاعضاء مثل اهل بابل ينطقون بلغات شتّى بدون رابط، ثم خلال ثلاثة اشهر من الحوارات المكثفة والمضنية جرت تصفية مختلف المقترحات على قاعدة تقدير السلبيات والايجابيات، وتقدير الاثر المنشود على الحياة السياسية والمشاركة، فتم الوصول الى ما رأت الاغلبية انه افضل البدائل واكثرها اقترابا من تلبية الاهداف المحددة للاصلاح المحددة في كتاب تكليف اللجنة.
امّا الان ـ اضاف النمري ـ فكان ثمّة نوايا انقلابية على مقترح لجنة الحوار والذهاب الى مقترح اخر هو العودة الى نظام 1989، مع تحديد عدد الاصوات للناخب بثلاثة؛ وهذا المقترح كان مازن الساكت قد سبق وطرحه في لجنة الحوار. وفي السياق نقل رئيس تحرير 'العرب اليوم' فهد الخيطان مخاوف سياسية من الا تحظى خطوة تاريخية كتعديل الدستور بالشرعية الشعبية اللازمة اذا ما اصرت الدولة على انجازها بسرعة وتجاهلت التحفظات المطروحة بشأنها. ولتجنب هذا المأزق برز في الساحة السياسية والنيابية اقتراحان: الاول يمكن وصفه بالجذري يدعو الى وقف مناقشة التعديلات الدستورية والتوجه فورا الى انتخابات نيابية مبكرة بقانون انتخاب مؤقت، على ان يتولى المجلس الجديد مراجعة الدستور وتعديله. الثاني اكثر واقعية من الاول، اذ يقترح انصاره الاكتفاء حاليا باجراء التعديلات اللازمة لقانون انتخاب جديد، وتأجيل التعديلات الاخرى للمجلس النيابي القادم.
كلا الاقتراحين جاءا في الوقت الحرج حيث يصارع مجلس النواب الزمن لاقرار التعديلات الدستورية قبل عطلة نهاية الاسبوع، ليتسنى بعد ذلك لمجلس الاعيان اقرارها بما تبقى من عمر الدورة الاستثنائية.
وكتب المحامي محمد الصبيحي عن التغييرات التي حصلت في موقعين مهمين هما رئاسة سلطة القضاء والبنك المركزي، وقال: اسباب التغيير في السلطة القضائية معروفة وواضحة لكل معني بعد تصاعد الاحتجاجات داخل الجهاز القضائي، ومحاولات تعيين اقل ما يقال فيها انها (غير منصفة) واثار التفكير فيها وعرضها على المجلس القضائي احتجاجا واسعا داخل الجهاز فاضطر رئيس المجلس الى سحبها، كما تنصل منها وزير العدل، الا ان تعيين الرجل الثاني في القضاء وهو المعروف بتوجيهاته ينبئ بتغييرات وتصويب بعض الاختلالات ودفع مسيرة التطوير في القضاء الى الامام، وقد لقي هذا القرار ارتياحا واسعا داخل السلطة القضائية.
اما بالنسبة للبنك المركزي فان الامر غير واضح ولكنه كمسألة تتعلق بالسياسة النقدية ذات الرسوخ الاستراتيجي فان تعيين نائب المحافظ مكانه ينبئ بعدم وجود تغيير في السياسات بل هو مؤشر على ثبات تلك السياسات، فيما يبدو ان الخلاف مع المحافظ السابق ليس خلافا على السياسات النقدية وانما هو خلاف على قضايا اخرى. وسأل الصبيحي: ما يفكر فيه الناس الان: هل جاء تغيير رئيس القضاء ومحافظ البنك المركزي مقدمة لتغييرات اخرى في الصف الاول؟ ام كان مجرد مصادفة فرضتها الضرورة في حينه؟
ولاحظ الكاتب محمد ابو رمان ان محافظ البنك المركزي المقال فارس شرف ربما اخفى شيئا لكن بالمقابل توضيحات الرئيس غير مقنعة مبدئيا، اذ لا توجد علاقة مباشرة بين الدور الاقتصادي لمحافظ البنك المركزي (سعر الصرف، سعر الفائدة والمعروض النقدي) بموضوع الاتجاه الليبرالي لشرف، كما جاء على لسان البخيت نفسه، وكأنّ هذه الصفة اصبحت تهمة، رغم انّ الاقتصاد الوطني محكوم بمبادئ وقوانين ليبرالية واضحة!
واذا كان الامر كذلك، واذا كان مصير من يتبنى الموقف'الليبرالي' هو الاقالة من مؤسسات الدولة! فلماذا يحتفظ الرئيس بفريق اقتصادي لا يتحدّث سرّا عن مواقفه الليبرالية في صالونات سياسية مغلقة، بل يتحدث عنها في العلن وخلال نشرات الاخبار الرسمية، ويقاتل داخل الحكومة لرفع الاسعار وتغيير سياسات الدعم وعلى رؤوس الاشهاد، وهذا الفريق هو المسؤول عن ترسيم سياسات الحكومة الاقتصادية، وليس محافظ البنك المركزي!
القدس العربي