زاد الاردن الاخباري -
كنا في السنين الماضية إذا علمنا بمرض أحد الجيران أو موت أحدهم قمنا بخفض صوت الراديو أو التلفاز، أو نطفئئهما تقديرا لمشاعرهم ومشاركتهم أحزانهم، وبعد أن تطور الحال وأصبح العالم قرية واحدة وبعد أن أنشأت الفضائيات التي جعلتنا نعيش وسط الأحداث ألا يجب أن نشارك جيراننا من البلدان أحزانهم ومصابهم تقديرا لمشاعرهم، فهناك آلاف الموتى والجرحى والجوعى والمعوزين وآلاف من البيوت المُدمَّرَة في فلسطين وسوريا والعراق واليمن وأفغانستان والصومال ...إلخ ، فليس من القيم الإسلامية والأخلاق العربية أن يردح الإعلام ليلا ونهارا وتقام الليالي الملاح ولا نشارك الناس مصابهم وأحزانهم ولا نقدر مشاعرهم، قنوات تنقل الأخبار والمآسي وقنوات أصبحت للغناء المبتذل والرقص والردح، وبلدان تقتلهم وتؤذيهم نيران الأسلحة وفي نفس الوقت بلدان تحتفل وتلعب بالألعاب النارية ! . ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) ) الحجر .
إن التفسير الحقيقي لتلك الحالة العجيبة نجدها في وصفي لحالة إنسان الكهف الذي كتبت حوله عدة مقالات، فأحد صفاته ( الإنسان المكتمل الحواس الفاقد للشعور والإحساس )، فإنسان الكهف هو ( الإنسان الحي الميت " ميت القلب " ، اليقظ النائم " نومة فكرية " ، المتعلم الجاهل " الجاهل بحقائق الأشياء "، المكتمل الحواس الفاقد للشعور والإحساس ) ، أي الحالة ونقيضها .
قال رسول الله ﷺ : ( ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورِّثه ) صحيح مسلم .
إن فصل مشاعر الناس عن بعضها البعض فكرة إبليسية صاغتها الشياطين في عقول حكام القهر والغلبة والطغاة، حتى تجد الشياطين مساحة عريضة للعب بقلوب الناس، فبعد ذلك تملأ الصدور بالأمراض والعلل الروحية كالبغضاء والحقد والحسد والغرور والكبر واستهواء الغيبة والنميمة، وهي أمراض وعلل تفسد وتخرب موازين العقل وتطمس البصائر وتغيب الوعي وتضيق الأفق والمدارك .
محمد عبد المحسن العلي- الكويت