زاد الاردن الاخباري -
لا أكاد أصدق هذا البحث المتعطش اللئيم للإستمتاع برؤية الدماء تسيل في دوار الداخلية، ولست أفهم سرّ الإصرار على الإشتباك مع مواطنين يعارضون الإعتصام في المناطق الحساسة التي تعطل الحياة اليومية، وكذلك البحث عن أية طريقة للمواجهة مع رجال الأمن، وأحاول أيضا أن أستوعب السبب الذي يدعو هؤلاء لتفتيت النسيج الإجتماعي الأردني وتقسيم الشعب عدة مرات ليختلفوا حولهم ومعهم وضدهم، ذلك التقسيم الذي لا يخدم سوى العدو الصهيوني ويخدم القلوب السوداء، تلك القلوب التي نعرفها ونعرف نواياها منذ رفضوا الإشتراك في أي نشاط سياسي إصلاحي من أي نوع، ولن ننسى لهم يوم رفضوا بشكل صريح المشاركة في أول اعتصام يوم الجمعة 14 كانون الثاني 2011، يوم أطلقنا عليهم اسم "قوى كانون البارد المظلم" فاختبأوا متربصين خائفين مذعورين في جحورهم، ويومها فقط، سقطت كل أقنعتهم، وظهرت حقيقتهم حين نجح الشعب وأقيلت الحكومة السابقة وبدأ الحوار الوطني ورفضوا أن يكونوا طرفا في كل أشكاله، وظلوا متأخرين خطوتين، فنحن ندعوا اليوم أن تجتمع كل الأحزاب والفعاليات الشعبية على كلمة واحدة بخصوص المطالبة برفع المقاعد القائمة إلانتخابية في القانون الإنتخابي الجديد، لكنهم يتقهقرون حاملين حقدهم ولؤمهم إلى دوار الداخلية في 15 تموز، كما أعلنوا، للبحث عن نقطة دماء واحدة يتباهون فيها أمام كاميرات الفضائيات التي تدعم مشروعهم الخبيث.
كيف وصلتم بنا إلى هذه المرحلة؟ كيف إستطعتم بمكركم ودهائكم وضعنا في مكان نظهر فيه كأننا نقاوم الإصلاح؟ وأين كنتم حقاً منذ عامين وأكثر ونحن نطالب بالإصلاح ونطالب بقانون إنتخاب يشتمل على التمثيل النسبي؟ ولماذا لم نجدكم معنا في كل مرحلة هامة ومصيرية بل كنتم تظهرون فجأة في الوقت والمكان الخطأ، لتنفيذ أهداف لا تعبر عنا وعن مطالبنا؟
عتبي ليس على قياداتهم الذين نعلم أن ولائهم المطلق لغير الأردن ويبحثون عن أية وسيلة لطعن الأردن في ظهره ثم خاصرته وصدره، بل العتب على الذين يصدقونهم ويصدقون أكاذيبهم حين يتقدمون الصفوف ويقفون أمام شاشات محطات الأخبار يصرخون ويتقافزون لتقديم تصريحات نارية، الحق في ظاهرها والباطل في مكنونها وأهدافها، العتب على الواعين من شعبنا الذين يصدقون أنهم يبحثون عن الإصلاح، ولا يعلمون أنهم مجرد دمى في يد الذين يكرهون الأردن ويحقدون عليه ويغارون منه ويسعون لتحطيمه، العتب موصول على كتاب وصحفيين يظنون أن الشجاعة هي التعاطف معهم، ولا يفكرون بالتساؤل عن أهدافهم في إختيار التوقيت والمكان، أو عن تخلفهم في الأيام المفصلية الحقيقية، وكذلك العتب على بعض شبابنا الذين يصنعون لهم قيمة بمحاولة منعهم من الإعتصام وكذلك على الحكومة التي تعطيهم من الحماية ما يجعهم يظنون أنهم أصحاب حق، وهم ولاة باطل أسود مقيت يقطر لؤما وحقدا وسادية وتعنتا، وإذا سألهم الشعب الأردني كله سؤالا واحدا، وبصوت واحد: لماذا دوار الداخلية تحديدا؟ ... أتحداهم أن نسمع منهم إجابة واحدة مقنعة؟!؟
هذه الرسالة لن تجعلهم يتراجعون إلى الساحات المخصصة لذلك، أو إلى أي مكان مفتوح يضمن عدم الإشتباك معهم، لكنها رسالة لوزير الداخلية مازن الساكت أن يضع خطة محكمة تتضمن تحويلات الطرق الرئيسية، المؤدية إلى الدوار، وتركهم هناك بدون أن يقترب مخلوق منهم، تركهم لوحدهم كوصمة عار في تاريخهم الأسود، يوما أو شهرا أو عاما، وليسجل التاريخ أنهم ذهبوا هناك، للقضاء على آخر فرصة للشعب الأردني يحظى فيها بقانون إنتخاب أو يحظى بإصلاح شامل، وأنهم جاءوا فقط للبحث عن الدماء التي يعشقون رؤيتها تسيل في شوارع عمان، مرة أخرى.