الشعب السوري هو الأولى بتضامننا
كاظم الكفــيري
لم تكن الاحتجاجات السورية التي بدأت منذ أكثر من أربعة أشهر سوى رجع صدى مدّوٍ لعشرات السنوات من الظلم والقهر والاضطهاد التي مورست بحق الشعب السوري ، وهاهو الشعب السوري ينتفض بعد سنوات من انسداد الأفق ، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً .
لا يمكن فهم حراك الشارع السوري الحالي بعيداً عن حالة اليقظة المشهودة الآن في كل مكان تقريباً ، لقد بدأت انتفاضة الشعوب العربية ضد الظلم والاضطهاد ومزارع العائلات الحاكمة ، والوضع السوري لا يشذّ عن القاعدة العامة التي بدأت في تونس الى مصر الى اليمن الى ليبيا .
موقف النخب الحزبية والنخب المثقفة ظللّ الشارع العربي أكثر مما ساهم في تحديد بوصلته بالاتجاه الحقيقي ، وهذا أكثر ما توضح في الموضوع السوري أكثر من غيره.
لقد وجد الكثير من المثقفين أنفسهم مُلزمين بموقف لا رجعة عنه وهو دعم النظام السوري حتى النهاية على قاعدة صديقك من صدّقك وليس على قاعدة صديقك من صدَقك ، ومن دون أن يتجشموا عناء نصحه بأن يتعامل بغير ما تعامل به نظامي تونس ومصر بخاصة ، وأن يستوعب الحراك العام المشروع والعادل ، والذي يعرف النظام أكثر من غيره أنها مطالب ليست وليدة اللحظة ولم تمليها أجواء الربيع العربي .
قيل ما هو اكثر من ذلك ، قيل أن الشعب المنتفض ليس لديه بديل وطني يقدّمه ، ونقول أن الشعوب العربية ليست عاقراً وهي تعرف كيف تبني مستقبلها ومستقبل أوطانها وكيف توصغ مشروعها في التغيير الديمقراطي والتقدم الاجتماعي ، الا اذا كانت هذه النخب تتعامل مع الشعب السوري في هذا الحال بمنطق الوصاية الفكرية والوطنية ، ولا يمكن بأي "تخوين" الملايين من الشعب في لصالح " تقديس" قلة تحكمت بمصير البشر والعباد ما يزيد عن الثلاثين عاماً .
ليس القبول في التدخل الأجنبي هو الوجه الآخر للموقف الذي ينحاز الى جانب الشعب في حريته وكرامته كما يتصور البعض ، ولا يمكن أن تحللّ الوقائع استناداً على هذه القاعدة ، رفض التدخل الأجنبي مرفوض عل قاعدة دعم القرار الشعبي في استعادة حقه في التعبير والتمثيل والعدالة الاجتماعية . وليسأل هؤلاء أنفسهم من هي الجهة التي تخلق الذريعة للتدخل الأجنبي في شؤون الأوطان ، أليست الأنظمة التي تدير ظهرها للشعوب المضطهدة وتقتل أي امكانية لديها في التقدم والتطور .
النخب الحزبية والمثقفة أضحت عاجزة عن قيادة الشارع بعد أن ظلّت الطريق ، وأبدت موقفاً متناقضاً بين ماحصل في دوار جمال عبد الناصر ( الداخلية) من سلوك بلطجي مُدان وبين ما يحصل في سوريا في امتهان لكرامة الناس واعتقالهم وجرّ الجيش الى مواجهة حقيقية مع الشعب بدلاً من أن يصوّب بندقيته الى كيان العدو الاسرائيلي . وبالتالي لا اعتقد أن هذه النخب ستجد مستقبلاً من يثق بخطابها وأن يحتضنه بسبب هذا الموقف الذي يتجرّد من أية حسّ تضامني مع الشعب السوري .