أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
نائب:مدارس أصبحت بريستيج. البرلمان العربي يدعو لفتح تحقيق دولي في جرائم المقابر الجماعية بغزة. 825650 دينارا قروض إعمار واستغلال الأراضي الزراعية. (زعيم الجمهوريين) : الاحتجاجات الجامعية حالة خطيرة. 71% من الأميركيين غير راضين عن تعامل بايدن مع حرب غزة. خطة لزيادة كميات الضخ المائي في الطفيلة خلال فصل الصيف ريال مدريد يُنكر صفقة مبابي. سيناتور اميركي ينتقد التعامل مع الاحتجاجات الجامعية الخطيب: القروض التي يحصل عليها الطلبة (قروض حسنة) إنشاء دوار جديد في إربد يثير الجدل .. والبلدية توضح 16.4% زيادة المستوردات الخاضعة للرسوم الجمركية خلال الربع الأول 30 جنديا إسرائيليا يرفضون أوامر الاستعداد لعملية رفح تعزيزات امنية حول المؤسسات اليهودية في العالم زراعة المفرق : اعتماد 5 محاجر بيطرية لتصدير الخراف للسعودية إيران تكشف عن أحدث مسيّراتها الوحدات: أمين الشناينة استمزج رأينا للعب معنا بعد القصف والتجويع .. وفاة طفلين في غزة نتيجة الحرارة الشديدة. التعليم العالي تستعد لإطلاق ملتقى أردني كردستاني في أربيل وزيرة العمل: حرصنا على تحفيز القطاع الخاص لتوفير فرص عمل للشباب من خلال البرنامج الوطني للتشغيل اعلام عبري: إسرائيل مستعدة للامتثال لكل مطالب حماس باستثناء إنهاء الحرب
الصفحة الرئيسية ملفات ساخنة التحرش الجنسي .. تأكيدات بـ"انتشاره"...

متخصصون اجتماعيون يؤكدون انتشار الظاهرة في المجتمع بنسبة %90

التحرش الجنسي .. تأكيدات بـ"انتشاره" وضحايا يفضلن الصمت خشية "الفضيحة" أو العقاب

05-05-2011 01:10 AM
الصمت على التحرش يشجع السلوك الشائن

زاد الاردن الاخباري -

 

غادة الشيخ ـ الغد / على الرغم من وجود قانون يستنكر التحرش الجنسي، والتطور الذي يشهده المجتمع الأردني، والحديث المستمر عن تعزيز منظومة الأخلاق وحماية حقوق الإنسان، إلا أنه ما تزال توجد ممارسات أقل ما يقال عنها إنها "شائنة" بحق المرأة، و"تنتهك" حرمة جسدها وتنغص عليها حياتها، يقوم أفراد بعضهم يستغل موقعه في الوظيفة.

ومن الممارسات المرفوضة دينياً وأخلاقياً واجتماعياً وفكرياً التحرش الجنسي "المنتشر" بصورة كبيرة في مجتمعنا، وفق متخصصين يؤكدون أن التحرش بأنواعه المختلفة من ممارسة فعلية إلى نظرة إلى كلمة "منتشر" بنسبة تصل إلى 90 % وخصوصا في "أماكن العمل".
وتؤكد فتيات تعرضن لـ"تحرش جنسي" أنهن يفضلن الصمت خشية "الفضيحة" أو ردود فعل الأهل، أو "خوفاً" من العقاب الذي سيتعرضن له من قبل من يقوم بهذا العمل بحكم موقعه الوظيفي أو لـ"عدم" قدرتهن على محاسبته.
إلى جانب النظرة "السلبية" التي يُنظر بها إلى تلك التي تتعرض لتحرش جنسي وتتقدم بشكوى.
ما هو التحرش الجنسي؟
يعرّف اختصاصي علم النفس الدكتور جمال الخطيب التحرش الجنسي أنه "أحد أنواع الكبت الجنسي الذي قد يؤدي الى أنماط متباينة من السلوك الجنسي منها التحرش والمثلية والمبالغة في العادة السرية".
ويرى أن الكبت وحده لا يكفي لتفسير أسباب التحرش الجنسي، مشيراً إلى وجود صفات معينة مشتركة بين من يقومون بهذه الفعلة، كعدم احترام حدود وحقوق الآخرين، فضلاً عن أنهم يعتبرون أن التحرش الجنسي "مباح لهم".
ويشير الخطيب أن المتحرش ليس بالضرورة أن يتحرش بالفتاة جسدياً، بل من الممكن أن يأخذ التحرش أشكالاً أخرى مثل "نظرة مسرفة تركز على مناطق معينة في جسدها".
بدوره، يفسّر اختصاصي علم الاجتماع الدكتور منير كرادشة التحرش الجنسي بأنه "واحد من أشكال العنف الجنسي".
ويشير أن الذكور في مراحل عمرية معينة مثل المراهقة "يتجهون أحياناً للتعبير عما يجول في داخلهم من مشاعر جنسية عن طريق التحرش"، مضيفاً أن هذا السلوك "قد يستمر معهم لأسباب معينة إلى مراحل عمرية" تستمر إلى ما بعد المراهقة.
فيما يعتبر اختصاصي علم النفس الدكتور محمد الحباشنة التحرش الجنسي "ظاهرة قديمة جداً"، عازيا أسباب انتشارها في المملكة إلى "محاولة المجتمع الأردني الانتقال من مجتمع محافظ إلى مجتمع غربي، إلا أنه لم يستطع المحافظة على قيم الماضي والحاضر معاً".

أسباب التحرش الجنسي
يعتبر الحباشنة العلاقة بين الذكر والأنثى "غير معرفة" في المجتمع، إذ إن علاقة الزمالة أو الصداقة أو الحب "غير واضحة"، ما يؤدى إلى اختلاط الصداقة بالحب، الأمر الذي قد يؤدي إلى لبس في فهم العلاقة وبالتالي "يسبب تحرشا جنسيا عمليا أو حتى لفظيا". 
وفيما يتعلق بمقولة إن الكبت الجنسي أحد أسباب التحرش، يرى الحباشنة أن هناك علاقة بينهما، "لكن لا يعد الكبت مبرراً لذلك السلوك. إذ إن هناك الكثير من المكبوتين جنسياً يفرغون طاقاتهم بطريقة غير مضرة ويعبرون عن رغباتهم بطريقة سليمة".
في حين يعزو اختصاصي علم النفس السلوكي الدكتور خليل أبو زناد وجود ظاهرة التحرش الجنسي في المجتمعات إلى "التربية الذكورية التي تغض النظر عن مثل هذه الممارسات".
ويعتبر أن مفهوم "الجنس عيب" في مجتمعنا سبب ردة فعل "عكسية" لدى فئات من الشباب جعلتهم يفرغون الكبت الذي في داخلهم على الفتيات المحرمات عليهم، مبيناً أن غياب الثقافة الجنسية "ساهم" في "ازدياد" ظاهرة التحرش الجنسي.
من جهتها، تعتبر التربوية رولا أبو بكر أن غياب الثقافة الجنسية للفتاة والشاب على حد سواء، وابتعاد الأهل عن تثقيف أبنائهم جنسياً، أدى إلى "ممارسات جنسية مغلوطة مثل التحرش الجنسي".
"فتربية الأبناء منذ الصغر على أن هناك مناطق في الجسم يحظر لمسها، يحد من اتجاه الشباب نحو التحرش، ويشجع الفتاة التي تتعرض لذلك السلوك الجنسي المرفوض على ردع من يتحرش بها وعلى البوح بصوت عال لأهلها"، وفق أبو بكر.
وتستشهد أبو بكر بممارسات يقوم بها الأهل تجاه أبنائهم في مرحلة الصغر مثل إغلاق التلفاز أو الانتقال إلى محطة أخرى في حال عرض مشاهد جنسية معينة حتى لو كانت بسيطة.
وتضيف أنه بدلاً من أن يطفئ الأهل التلفاز، في حال عرض مثل تلك المشاهد، "عليهم أن يشرحوا لهم ماذا يعني ذلك المشهد؟ وكيف يمكن أن يأخذوا حذرهم في حال حدوث شيء مشابه معهم في الواقع عن طريق إرسال المعلومات لهم بالتسلسل".
"الثقافة الجنسية لم تصل إلى بيوتنا في المجتمع العربي بعد"، وفق أبو بكر التي تشدد على أهميتها، "فغيابها يخلق حالة من الفراغ الذهني لدى الشباب قد يؤدي إلى توجههم لهذا النوع من الممارسات".

عوامل تساعد على التحرش الجنسي
يعتبر الحباشنة أن الذي يقوم بالتحرش الجنسي "غالباً" هو الذكر الذي لديه أكثر من تصور وتعريف للجنس، إلا أنه يرى أن الأنثى "قد تنقل رسائل غير دقيقة للذكر المحيط بها سواء في العمل أم في مكان الدراسة أم حتى في الشارع" تدفعهم لتلك الفعلة.
فكثير من الشباب يعتبر أن الفتاة التي تتكلم بلطف وذات مظهر خارجي لائق وتبتسم لهم خلال حديثها أنها "فتاة قابلة للعلاقة"، وفق الحباشنة الذي يضيف أن هناك عوامل أخرى تساعد على عملية التحرش الجنسي منها ما هو متعلق بسلوكيات الفتاة "السبور" أي تلك الفتاة المدخنة التي تخرج مع صديقاتها وتسهر، وترتدي ملابس جميلة، وتتحدث مع الذكور من دون خجل، فهذه تعتبر لدى بعض الشباب أنها "سهلة ويمكن التحرش بها".
لكن الحباشنة يضيف "لا يوجد ما يبرر حدوث تحرش جنسي من قبل الشباب حتى لو تواجدت تلك السلوكيات لدى بعض الفتيات"، معتبراً أن أغلب من يمارس تلك السلوكيات "هم أشخاص غير جذابين سواء في الشكل أم في الصفات أم في الثقافة أم من الناحية الاجتماعية والعملية، ويبحثون دائماً عن حالات حية تشعرهم بأنهم مرغوبون".

ألفاظ مهينة وملامسات للجسد وتهديد بالفضيحة في حال البوح
"تلحلحي"، بهذه الكلمة حاول مدير عمل فتاة، تبلغ من العمر 26 عاماً، لكسر صدها لإشاراته الجنسية عندما كان يطلب منها الذهاب إلى مكتبه وإغلاق الباب خلفها.
صد هذه الفتاة، التي تعمل في إحدى المنشآت السياحية، لمديرها "لم يردعه" عن "إعادة محاولته تلك أكثر من مرة"، على حد قولها بل أكدت أن مديرها "طلب منها تغيير نمط "ستايل" ملابسها المحتشمة، وارتداء تنانير أقصر نظراً لقوامها الذي يستحق أن يكشف عنه". وتؤكد أنها اضطرت، نظراً لصعوبة الحصول على وظيفة، السكوت على هذه الممارسات والتغاضي عن تلك الإشارات اللفطية التي كان يقوم بها مديرها مدة عامين كاملين، "حتى وصل به الأمر أن يطلب منها أن تقبله في صباح كل يوم وعدم الاكتفاء بصباح الخير"، مضيفة أنها قررت أن ذلك اليوم آخر يوم دوام لها في تلك المنشأة.
الحباشنة يصف هذا السلوك بـ"الابتزاز"، معتبراً إياه "أخطر" أنواع التحرش الجنسي، كونه مصاحبا لعناصر القوة والسيطرة بالنسبة للفاعل للتحرش.
وكشفت دراسة، أعدها فريق بحث من الجامعة الهاشمية لمصلحة برنامج دعم مبادرات تكافؤ الفرص للوكالة الكندية للتنمية الدولية حول أبعاد النوع الاجتماعي، عن "أن 14 % من النساء العاملات يتعرضن لتحرش جنسي لفظي، فيما يتعرض 0.7 % من العاملات لتحرش جنسي جسدي في مكان العمل".
فيما كشفت دراسة، أعدتها مؤسسة تابعة للاتحاد الأوروبي نشرتها قبل أسابيع، عن أن المرأة العاملة في كل من مصر والأردن وتونس "تعاني من التمييز على أساس النوع، فضلاً عن التحرش الجنسي".
طالبة جامعية تؤكد أنها "ما تزال خائفة"، وذلك بعد مضي ثلاثة أعوام على تحرش أستاذها الجامعي بها، حيث هددها بأنها وفي حال تقدمت بشكوى "فستنقلب الأمور على رأسها".
تقول الطالبة إنها ذهبت صباحاً إلى مكتب أستاذها الجامعي لتطلب منه إعادة الامتحان بالمادة التي يدرسها، لكنه "رفض" مقابلتها، بحجة انشغاله، حيث أصر على مجيئها في وقت العصر بعد انتهاء مواعيد المحاضرات.
تضيف ذهبت ويدي على قلبي بأن يرفض إعادة الامتحان النهائي لي، لكن خوفها ذلك الذي ينم عن ذهن بريء لم ينطلق عنانه الى أبعد من ذلك، خانها ووضعها تحت وطأة خوف ما تزال تشعر به حتى الآن بعد مضي ثلاثة أعوام على تخرجها.
وتتابع، خوف كبير اعتصرني عندما اكتشفت أن هذا الأستاذ الذي أعتبره قدوة لي، "نظر إليّ كفريسة ضعيفة، بل بدأ ينهش زوايا جسدي".
وتؤكد الطالبة الجامعية أنها وببساطة لم تفكر للحظة أن تقدم شكوى ضد أستاذها، خشية منه، وخوفاً من أن تنقلب الأمور عليها، وخصوصاً "بعد أن هددها، بعد أن ردعت تحرشه بواسطة الكتب التي كانت تحملها، أنها وفي حال تقدمت بشكوى فستنقلب الأمور على رأسها".
وفي نفس السياق، يعتبر الحباشنة أن الدراسة التي أعدت مؤخرا في الجامعات الأردنية والتي كشفت عن أن قضايا التحرش الجنسي فيها تبلغ ما بين 1 %  و2 % "غير دقيقة"، مؤكداً أن النسبة الدقيقة، بحسب وجهة نظره "هي ما بين 60 % و80 %".
وأشار أن نسبة التحرش في أماكن العمل "تصل إلى 90 %، حتى لو كان التحرش لفظياً أو عن طريق إيماءات بسيطة".
أما العشرنية (س. ن) فتؤكد أنه وحتى هذا اليوم "لا تنسى" ما حدث معها قبل عشرة أعوام، عندما ذهبت وحدها لإحدى العيادات الطبية المجاورة لمنزل ذويها، بهدف استشارة طبية ملحة نظراً لسعالها الشديد.
تقول ذهبت بعد الساعة السابعة مساء إلى تلك العيادة، حيث كانت سكرتيرة الطبيب غادرت، فوجدت الطيبب وحده، حيث قام بإدخالها إلى غرفة الكشف، وأغلق الباب خلفه، ثم بدأ بفحصها بأماكن في جسدها ليس لها علاقة بمكان الألم، فضلاً عن طريقته "المنفرة" في لمس أماكن معينة في جسدها بحجة الفحص. تضيف الفتاة شعرت بأن جسدي "ينتهك بطريقة سافرة يرافقها مداعبات لفظية غير مبررة"، الأمر الذي اضطرها الى مغادرة العيادة بسرعة، متذرعة بأنها نسيت أضواء سيارتها مضاءة.
وتؤكد أنها تشعر اليوم بالندم لـ"عدم" تقديمها شكوى بحق الطبيب، مشيرة أن الخوف من "الفضيحة" منعها البوح بما حدث لها حتى لأهلها.
ما سكتت عليه هذه الفتاة لم تسكت عليه طالبات في الجامعة الهاشمية، قمن مؤخراً بكسر حاجز الصمت، وكشفن عن ما يتعرضن له من تحرش لفظي ونظرات مسرفة وعبارات ثقيلة من قبل أشخاص في حافلات النقل العام.
هؤلاء الطالبات طالبن، من خلال رسالة وجهنها إلى رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي، بـ"إيجاد" حل لمشكلتهن التي يعانين منها منذ أعوام، مؤكدات أنهن يمضين نحو 3 ساعات في رحلة الذهاب للجامعة، مع أنها لا تحتاج إلى أكثر من ساعة واحدة فقط.

صعوبة إثبات البينة يساهم في تفاقم المشكلة
رئيسة جمعية "ضحايا العنف الأسري" المحامية ريما أبو حسان تقول إن مشكلة التحرش الجنسي تتمثل في "صعوبة إثباته"، خصوصا عندما يحدث في مكان لا يوجد فيه شهود عيان، الأمر الذي يصعب على الفتاة التي وقع عليها فعل التحرش إقامة البينة.
وأشارت أن القانون الأردني فسر التحرش الجنسي تحت باب "فعل مناف للحياء"، لكن المشكلة هي تكييف هذا الفعل في حال وقوعه وإقامة البينة عليه.
ومن أسباب عزوف الفتيات عن تقديم شكوى في حال تعرضهن لأي نوع من أنواع التحرش، "الأعراف المجتمعية والعامل العشائري"، وفق أبو حسان التي تقول إنهما يساهمان في تردد الفتاة وعزوفها عن تقديم شكوى لدى الجهات المختصة حتى لو وجد دليل قاطع على فعل التحرش.
وبينت أبو حسان أن جمعية "ضحايا العنف الأسري" تستقبل شكاوى من سيدات يستفسرن عن حقوقهن في حال تعرضهن لعنف جنسي، لكن لا يرغبن في التبليغ عنه أو الشكوى لدى الجهات المختصة، مشيرة أن الجمعية ترشدهن للجوء إلى القضاء وتساعدهن في حال قررن ذلك. 
ومن الحالات التي لجأت إلى الجمعية، فتاة كانت تتدرب في مكتب محاماة "تعرضت لتحرش جنسي لفظي مباشر من قبل المحامي الذي كانت تتدرب لديه، فتقدمت بشكوى خطية للجمعية التي وجدت لها مكتبا آخر للتدريب لصعوبة إثبات فعل التحرش لغياب الشهود"، وفق أبو حسان.
فيما تعتبر المحامية إلهام الشوّا، التي تعمل باتحاد المرأة الأردنية، أن لجوء نساء يتعرضن لمختلف أشكال العنف مثل التحرش الجنسي إلى الاتحاد، "دليل قاطع على الخوف من تقديم شكوى قانونية".
وتوضح أنها تقدم استشارة قانونية للمشتكية حول كيفية تسجيل شكوى قانونية ضد المتحرشين بها جنسياً، حيث تقدم لها الخيارات وليست الحلول، مشيرة أن الكثير من اللواتي يتعرضن للتحرش "يعزفن" عن تقديم شكوى نتيجة للتنشئة الأسرية التي تعتبر الحديث عن الجنس من المحرمات.
من جهتها، تشير نائب المدير العام لاتحاد المرأة الأردنية مكرم عودة أن خط الشكاوى لدى الاتحاد يستقبل العديد من الشكاوى التي تتعلق بالتحرش الجنسي، إلا "أن ثقافة العيب والصمت التي تنهش المجتمع العربي والأردني على وجه الخصوص يعيق من محاسبة ومعاقبة المتحرش، ما يشجعه على مواصلة سلوكه المشين".
وتبين عودة أنه أطلق العام 2004 حملة "لكي لا يكون الصمت لغتي" شملت شقين، الأول اجتماعي ذو طابع توعوي لطالبات المدارس للفئة العمرية ما بين 14 و17 عاماً، يتعلق بخصوصية الجسد وكيفية الدفاع عنه.
ورافق هذا الشق توزيع استمارات على الطالبات من دون ذكر أسمائهن، لمعرفة إذا ما تعرضن لتحرش جنسي، وفق عودة التي أكدت أن النتائج  أظهرت أن نسبة التحرش بالفتيات في ذلك العمر "عالية جداً".
فيما تمثل الشق الثاني للحملة الجانب القانوني، الذي طالب بتفعيل القوانين والعقوبات وقانون الأحداث.

الصمت على التحرش يشجع السلوك الشائن
صمت المرأة على التحرش، وعدم البوح بما تعرضت له من سلوك سببه "الخشية من الفضيحة"، وفق كرادشة التي بينت أن المرأة تفضل السكوت والصمت على التحرشات الجنسية، وخصوصاً إذا كان المسؤول عنها صاحب العمل حتى "لا تفقد" وظيفتها ودخلها المادي الذي يكون مصدرها الوحيد لتأمين لقمة العيش.
من جهته، يرى الحباشنة أن الضحية إذا ما اشتكت لأهلها، فإنهم في كثير من الحالات "يلقون اللوم عليها وعلى لباسها وعلى طريقة حديثها".
ويعزو أسباب ذلك إلى المجتمع الذكوري الذي تعيش فيه الفتاة العربية، حيث يمنح الذكر الضوء الأخضر بأن سلوكه تجاه المرأة صائب مهما كان نوعه.

الآثار النفسية المترتبة على الفتاة المتحرش بها
في كثير من الحالات تحمل الفتاة المتحرش بها جنسياً نفسها اللوم، بحسب ما تشير إليه الاختصاصية النفسية في اتحاد المرأة الأردنية ديالا هلسة التي تقول إن ذلك يؤدي إلى "حالة انطواء عام وعزوف عن التفاعل الاجتماعي حتى مع أفراد البيت نفسه".
لذلك، فإن عملية علاج الفتاة المتحرش بها لا تكون بين يوم وليلة نظراً لحالة الاضطراب التي تصيبها والتي تأخذ أشكالا مختلفة، وفق هلسة.
أما أبو زناد، فيعتبر أن التحرش الجنسي يسبب في كثير من الأحيان عقدة نفسية للمتحرش بها وخصوصا لدى تعاملها مع الجنس الآخر، إذ تتحول في كثير من الحالات إلى "فوبيا الجنس الآخر"، فضلاً عن خلل في الشخصية.
أما الخطيب، فترى أن التحرش يصيب الضحية بالكآبة، فتعزف عن التفاعل مع المحيطين بها، وتشعر بعدم الأمان، وذلك بعد أن انتهكت خصوصيتها، واعتدي عليها.
فيما يشير الحباشنة إلى أن الآثار النفسية للمتحرش بها تكون على شكل اكتئاب شديد واضطرابات في الشخصية مثل ضعف الثقة بالأفراد، إضافة إلى التعميم في الحكم على الآخرين لا سيّما الجنس الآخر.
أما فيما يتعلق بالحياة الجنسية للمتحرش بها، فتكون آثارها شبيهة بـ"الكوارث" فضلاً عن أن الحياة العملية تتحول إلى "جحيم" لأنها لا تستطيع العمل بالكفاءة  المطلوبة بسبب خوفها من المحيط، على ما أضاف الحباشنة.

تفعيل دور الإعلام وتشديد العقوبات على المتحرشين    
المساهمة في الحد من هذه المشكلة تقع على عاتق الإعلام، بحسب أبو حسان التي دعت الإعلام إلى أن يقوم بدور توعوي في هذا الموضوع من خلال  التطرق لقضايا العنف الجنسي ومنها التحرش، وعرضه على أساس أنه فعل مجرّم لا يجوز السكوت عليه، وأنه فعل مخالف للقانون.
كما تدعو الحكومة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة فيما يتعلق بقضايا العنف الجنسي مثل وضع ميثاق شرف لهذه القضايا، إضافة إلى وضع لوحات إرشادية في أماكن العمل كنوع من أنواع التوجيه غير المباشر لصاحب العمل مثلاً بأن قيامه بهذا النوع من السلوكيات هو غير مقبول قانونياً، الأمر الذي يخلق سلاحا للمرأة العاملة.
وتطالب أبو حسان أن تستقبل أقسام المرأة في وزارة العمل بشكل رسمي مثل تلك الشكاوى من النساء العاملات، إضافة إلى تشديد المراقبة على المنشآت التي يتكرر فيها ذلك النوع من الشكاوى، فضلا عن توفير مكاتب تتلقى الشكاوى في الجامعات والنقابات المهنية.
كما أكدت ضرورة إعادة النظر بمجالس التأديب في الجامعات والعمل على تعديل الإجراءات التأديبية فيها.
من جهته، يقول الحباشنة "لدينا قانون عقيم فيما يتعلق بالتحرش الجنسي للفتيات"، مضيفاً أنه وبالرغم من وجود قانون يستنكر التحرش الجنسي إلا أن تطبيقه وآلياته معقدة، فضلاً عن أن بعض رجال الأمن ينظرون إلى الفتاة التي تتقدم بشكوى لتعرضها لتحرش جنسي بشكل "سلبي".
ويشدد على ضرورة وضع قانون جازم وحازم وصارم إضافة إلى تعديل أشكال تقديم شكاوى العنف الجنسي وتعديل إجراءاتها الشكلية، وذلك للحد من ظاهرة التحرش الجنسي.
ويدعو إلى كسر الصمت لدى الفتيات اللواتي يتعرضن لتحرش جنسي، والعمل على إطلاع الأهل أولاً بأول بما يحدث حتى تلقى التعاطف منهم، وليس الردع.

رأي الشرع بالتحرش الجنسي
السعار الجنسي الذي يقتات عليه العالم اليوم، بحسب ما يشير إليه أستاذ الشريعة الدكتور منذر أبو زيتون يدفع بعض الشباب إلى التحرش بالفتيات طمعاً في اتصال حرام بهن، "ولو نظر هؤلاء إلى النساء وإلى الفتيات على أنهن أخواتهم، ما تطاول أحدهم عليهن، فما لا يرضاه الرجل لأمه أو لأخته أو لابنته لا يرضاه الآخرون لأمهاتهم ولأخواتهم ولبناتهم".
المؤسف هو ما يقوم به الخطاب الاجتماعي اليوم من ربط موضوع حقوق المرأة وحريتها بدعوتها لتزاحم الرجال في كل مكان، وكأن المرأة لا تحظى بحقوقها، إلا إذا كسرت كل الحواجز بينها وبين الرجل، وفق أبو زيتون.
ويقول إن الكل يعلم أن الله قد وضع في نفس الرجل ميلاً عارماً تجاه المرأة، وتواجدها معه في كل مكان وفي كل ظرف يساهم في تحقيق ذلك الميل، ولو بطريقة غير مشروعة، إذ يستجيب الناس لشهواتهم لما تحدثه من ضغط كبير عليهم خصوصاً إذا ضاقت أبواب الحلال.
وبالنسبة لمعالجة التحرش، يعتبر أبو زيتون أن ذلك يكمن في أمرين اثنين شرعهما الله تعالى وهو أدرى بخلقه، وهما: احتشام المرأة وغض الرجل بصره، بهدف حفظ النفس من الوقوع في الخطأ.
ويؤكد أنه ولتحقيق ذلك لا بد من تقوية وازع الإيمان والأخلاق في نفوس الناس، وهذا أمر لا بد وأن يكون في صلب التربية في مختلف مراحل الحياة.

 





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع