زاد الاردن الاخباري -
لارا أحمد - تعد لوحة "طفولة محاصرة" أحد أضخم الأعمال الفنية في غزة، إذ يبلغ ارتفاعها 20 متراً وعرضها 14 متراً تقريباً، في إشارة إلى حجم المعاناة التي تعيشها الطفولة في القطاع، فقد أدرك رسامو الغرافيتي الغزيون أن لوحة صغيرة لن تكفي للفت انتباه المسؤولين عن القطاع الذين عُميت قلوبهم قبل أعينهم وحادت بوصلتهم عن المشاكل الحقيقية للمواطن الغزي الذي لا يفكر إلا في مستقبل أبنائه في ظل الأوضاع المأساوية المريرة التي ترافقهم في جميع النواحي الصحية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية.
طفولة محاصرة
يختصر عنوان اللوحة، مأساة الطفولة في القطاع، إذ وبمجرد أن يولد الطفل الغزاوي ويرد على أرض فلسطين الجملية حتى يجد نفسه في صراع لا ناقة له فيه ولا جمل، فما بين الحصار الذي يفرضه الاحتلال منذ زهاء 12 سنة وما بين سياسات حماس، لا يبقى لهذا الطفل المسكين أي أمل يتمسك به طمعاً في صحة جيدة وتعليم جيد ومستقبل جيد كأقرانه في بقية دول العالم.
الإنترانت تكشف حجم المعاناة
لقد تحولت الإنترانت إلى خطر حقيقي على الأنظمة الفاشلة التي لا تجيد اختيار أولوياتها، فقد أصبح المواطن البسيط اليوم قادراً على الاطلاع على العالم من حوله ومقارنة وضعه بوضع بقية الشعوب من حوله.
الجيل الجديد والذي كانت حماس تعده خزاناً مستقبلياً لتواصل سطوتها على القطاع نظراً لسهولة إقناعه أضحى اليوم عصياً على الاستقطاب بعد أن أدرك أن حياته التي يحياها تحت إشراف هذه الحركة ليست بالحياة الآدمية، فأقرانه في الدول الغربية وحتى في الضفة الغربية يتمتعون بحقوق لا يملك هو نفسه أن يراها في المنام لا أن يختبرها في الحقيقة.
على عكس الجيل السابق، فإن هذا الجيل يدرك تماماً أنه يستحق حياة أفضل ومستقبلاً أكثر إشراقاً، فشعارات التضحية في سبيل المقاومة ليست سوى منومات تكررها السلطة في كل وقت وحين لتبرر فشلها، لا سيما وأن الأموال الطائلة التي تنفق على التسلح قادرة على تغيير واقع القطاع بالكامل.
حركة حماس المتهم الرئيسي
أغلب المسيرين لحركة حماس ينتمون إلى الجيل القديم الذي لم يبقى له في هذه الحياة الكثير ولا يملك من الأهداف المستقبلية ما يذكر وهو ما يفسر سر تجاهل حماس لتطلعات الجيل الصاعد الذي على عكس الحمساويين يحلم بغزة معاصرة بخدمات محترمة وبنية تحتية جيدة وبفرص عمل، ففيما تسارع حماس إلى عقد صفقات سلاح وبناء أنفاق استعداداً لمواجهة جديدة مع قوات الاحتلال، تزيد القطيعة بين شباب غزة وبين السلطة التي لا تلقي بالاً لمعاناة المواطن الغزي البسيط.
لا يملك أتباع حماس من الجرأة ما يكفي ليزايدوا على شباب غزة في وطنيتهم وانتمائهم لقضيتهم الإنسانية، خاصة وأن كبار حماس على غير ما يدّعون من زهد في العيش يسكنون قصوراً فارهة ويستقلون سيارات حديثة بفضل المساعدات الطائلة التي يتلقونها من كل حدب وصوب من أكثر من جهة.
هذه الازدواجية لدى حماس لا زالت إلى اليوم تثير حفيظة الغزيين الذين فقدوا ثقتهم الكاملة في مصداقية هذه الحركة التي لا تغدق إلا على منتسبيها ولا تهتم لا لأوجاع أطفال غزة ولا لأحلامهم التي سلبت دون ذنب اقترفوه.