أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
طقس العرب يُحدد مناطق تساقط الأمطار ويُطلق تحذيرات حماس وفتح يعقدان محادثات مصالحة في بكين رقم صادم .. الأمم المتحدة تكشف عن الوقت اللازم لإزالة الركام من غزة مقتل 4 يمنيين باستهداف أكبر حقل للغاز في كردستان العراق. القيادات الأمنية والسياسية تؤيد المقترح المصري ونتنياهو يرفضه أنقرة: استهداف الرئيس ينم عن الحالة النفسية لحكومة إسرائيل. مقتل خمسيني بعيار ناري بالخطأ في الكرك. 10 إصابات إثر حادث تصادم بين مركبتين في جرش. الأونروا: طفلان توفيا بسبب موجة الحر في غزة الأونروا: المعلومات التي قدمتها إسرائيل ليست كافية بتورط موظفينا في 7 أكتوبر. النجار: الشباب جزء محوري بتطوير المشروع الثقافي الأردني. الوحدات يفوز على شباب الأردن في دوري المحترفين تمويل فرنسي لخط كهرباء يربط المغرب بالصحراء الغربية. لابيد: الجيش الإسرائيلي لم يعد لديه ما يكفي من الجنود. اغتيال القيادي (مصعب خلف) في غارة جوية. رصد 3 صواريخ جنوب غربي المخا باليمن. وفاة طفل غرقاً في منطقة العالوك بمحافظة الزرقاء إصدار الحكم في دعوى نيكاراغوا ضد ألمانيا بشأن غزة الثلاثاء. قصر (بكنغهام) يتحضر لجنازة الملك انخفاض الرقم القياسي العام لأسعار أسهم بورصة عمان
الصفحة الرئيسية أردنيات "السمسرة الطبية": جدل واسع وإشاعات حبيسة في...

"السمسرة الطبية": جدل واسع وإشاعات حبيسة في الغرف المغلقة

17-12-2010 11:36 PM

زاد الاردن الاخباري -

وجدت دائرة الإفتاء العام نفسها مضطرة للدخول في جدل، يدور عادة في "الغرف المغلقة"، ويتداوله بكثافة مواطنون، وبعض المعنيين في القطاع الصحي، ويتناول أحاديث واتهامات و"اشاعات" عن تلقي بعض الاطباء ومقدمي الخدمة الطبية عمولات مقابل إرسال مرضى لمختبرات او صيدليات او مراكز أشعة معينة!

تلقي عمولات من بعض الاطباء او مقدمي الخدمة الطبية مقابل إلزام مرضى بجهات محددة يدخل في باب "السمسرة"، التي يجمع نقابيون ورسميون ومواطنون على "عدم قانونيتها او أخلاقيتها"، فيما ذهبت دائرة الإفتاء العام ابعد من ذلك، عندما حرمتها، وأكدت على عدم جوازها دينيا.

ورغم تداول معلومات وأخبار و"اشاعات" عديدة حول لجوء بعض الاطباء ومزودي الخدمة الطبية الى نظام "السمسرة"، فان مثل هذه الأحاديث والمعلومات والأخبار غير الرسمية تبقى حبيسة "الغرف المغلقة"، ولا تصل - كما يبدو من خلال استطلاع رأي جهات رسمية ونقابية معنية – الى القنوات الرسمية كشكاوى رسمية، ما يمكن حينها من معرفة حجم انتشارها وطرق التصدي لها.

ومع ذلك، فان هذه الأحاديث والاتهامات للبعض لا تقتصر على مواطنين ومرضى، بل يؤكدها ويتحدث فيها عدد من الاطباء ومن عاملين ومعنيين في القطاع الصحي، لكنهم يؤكدون - في الوقت ذاته- انها تبقى "حالات محصورة، ولا تعكس الوضع العام عند غالبية الاطباء ومزودي الخدمة" من صيدليات ومختبرات ومراكز أشعة وشركات أدوية.

دائرة الإفتاء أصدرت قبل أشهر قليلة فتوى تحرم فيها "تقاضي الاطباء عمولة من صيدلية او مختبر أو مركز أشعة، مقابل توجيه المرضى الى تلك المراكز الطبية"، وأكدت من خلال فتواها أن ذلك التصرف "غير جائز، ولا يليق بمهنة الطب الهادفة الى خدمة الإنسانية".

فتوى الدائرة جاءت إجابة منها عن سؤال لمواطن، استفتاها حول "ان كان يجوز لطبيب اخذ عمولة من صيدلية او مختبر او مركز أشعة، مقابل توجيه المرضى الى تلك المراكز الطبية؟ (خاصة وانه) في حال رفضت تلك المراكز دفع العمولة، فان الطبيب سيوجه مرضاه الى مراكز اخرى".

مضمون هذه الفتوى الشرعية يشير الى معاناة مواطنين وأصحاب صيدليات ومراكز طبية من ممارسات لبعض الاطباء ولبعض المراكز والصيدليات، التي تلجأ الى اقامة مثل هذه العلاقة "غير الشرعية او القانونية".


سمسرة من دون تردد!

مندوبة "الغد"، وعلى اثر ورود معلومات "غير رسمية" من لجوء احد الاطباء في عمان لإلزام مرضاه بالحصول على صور الأشعة والفحوص المخبرية من احد المراكز الكبرى، بادرت الى مراجعة هذا الطبيب، ، بحجة معاناتها من آلام في الصدر، ليطلب منها صور أشعة وبعض الفحوص المخبرية من أحد المراكز بدعوى انه جيد، وصوره وفحوصاته اكثر دقة.

المريضة "المفترضة"، أي مندوبة "الغد"، لجأت الى اجراء ذات الصورة والفحوص المخبرية من مركز طبي آخر، لتفاجأ برفض الطبيب المعني اعتماد نتائج هذه الفحوصات، وتذكيرها بأنه طلب منها إجراءها في المركز المعني!

اما ربة المنزل أسماء أيوب (49 عاما) فلم تكن تدري أن طبيبها المعالج، الذي تقصده باستمرار، عند إصابتها بوعكة صحية، بأنه لا يتعامل معها كمريضة، بل كـ "زبونة"، يكسب من خلال زيارتها،اضافة الى كشفيته، عمولة من إحدى الصيدليات.

وتقول أسماء انها اكتشفت ذلك عندما لاحظت في احدى زياراتها للطبيب انه يكتب اسم الصيدلية على وصفة الدواء التي يقررها لها، الأمر الذي جعلها تتساءل امام احد أقاربها، ويعمل صيدلانيا، عن سبب ذلك، ليشير لها قريبها ان بعض الاطباء "يضع اسم صيدلية معينة على الوصفة لتلقيه عمولة من قبل الصيدلية عن كل وصفة تأتي من عنده".

هذا الامر لا تستبعده احدى الصيدلانيات في تصريح لـ "الغد"، وتؤكد لجوء بعض الاطباء والصيدليات ومراكز طبية ومختبرات لمثل هذه الاتفاقات، المتضمنة تقاضي عمولة معينة جراء صرف وصفة طبية او اجراء فحص او صورة أشعة.

تقول هذه الصيدلانية، وهي صاحبة احدى الصيدليات في عمان الغربية وتفضل عدم نشر اسمها "لحساسية مثل هذه القضية"، أن عمولة الطبيب، الذي يقبل باللجوء الى مثل هذه الأعمال، يحصل عليها من قبل الصيدلية، والتي بدورها قد تحصل على امتيازات و"عمولات" من شركة الأدوية او وكيل هذا الصنف من الدواء او ذاك.

وتؤكد مندوبة احدى شركات الأدوية (س.ع) أن مهنة مندوب شركات الأدوية في بعض الشركات "لا تقف عند حد عرض المنتج على الطبيب فقط، بل ربما تصل الى عرض هبات وهدايا على الطبيب، في حال ترويجه للمنتج او التركيز على صرفه للمرضى"، وهي ترى ان هذا الامر "باتت تعاني منه شركات أدوية او وكلاء أدوية يرفضون اللجوء الى مثل هذه الحيل".

فيما تكشف "سلوى"، التي تعمل فنية مختبر في أحد مختبرات الرصيفة، لـ "الغد" عن حادثة تعرض لها مختبرها، حيث "طلبت منا احدى الطبيبات، وعيادتها في نفس المنطقة، عمولة عن كل مريض ترسله الى المختبر لاجراء فحوص معينة".

تقول سلوى أن تلك الطبيبة أصرت على حصولها على نسبة تصل الى 10-15 % عن كل مريض ترسله للمختبر، الا ان صاحب المختبر رفض ذلك قطعيا، لعدم قانونيته او أخلاقيته، وبعد عدة محاولات من قبل الطبيبة مع المختبر وصدها، باتت هذه الطبيبة تعزف عن إرسال مرضى لهذا المختبر، وأخذت تتعامل مع مختبر آخر، والذي وافق على منحها عمولة".


لا شكاوى رسمية

مع ذلك، فان نقابيين معنيين بالقضية يشيرون الى انهم لا يتلقون عادة شكاوى من تلقي أطباء او صيدليات او مختبرات لعمولات جراء إلزام المريض بجهة معينة.

ويؤكد نقيب الصيادلة د. محمد عبابنة ان أي تلق لعمولة، سواء من طبيب او صيدلي يعد مخالفة قانونية، وفق قانوني وأنظمة نقابتي الاطباء والصيادلة. وقال "هاتان المهنتان مهن شريفة، ولا يجوز الإخلال بها".

ويقر عبابنة أن هناك "أحاديث" عن وجود تجاوزات يقوم بها بعض الصيادلة، بحيث يقبلون بالسمسرة على المرضى، لكنه اكد أن نقابة الصيادلة "لم تتلق حتى الآن أية شكوى رسمية"، ما يرى معه ان ذلك "ينم عن عدم وجود شيء ملموس يؤكد انتشار موضوع السمسرة".

وفيما يتعلق بطبيعة العلاقة بين الصيادلة وشركات الأدوية، قال عبابنة انها "علاقة شراكة، تقوم من خلالها شركات الأدوية بتقديم حاجة الصيدليات من الأدوية والمستلزمات وفق القوانين والأنظمة، وبما يصب في مصلحة المواطنين"

المدير العام الاسبق لمؤسسة الغذاء والدواء محمد الرواشدة يشير الى ان لجوء بعض الاطباء والجهات الطبية الى قضية السمسرة على المرضى "امر متداول بين الناس"، ويشير الى وجود مثل هذه الحالات.

ويلفت الرواشدة الى ان تقاضي أطباء عمولة أدوية من شركات أدوية هو امر "محظور قانونيا"، لافتا الى ان الهدايا التي تقدم لأطباء "لا بد من وجود قانون يضبطها، ويحدد ما اذا كانت هدية أم رشوة".

يرد نقيب الاطباء د. احمد العرموطي، في هذا السياق، بالقول انه "لم يسبق أن استقبلنا في النقابة مثل هذا النوع من الشكاوى". لكنه لا ينفي وجود "تمتمات واشاعات" في الشارع حول حدوث مثل هذه الأمور، و"قد يكون جزء منها صحيح".

ويؤكد العرموطي انه في حال وجود "إدانة ملموسة" لسلوك أطباء او صيادلة او شركات أدوية بتلقي العمولة، فان ذلك "يعرض الطبيب للإحالة الى مجلس تأديبي من قبل النقابة ليحاسبه".

ويلفت العرموطي الى أن أنظمة نقابة الأطباء تنص على أنه "يحظر على الطبيب إقامة أي نوع من العلاقات، التي تقوم على السمسرة أو المكافأة الطبية مع أي من زملائه أو مع المؤسسات الطبية الأخرى".


علاقة ملتبسة مع شركات الأدوية!

ويتحدث مدير احد مستودعات الأدوية لـ "الغد" عن جانب يمكن ان يندرج ضمن العلاقة "غير الطبيعية" بين الشركات والمستودعات وأطباء.

يقول هذا المدير، الذي يرفض نشر اسمه، أن علاقات التعارف والزمالة بين شركات الأدوية والأطباء "طبيعية وضرورية"، وانها بدأت تتعزز عندما بدأت شركات الأدوية تنظم مؤتمرات خارج المملكة، بهدف التعريف عن منتج معين، وذلك من خلال استضافتها للأطباء في هذه المؤتمرات.

تلك العلاقة، بحسب ما يضيف، طبيعية، بل ومهمة في كثير من الأحيان، اذ تسهم في التعليم المستمر للطبيب، وتعرّفه على ما هو جديد فيما يساعده على تطوير مهنته، لافتا إلى أن تغطيات سفر الطبيب لحضور تلك المؤتمرات، تشمل تامينه بتذكرة سفر وإقامة في فندق، إضافة إلى تأمين المواصلات ووجبات الغداء، فيما تطورت في بعض الحالات الى تقديم مخصصات السفر والغذاء على شكل مياومات للطبيب. لكنه يزيد "الا أن علامات استفهام ما زالت موجودة حول هذا الاتجاه".

علاقة الأطباء بشركات الأدوية، كما يضيف المصدر(المدير) باتت تأخذ أشكالا أخرى، تكون منافية للقانون، مثل اتجاه بعض الأطباء إلى مطالبة شركة الأدوية الداعية لأحد المؤتمرات في الخارج، بتوفير تذاكر سفر لزوجة الطبيب وأولاده، والضغط باتجاه ذلك، وإلا لجأ الطبيب الى الغاء علاقاته بهذه الشركة والتوجه ربما لشركات اخرى.

ويضيف ان "انتشار هذه الظاهرة بات يرفع من شان شركات أدوية على حساب شركات أخرى لدى أطباء يقبلون السمسرة، الأمر الذي يدفع بعض شركات الأدوية الصغيرة، غير القادرة على تامين تلك الرفاهيات للأطباء، او عدم القدرة اساسا على تنظيم مؤتمرات في الخارج، إلى إتباع نظام تقديم العمولة النقدية لمثل هؤلاء الاطباء. وتحدث المصدر ان "الوضع تدنى لدى بعض الاطباء، وهم قلة، لدرجة ان يأخذ عمولة دينار واحد، على عدد معين من الأدوية، التي تقدم لهم بهدف صرفها للمرضى".


البريشي: المريض بات بطاقة صراف آلي

الصورة سلبية ليست فقط لدى مواطنين، بل يحملها ايضا بعض الاطباء الذين ينتقدون لجوء زملاء لهم، يؤكدون انهم "قلة"، الى نظام السمسرة.

في هذا السياق، يطلق أخصائي جراحة العظام د.عماد البريشي على سمسرة بعض الأطباء وصف "الكسب الرخيص". ويؤكد
لـ "الغد" ان قيام طبيب بتحويل المريض إلى مختبر أو صيدلية من اجل العمولة "هي حرام قبل أي شيء". لافتا إلى أن المختبر أو الصيدلية، التي تشارك في هذا النوع من السمسرة، ينم سلوكها ايضا عن "رخص أخلاقي ومهني".

ويشبه البريشي المريض، الذي يستغفل ويستخدم من قبل أطباء لتلقي عمولة من دون أن يعرف بمثابة "بطاقة صراف آلي متحركة، يذهب بغية حصوله على علاج ويخرج ومحفظته خالية من نقود، كانت من نصيب طبيب وثق به ووضع ألم جسده بين يديه".

ويعود البريشي إلى تجربة شخصية تعرض لها، عندما افتتح عيادته. واشار إلى أنه تعرض إلى عدة محاولات من قبل مختبرات طبية، حاولت إجراء "مفاوضات" معه للمشاركة في عملية كسب عمولة مقابل تحويل مرضى.

وقال أن تلك العروض وصلت إلى حد تقديم ما نسبته 15 % بدل تحويل المريض الواحد للمختبر، ما جعله يقر بموافقته على تلك العمولة، على ان لا تحول له شخصيا، بل تقدم للمريض ذاته على شكل خصم من فاتورة المختبر، لكن تلك المختبرات رفضت ذلك، كما يقول.

ويضيف البريشي ان أكثرية الاطباء يستنكرون لجوء البعض للسمسرة، الا أن عدم وجود شيء ملموس يحول من دون وضع حد رادع لها، الأمر الذي أدى إلى استمرار دوران عجلة سمسرة البعض، وقال "للأسف فان سمعة هذه الفئة تغطي أحيانا على سمعة أغلبية الاطباء، الذين يأبون على أنفسهم ارتكاب هذه الفعلة".

ويدعو البريشي المرضى للتنبه لعدم الوقوع في براثن بعض المخالفين. وقال "ان إصر طبيب على المريض إجراء فحوصات طبية في مختبر طبي أو مركز أشعة معين، فان الإصرار يكشف في الكثير من الاحيان عن وجود سمسرة ما".

ومع ذلك فان البريشي يلفت الى انه في كثير من الأحيان تختلط بعض الأمور الاعتيادية مع ظاهرة سمسرة الأطباء، ويقول: "مثلا، من الدارج أن ينصح شخص ما بطبيب ما لمعارفه، اثر تجربة شخصية حدثت معه لدى هذا الطبيب، كانت مثمرة، كما أن هناك الكثير من الأطباء الذين ينصحون، ولا يصرون، على إرسال مريضهم إلى مختبر معين أو مركز أشعة ما، بهدف تسهيل عملية علاج المريض أو لأهداف أخلاقية، بعكس تلك الأهداف الشخصية، التي يكسب من خلالها طبيب عمولة على حساب مصلحة مريضه".

أما فيما يتعلق باتهام بعض الاطباء بـ "السمسرة" مع شركات أدوية، فيقول البريشي أنه "من المتعارف عليه أن تقدم شركة الأدوية عينات للطبيب، تصل في حد أعلى الى ثلاث عينات من الأدوية كنوع من أنواع الدعاية"، لكنه يرى ان "تراكم تلك الدعاية وزيادة كميتها، وبما يصل أحيانا إلى الحد غير المعقول، فهو أمر غير جائز ومخل بآداب المهنة".

وينوه البريشي إلى أن هناك "سمسرة طبية دارجة، لكن من نوع آخر، تقوم بها بعض الكوادر الطبية في بعض المستشفيات"، مستشهدا بحادثة قال انها "حصلت مؤخرا، عندما أرسل كادر طبي في إحدى المستشفيات الحكومية مريضا، كان ينتظر موعد عمليته في صباح اليوم التالي، إلى مستشفى خاص، ومن دون إذن الطبيب المعالج، الأمر الذي كشف تعامل ذلك الكادر مع ذلك المستشفى بنظام العمولة".

ويؤكد البريشي ان الطبيب الذي يقبل بالتعامل بنظام السمسرة، فانه "يفقد الاحترام، وهو ينسى معنى المصداقية، ويتناسى القسم الذي أقسمه، ويزعزع احترام مهنة الطب". واكد أن تلك السمسرة "نوع من أنواع الفساد، الذي يغزو المجتمع، والسكوت عنه وعدم اتخاذ إجراءات صارمة ضده يزيد من رقعته".

فيما يرى الدكتور عصام أبو الشيخ ان ظاهرة "سمسرة" أطباء "كانت منتشرة في فترة سابقة، لكنها تقلصت بشكل كبير في العامين السابقين"، وأعاد تراجعها الى "وعي المرضى بهذا النوع من الاستغلال، وتعرفهم على حقوقهم من خلال مخاطبة نقابة الأطباء بشكل مباشر, والاستفسار عن الأسعار والمستلزمات التابعة للعلاج".

كما يرى ابو الشيخ ان تقلص هذه الظاهرة "يعود للطمع الذي أبداه بعض الأطباء، والذي شكل عبئا على المستودعات الدوائية ومراكز الأشعة والمختبرات, والتي ضاقت ذرعا بمطالب وملاحقات هؤلاء الأطباء, بزيادة نسب عمولتهم من تلك المراكز".

ويشيد الدكتور أبو الشيخ بإجراءات وزارة الصحة مؤخرا، والتي يرى انها "نجحت في ملاحقاتها المستمرة في تقليص مثل هذه الظاهرة السلبية"، مؤكدا في الوقت ذاته ان اغلب الاطباء "يرفضون الوقوع في مثل هذه المحظورات الأخلاقية والقانونية، ولا يلجأ لها الا قلة قليلة تكاد لا تظهر".

على من تقع مسؤولية سمسرة بعض الأطباء؟

يرى المدير العام الاسبق لمؤسسة الغذاء والدواء محمد الرواشدة أن على وزارة الصحة "دور كبير في مسؤولية ردع الأطباء، الذين يمارسون السمسرة، إذ من المفترض ان تشدد رقابتها على الأطباء، بالتعاون مع نقابة الأطباء، ومن خلال وضع آلية معينة، يتم من خلالها ضبط اية حالات سمسرة، وردعها واتخاذ إجراءات صارمة بحق من يمارسها".

أما المسؤولية الأولى، بحسب وجهة نظر الدكتور البريشي، فتقع على المريض نفسه، الذي "يقبل بأن يستخف به طبيب"، ذاهبا إلى أن المريض "شريك أساسي في استمرار وجود ظاهرة سمسرة بعض الأطباء".

كما يرى البريشي ان جزءا من المسؤولية يقع أيضا على نقابة الأطباء، التي "لا تنظم" الأمور بالشكل السليم في كثير من الأحيان.


وزارة الصحة: لا علاقة لنا

من جهته، يبيّن مدير دائرة ترخيص المهن والمؤسسات الصحية في وزارة الصحة د. عزمي الحديدي ان المديرية "لم يسبق لها أن استقبلت شكاوى تتعلق بتقاضي بعض الأطباء عمولة من صيدليات أو مراكز أشعة، أو حتى من شركات الأدوية"، لافتا إلى أنه، وفي حال استقبال شكاوى بهذا الخصوص، "فيتم تحويلها إلى نقابة الأطباء، التي تعد الجهة المسؤولة الأولى عن أداء الأطباء".

وأشار الحديدي لـ "الغد" إلى أن المديرية ووزارة الصحة "سبق وعممتا بعدم جواز تقاضي أطباء لعمولة من المرضى، الذين يخضعون لعلاج في المستشفيات".

من جهته، يؤكد نقيب الاطباء العرموطي على ان النقابة لم تتلق اي شكوى بهذا الخصوص، مشددا على ان النقابة ترفض مثل هذا السلوك.

وبين ان كل ما يقال في هذا الجانب اشاعات، ومزاعم ،مشددا انه في حال قدمت شكوى فان النقابة ستتعامل معها بمنتهى الجدية.

ودعا العرموطي الجميع الى التاكد من المعلومات حتى لايتم تشويه العمل الطبي والاطباء الذين يقومون بعملهم وفق ماتقتضيه المهنة الانسانية، مشيرا انه في حال وقعت مثل هذه المخالفات ، فان الذين يقومون بها قلة ، وان غالبية الاطباء تلتزم بمهنتها وبما تقتضيه من مبادىء اخلاقية، ويحرصون على المريض وعلى صحته، ويعملون كل ما في وسعهم من اجل ذلك.

فيما يشير نائب أمين سر نقابة الصيادلة د. زيد الكيلاني إلى أنه، وسعيا للحد من ظاهرة سمسرة بعض الأطباء والصيدليات وشركات الأدوية، التي "تعد ظاهرة ممنوعة قانونيا ومنافية للأخلاق" قام مجموعة من أعضاء نقابة الصيادلة مؤخرا باتخاذ إجراءات متعددة للتصدي لهذه القضية.

ولفت الى ان هذه المجموعة بدأت بإرسال نشرات توعوية لمستودعات الأدوية ولنقابة الأطباء، تتحدث فيها عن فحوى الفتوى الشرعية الاخيرة ضد ظاهرة العمولة.

كما لجأت نقابة الصيادلة إلى تشكيل لجنة "أخلاقيات المهنة"، اضافة الى تشكيل "قسم الرقابة"، الذي يعزز الرقابة على الصيدليات ومستودعات الأدوية، ويؤكد على ضرورة انسجام سلوكياتها مع القوانين الناظمة والأخلاق المهنية.

وكان مجلس الإفتاء في دائرة الإفتاء العام قد اعتبر، في فتواه، ان حرمة تلقي الطبيب لعمولة عن إرسال مريض الى مختبر او صيدلية معينة، تأتي من باب ان "الطبيب يوهم المريض بأن هذا المختبر أو مركز الأشعة هو الأفضل من دون غيره"، معتبرا أن مثل هذه المعاملة "فيها أكل لأموال الناس بالباطل، لأن الطبيب يأخذ مالا في غير مقابل، ويكلف المريض تكاليف زائدة، إضافة إلى العلاج والأدوية التي أصبحت مرتفعة جدا".

وقال مجلس الإفتاء إن "الحرمة تشتد إذا ما قام الطبيب بطلب فحوصات أو صور لا يحتاج إليها المريض"، مؤكدا أن "هذا التصرف، يفسد ذمة الطبيب ويحوله من طبيب يرفق بالمريض ويخفف عنه معاناته، إلى إنسان مادي يدفعه الطمع إلى أن يتاجر بالمرضى ويزيد من آلامهم ومعاناتهم".

وشدد على أن تقاضي العمولة فيه "مخالفة لأخلاقيات مهنة الطب"، مؤكدا أنه في حال طلب المريض النصح من طبيبه "فيجب عليه النصح له، لأن النصح أمانة، وأن يدله على الأفضل بنظره"، داعيا الأطباء إلى التورع عن هذه الأعمال، وأن يقدموا النصيحة لمرضاهم ابتغاء الأجر والثواب عند الله سبحانه.


غادة الشيخ / الغد





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع