قطاع المياه ... بيروقراطية تحيلك لبيروقراطية؟!
لا تفتأ وزارة المياه والري أن تحيلك من بيروقراطية رتيبة، إلى بيروقراطية أخرى جديدة ولكنها بثوب جميل، وشارات مميزة، ونمر بيضاء، توحي لك السرعة والجدية والبعد عن الروتين والرتابة والرسميات...
أسوق مقدمتي هذه، مستذكرا تصريحات المسؤول الأول في وزارة المياه والري، وهو يبدي حرصه على تقديم الخدمة المميزة للمواطن، سعيا لراحته، وايفاء لحقه في الحصول على المياه، بلا تعب أو معاناة...، هذا الماء، الذي يشترك فيه الناس جميعا، إلى جانب الكلأ والنار، إذ تعارف عليه العرب منذ القدم.
واليوم... وبعد مضي نحو 8 سنوات على تأسيس شركة مياه الاردن (مياهنا) من قبل سلطة المياه، والتي من اهدافها تحسين الأداء الفني والمالي في خدمات المياه وتلبية الازدياد المستمر في الطلب على المياه، فلا ندري ان كانت تلك الاهداف تتساوق مع البيروقراطية التي وبكل أسف، ما زالت تسيطر على مكاتب الشركة وموظفيها، في طريقة تعاملهم مع متلقي الخدمة، الذين بات يزعجهم التراجع الواضح في آلية تقديم الخدمة والتعامل معهم كزبائن ومراجعين.
إن من البديهيات، لأي شركة الحرص على حسن التعامل مع زبائنها، ومعاملتهم ضمن قواعد ادارية واخلاقية، بعيدا عن حالة التصيّد، والتعالي، كتلك التي تظهر خلالها الشركة هذه الايام.
فليس من المقبول، ان تجعل الشركة هدفها الاول هو تحسين الاداء المالي، والتخلي عن واجباتها الاخرى، خصوصا وأن هناك العديد من جوانب الخلل والتقصير، في اداء الشركة، ومنها، المسارعة لفصل المياه عن الزبائن دون اية اشعارات مكتوبة او غير مكتوبة، وان هناك غيابا ملحوظا للمسؤولين في ايام العطل و(السبتات) فلن تجد من يقدم حلولا حقيقية حيال الشكاوى التي يتقدم بها المواطنون.
وهنا اعرض ما حدث مع احدهم يوم امس السبت حين مراجعته لشركة مياهنا (الحسين)، لتسديد فاتورة منزله واعادة المياه المفصولة عنه، لمبلغ 36 دينارا تقريبا، فبعد ان انهى الاجراءات، فإنه لم يسلم من فضاضة موظفي الشركة هناك الذين امتنعوا عن توصيل المياه لمنزله، والتحدث معه بإسلوب غير لائق، رغم تسديد ما بذمته تجاه الشركة، وفضلا عن ذلك، فإنه لم يجد مسؤولا واحدا يبث له شكواه، بحجة أنه يوم عطلة.
ولم تنته بيروقراطية الشركة عند هذا الحد، فأكثر من يثير الاستغراب، هو عدم الانتظام بضخ المياه، فتجدها تتفاوت بين الضعف والقوة في كل مرة، وهذا يشير الى خلل في آلية التوزيع والتشغيل، كما انه في حال تعرض بعض الخطوط للكسر والخراب، فإن ذلك يكون على حساب اهالي المنطقة، التي يحدث فيها الكسر والخراب.
وليت الامر يقف عند هذا أيضا.... فهؤلاء الناس يحالون الى بيروقراطية أخرى في انتظار الحصول على المياه بواسطة صهاريج الشركة، وبأسعار مضاعفة.
أما المشكلة الكبرى التي تواجه الكثير من العائلات الفقيرة، فهي عدم وصول المياه الى الطوابق واسطح المنازل، ما يجعل معاناتهم تزداد تعقيدا في الحصول على المياه، ويعجزهم توفير الخزان الارضي الذي يكلف مع لوازمه نحو 170 دينار على اقل تقدير، وهنا يقودنا الحديث للسؤال عن حاجة اكثر من مليوني منزل في عمان وحدها، لمثل هذه اللوازم، التي يصل استهلاكها لنحو 200 مليون دينار، ما يجعلنا نسجل علامات استفهام كبرى حول ماهية المستوردين والمصنعين لتلك الادوات من خزانات ومضخات وغيرها.
نكتب هذا... لعلنا نسمع من يتسع صدره حقا للاستماع.... علنا يوما، نمني أنفسنا بالإحتفال بالخلاص من شؤم البيروقراطية القاتل؟؟؟؟