زاد الاردن الاخباري -
نعلم علم اليقين أن جلالة الملك يريد أن يمضي قُدما في فكرة الحكومة البرلمانية التي تحكم أربع سنوات، ويريد أن يترك في تاريخ الحكومات الأردنية هذه البصمة التي لم يسبق أن تمت ونضجت من قبل بشكل كامل، رغم المحاولات السابقة، ومع أننا نشجع الملك وأنفسنا على الإستمرار في إرساء مثل هذه المنظومة، في مرحلة هامة من تاريخ الأردن، إلا أن تقييم فترة الإختبار تشي أن اختيار رئيس الحكومة الحالي لم يكن موفقا، لا من حيث طريقة المشاروات التي رشحته لهذا المنصب، وسرعة إنجازها (لفلفتها)، ولا من حيث اختياراته لطاقمه الوزاري، ولا من حيث قدراته ومهاراته القيادية، ولا من حيث سرعة أداءه، ولا من حيث طريقة تعامله مع الظروف والمستجدات الداخلية والخارجية والأقليمية، ولا من حيث فهمه وقدرته على وضع خطط وتنفيذها للمسائل الأساسية كتحويل الأردن لبلد جاذب للإستثمار والسياحة أو معالجة مشاكل الفقر والبطالة .. الخ.
نحن بالطبع، نشدّ على يدي الملك أنه قرر المضي في فكرة الحكومات البرلمانية المستقرة، لما يبعث استقرارها على ثبات الرؤية وترسيخ الفكرة وتجذير مفهوم الحكومة البرلمانية التي تولد من رحم مجلس النواب، ولما تعكسه حكمة التروي والصبر في اعطاء تلك الحكومة المدة الزمنية التي تحتاجها لرسم السياسات وتنفيذها كاملة، ولكن دولة عبدالله النسور، مع تقديرنا لشخصه، عاجز عن وضع أو تنفيذ رؤية، أي أنه الشخص غير المناسب، في التوقيت المناسب، حيث أن الوقائع والمواقف تثبت أنه لا يستقبل من الآخرين (الجهات والمختصين والمبدعين) ولا يرسل أو يتواصل مع أحد، وأشك أنه قد اطلع على أي من الأفكار العميقة التي وضعت بين يديه، ومنها، مثلا، ومجرد مثال: اقتراحي السابق، في مقال سابق: رؤية الأردن 2030، المتعلق بأهمية وجود (ماستر بلان) نهائي للأردن !
نؤيد الملك في شجاعته وصبره وتحمله حتى بلوغ المرحلة الأولى من إرساء الحكومات البرلمانية، التي لم نبلغها من قبل، ولكن علينا أن ننظر إلى المسألة من زاوية أخرى، تشبه الرغبة في التأهل لكأس العالم، فيكفي في هذه المرحلة أن نتأهل، ولا يعني ذلك أن علينا، ومن أول محاولة، أن نحصل على الكأس، فالشجاعة أيضا، الإعتراف أن هناك خطأ ما ، والأعتراف أن الخطأ لم يحدث في الفكرة ولا في القرار بل في شخص رئيس الحكومة، الذي لم يرغب أن يعرف أنه يمثل مرحلة حاسمة وهامة للأردن والأردنيين جميعا، بل أرادها حكومة بيروقراطية روتينية تقليدية، تسير على مهلها، وتنجز على مهلها، والمشكلة الأخطر، ظنّ الرئيس أنه يصنع المعجزات، وأنه (هو) الذي انقذ الأردن من (الربيع العربي)، وأنه (هو) صاحب الفضل في أي كل نجاح سجله الأردن، ولو كان طفيفا، والأسوأ قناعته أن كل اخفاق واجهناه سببه جهات أو مؤسسات أخرى !
قد يُعدّ الإصرار على الإستمرار في تنفيذ قرار ما شجاعة عظيمة، لكن التقييم، في كل مرحلة ودراسة النتائج وتحليلها، والإعتراف بوجود خطأ، في حال وجوده، تُعدّ شجاعة أعظم.
إذا بلغنا القناعة، وأرجو أن نبلغها، أنه قد حان وقت التقييم، فلا شك أن التقييم سيقول لنا بكل وضوح: أنه قد ( حان وقت التغيير ).