أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الولايات المتحدة تقدم التعازي في وفاة الرئيس الإيراني لبيد: مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت كارثة قيادتا القوات الخاصة ولواء الأميرة عالية تنفذان عدداً من التمارين المشتركة اليونان تقرر ترحيل أوروبيين دعموا فلسطين عضو كنيست: قرار الجنائية الدولية بشأن نتنياهو وغالانت صحيح رؤساء من حول العالم قضوا بحوادث مأساوية في الجو تعيين الهولندية بلاسخارت منسقة أممية في لبنان القسام تستهدف أباتشي إسرائيلية واشنطن ترفض إعلان مدعي عام الجنائية الدولية افتتاح أول مسجد يعمل بالمنظومة الذكية بالاردن الملك يعزي عشيرة السرور الصفدي ينقل تعازي الملك للقائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني استهداف خلية لحزب الله انطلاق مباراة الحسين مع الفيصلي ضمن دوري المحترفين لكرة القدم موعد تشييع جثمان الرئيس الإيراني ووفده الشمالي: صناعة المنظفات في الأردن ارتفعت لمصاف متقدمة قصف مدفعي يستهدف مستشفى شمال غزة مصر: تشغيل سد على نهر النيل سيؤثر على استقرار المنطقة سرايا القدس توقع جنودا إسرائيليين قتلى وجرحى برفح أوكرانيا تعلن إسقاط 29 مسيرة خلال هجوم ليلي روسي

القنبلة (الهبله)

13-02-2014 10:49 AM

تاليا انطباعات شاهد عيان لقصة تنمية مصر وزيادة دخل المواطن فيها بواقعية مذهلة حيث يروي قائلا :-

إرهابى (مسطول) وضع قنبلة (هبلة) فى صندوق إعلانات ضوئى.. انفجرت فى الجزيرة الوسطى بشارع الهرم أمام قسم العمرانية.. حيث مررت على المكان بعد الانفجار بساعة.. فوجدت أعدادا كبيرة من المارة قد تجمعوا لمتابعة الحكاية.. وسبع كاميرات تليفزيونية بالتمام والكمال تابعة لقنوات فضائية وأرضية وتتسابق كلها فى تغطية الحدث، الذى انتهى قبل أن يبدأ.. هذا بخلاف مراسلى الصحف ووكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية الذين انهمكوا فى البحث عن تفاصيل قصة القنبلة (الهبلة).. وانشغلت بتأمل المشهد.. ووجدته يتكرر بتفاصيل متنوعة فى محافظات مختلفة.. بعض الأحداث التفجيرية تكون شديدة الوطأة مثل تفجيرى مديريتى أمن الدقهلية ثم القاهرة.. وبعضها لا يستحق الاهتمام.. وفى كلتا الحالتين يكون نفس الاهتمام والهوس الإعلامى بالبحث عن التفاصيل على نفس الدرجة.. مما يضاعف من حجم تأثير الجرائم الإرهابية على نفوس أهل مصر..

وبغض النظر عن مدى تأثر المصريين بمثل هذه الحوادث.. إلا أن الهدف منها- والذى يسعى الإرهابيون إلى تحقيقه- هو إثارة الرعب والإحساس بعدم الأمان بين الناس.. فضلا عن إعطاء انطباع بأن الإرهابيين يملكون قدرات تفوق كثيرا قدراتهم الحقيقية لتغيير المعادلات السياسية فى الوقع المصرى.. وإعطاء رسالة إلى الخارج مفادها أنهم يملكون القدرة على التأثير على مجريات الأمور فى مصر التى تعانى من حوادث العنف وعدم الاستقرار.. وللأسف تساعد بعض وسائل الإعلام الإرهابيين فى تحقيق أهدافهم غالبا دون قصد.. وذلك بالبحث فى تفاصيل حوادث مساطيل الإرهاب وجرائم القنابل (الهبلة).. والتى لا تستحق إلا الإهمال.. والتى يؤدى الاهتمام بها إلى إحداث نفس التأثير الإعلامى للحوادث الضخمة التى تستحق الاهتمام وإفساح المجال للبحث الجنائى والأمنى وإجراء التحريات.. وفى تقديرى أن الإرهاب بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة الآن.. وهذا ما يدفعه إلى ارتكاب جريمة كبيرة يتبعها بالعديد من الجرائم التافهة محاولا إثبات قوته التى ضعفت.. ووجوده الذى بدأ يتراجع.. وتأثيره الذى بدأ يتلاشى.. على أى حال مستقبلنا ليس فى الجرى وراء تفاصيل الجرائم الإرهابية - إعلاميا - سواء كانت جرائم ضخمة أو (هبلة).. لأن هدف الإرهابيين من ارتكاب جرائمهم هو دفعنا للسير أو الجرى فى طريق الانتحار الجماهيرى والتخلف الحضارى وحرب الكل ضد الكل.. وهذا الطريق يجب ألا يكون طريقنا بأى حال من الأحوال.

علينا أن نفعل كما كنا نفعل فى الثمانينيات والتسعينيات.. أيامها كانت الحياة تسير وجرائم الإرهاب تجد مكانها الطبيعى فى صفحة الحوادث مثلها مثل أى نوع من الجرائم..
ولم تكن هناك أى علاقة بين وقوع جريمة إرهابية وتعقب مرتكبيها وبين السياسة وتفاعلاتها والاستقرار ومقتضياته وحقوق الإنسان وقواعد تطبيقها.. كان الإرهابى مجرد مجرم محترف يعامل معاملة الخارجين على القانون وكفى.. المهم هنا ألا ينجح الإرهابيون فى جرنا إلى طريق التهلكة والندامة.. طريق الغضب والثأر والدم والانتقام المتبادل..
بل علينا أن نطرح على أنفسنا أسئلة مهمة من نوعية ماذا حدث ؟ ولماذا ؟ وما هى الأهداف التى نسعى إلى تحقيقها ؟.. وكيف يمكن أن ننجح فى تحويل أهداف ثورتى يناير ويونيو إلى واقع.. ؟ وفى محاولة للبحث عن إجابة لمثل هذه الأسئلة.. وجدتنى أعود إلى أيام رائعة عشتها مع المصريين فى الفترة ما بين 25 يناير 2011 إلى 11 فبراير من نفس العام.. كنا أيامها نبحث جميعا عن المستقبل وسط الغازات المسيلة للدموع والهتافات والشعارات والرصاص المطاطى والمشاهد المدهشة ومعركة الخيول البلهاء ومكبرات الصوت وسقوط الضحايا ونزيف الدم.. كنت واحدا من أهل مصر الذين وجدوا فى الميدان وسيلة لتحقيق أحلامهم.. هذا الميدان الذى احتشدت فيه قطاعات واسعة من المصريين فى البداية.. ثم ظهر شيوخ الإسلام السياسى ليسرقوا ثورة شعب بالأكاذيب ونشر الأباطيل والأوهام. وفى كل الأحوال ووسط أحداث الميدان كان المستقبل يتشكل أمامى رائعا تمثل فى ألف حلم منها مضاعفة دخل المواطن وتحسين نمط الحياة فى بلادنا وضمان مستقبل أفضل لأولادنا.. ولم نختلف أيامها على أن ليس لنا إلا طريق واحد لتحقيق أحلامنا وهو العمل الجاد من أجل تحويل مصر إلى ورشة عمل جبارة يعمل فيها الجميع بنفس حماس ثوار التحرير.

.. وفى الميدان لمست بعض ملامح هذا المستقبل عندما صرخ فى وجهى أحد الشباب الثائر «عيب الأوضاع اللى إحنا عايشين فيها دى.. ده إحنا مصريين يعنى لازم نسبق ماليزيا والبرازيل وننافس ألمانيا واليابان».. كتبت صرخات هذا الشاب أيام ثورة يناير لأنها تلخص أهم أحلام المصريين.. وعندما استولى الإخوان الإرهابيون على السلطة فى مصر أعدت كتابتها.. محذرا الإخوان الإرهابيين من خطورة تجاهل أحلام المصريين الذين أصروا على تحقيقها.. وعندما تأكد أهل مصر أن الإخوان مجرد جماعة من المخربين الجهلة وأنهم صعدوا إلى مقاعد الحكم ليديروا البلاد لتحقيق مصالح الجماعة والأهل والعشيرة.. وأنهم يقودون البلاد فى طريق التخلف والانقسام والاحتراب الأهلى متجاهلين أحلام جموع الشعب المصرى.. خرج المصريون فى ثورة 30 يونيو لإسقاط حكمهم ولتأكيد إصرارهم على تحقيق أحلام كل مواطن فى مصر.

.. وهكذا.. وخلال أيام ثورة يناير.. وفى الميدان كنت حريصا على جمع الآراء الجادة التى ترسم ملامح المستقبل.. لم أهتم بالأسماء أو الملامح أو الانتماءات.. كنت فقط أسأل عن المستقبل وأدون الكلمات.. وعندما تصور الإخوان أن المصريين شعب ساذج يمكن خداعه بالكلمات والأوهام.. وعندما تأكد المصريون من خداعهم أسقطوا حكم الجماعة المخربة فى 30/6 . والسؤال هنا لماذا تمرد المصريون على نظام مبارك ثم تمردوا على نظام حكم الإخوان.. ؟ وبحثت كثيرا ووجدت أفضل إجابة عند د. (تيد جير) عالم الاجتماع السياسى الذى يقول (إن أهم أسباب التمرد هو الحرمان الاقتصادى النسبى ويعنى الإحساس القوى لدى المواطنين بأنهم لا يحصلون على نصيبهم العادل من الثروة الوطنية.. كما أنهم لا يتلقون مقابلا مناسبا نظير عملهم وكدهم.. بينما هناك آخرون لا يعملون مثلهم ويحصلون على نصيب أوفر من الثروة الوطنية.. كما الإحساس بالحرمان النسبى يؤدى إلى الإحباط والتشاؤم الذى يؤدى بدوره إلى الاستعداد للتمرد والعنف الكامن.. وهو ما يؤدى فى النهاية إذا ما تزامن ذلك مع تجاهل أحلام الجماهير وآرائهم والتزيد فى التهميش السياسى إلى اندلاع ثورة الجماهير.

هذا بالضبط هو ما حدث فى مصر أيام مبارك، وهو ما تكرر بتفاصيل مختلفة أيام مرسى العياط، والدليل على ذلك التقرير الذى أعده البنك الدولى بالتنسيق مع وزارتى التنمية الاقتصادية والتضامن الاجتماعى عام 2005، والذى أشار إلى أن عدد الفقراء فى مصر 25 مليون نسمة وهم لا يجدون ما يسد رمقهم ولا ما يشبع حاجاتهم الأساسية.. وأشار أيضا إلى أن نصيب أفقر 20٪ من الشعب المصرى يحصلون على 6٪ من الدخل القومى.. بينما يحصل أغنى 20٪ من المصريين على 46٪ من الدخل القومى.. وإلى جانب الحرمان الاقتصادى هناك عامل مهم وهو التهميش السياسى الذى وصل إلى أقصى درجاته فى مصر فى الانتخابات البرلمانية عام 2010 حيث حصل الحزب الوطنى الحاكم على نحو 90٪ من مقاعد مجلس الشعب، وهو الأمر الذى جعل باقى الأحزاب مجرد ديكور.. مما ساعد على انصراف الناس عن المشاركة فى الحياة العامة، نظرا لسيطرة الإحساس بعدم جدوى الحياة السياسية كلها.. وهو الأمر الذى أدى إلى تزايد ظواهر الاغتراب وعدم الثقة وكلاهما قاد الفئات المهمشة إلى استخدام وسائل غير سياسية لا تتصل بالمساومات والتفاوض والأخذ والعطاء.. ولكنها تنصرف إلى الحدة والالتجاء إلى العنف.. والثورة باعتبارها السبيل الوحيد لإحداث تغيير فى موازين القوى يمكن أن يزيد من نصيبهم فى الثروة القومية من ناحية ومساحة مشاركتهم السياسية من ناحية أخرى.. من هنا تأتى أهمية وضع خطة لمضاعفة دخل المواطن المصرى طبعا مقابل عمل جاد وجهد مخلص.

ومن هنا أيضا تأتى أهمية التوسع فى حشد الجماهير وإشراكها فى تحمل مسئوليات العمل العام والمشاركة السياسية.. أو على الأقل وضع اتجاهات الرأى العام فى الاعتبار عند اتخاذ القرارات الحيوية التى تمس الجماهير العريضة من الشعب المصرى..

كان المأزق الحضارى الذى واجه المصريين قد تمثل فى أحد جوانبه فى تراجع مر وتقدم غيرها من الدول.. وكان هذا المأزق واحدا من أهم أسباب ثورتى يناير ويونيو.. واختلفت الآراء فى تفسير هذا المأزق الحضارى.. البعض أرجعه إلى عدم تداول السلطة خلال الستين عاما الماضية.. وذلك على اعتبار أن تداول السلطة يضخ دماء جديدة فى عروق الدولة المصرية.. ويدفع بقوة العمل ويحدث التغييرات المطلوبة إلى الأفضل.. وقد اتفق أغلب علماء الاجتماع السياسى على أن الإصلاح السياسى والديمقراطى وحرية الرأى والتعبير والمواطنة وغيرها هى فى مجملها أمور ضرورية لإحداث التقدم.. وعلى العكس من ذلك نجد أن الصين أطلقت مشروعاً نهضوياً تحديثاً فى مجالات العلوم والتعليم والتكنولوجيا والاقتصاد مع أن الدولة الصينية لم تزل بعيدة عن معايير التحديث السياسى مثل التعددية الحزبية وتداول السلطة وتكريس حرية الرأى والتعبير.. وهى تقدم بذلك معادلة جديرة بالاهتمام تثبت أن التحديث الاقتصادى والتقدم العلمى والتكنولوجى والاجتماعى يمكن أن يكون سابقا للتحديث السياسى حيث قدمت الصين معادلة مهمة طرفاها مجتمع نشط وخلاق.. ودولة مركزية ذات قبضة حديدية.

.. لذلك أرى أنه إذا كان البعض يفسر تراجع مصر الحضارى بأنها مؤامرة.. فإن المنطق يؤكد على أنه لكى ينجح المتآمر لابد أن يكون المتآمر عليه ضعيفاً أو أحمق أو متخاذلا، وهو أمر لا يليق بمصر والمصريين.. لذلك علينا بالإسراع فى طرح المشروع النهضوى المصرى للنقاش (تماما كما فعلت الدول التى كانت تعانى من ظروف مثل ظروفنا وتوافرت لديها إرادة سياسية واتفاق مجتمعى عام على تحقيق النهضة والتقدم) ونتصور أن هذا المشروع ضرورى لتحقيق الانطلاق والتقدم فى مصر وتحديث بنية المجتمع وتحديد الأهداف الكبرى لمصر وصورتها الحضارية فى المستقبل.. وفى تقديرى أن تحديد أهم ملامح المشروع النهضوى المصرى يعتبر مهمة رسالية ومهمة وطنية ضخمة تستوجب تضافر الجهود وحشد الطاقات ومشاركة كل الأطراف.. ومن المهم هنا أن نوضح أن العمل الوطنى المشترك لتحقيق التقدم فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها يجب أن يكون مستندا إلى إطار فكرى يحظى بدرجة عالية من القبول العام والتوافق المجتمعى.. وإذا كان هذا الإطار الفكرى مرنا إلى حد السماح بدرجة عالية من الترشيد فلا شك أنه يمكن فى هذه الحالة تحقيق أقصى درجة من النجاح والفاعلية.

وللسير فى هذا الطريق.. طريق التقدم علينا أن نؤمن بأن أروع وأغلى ما تملكه مصر هو البشر.. هو ناسها وأهلها.. رجالها ونساؤها.. شبابها وبناتها.. عمالها وفلاحوها.. علماؤها وجنودها.. علينا أن نؤمن بأن ثروة مصر الأهم هى الإنسان المصرى.. وبالتالى يصبح ببساطة المعيار الأهم لقياس كفاءة أى نظام حكم قادم وفاعليته هو النجاح فى بناء وتنمية قدرات الإنسان المصرى واستثمار قدراته الإبداعية.. وحتى نسرع السير فى هذا الطريق.. طريق التقدم.. علينا أن نؤمن بأن العالم كله لا يتحرك إلا بدافع القوة.. والقوة هنا لا تعنى قوة السلاح والجيوش فقط وإنما تعنى قوة المجتمعات ومدى تماسكها وقوة العمل والعلم وقوة الاقتصاد والإنتاج والتصدير والتكنولوجيا المتقدمة.. فالعلم وحده هو الذى وضع اليابان التى خرجت من الحرب العالمية الثانية محطمة ومنهارة ومهزومة فى مكانتها البارزة الآن بين دول العالم. أما العرب بصفة عامة ومصر بصفة خاصة بدون هذه القوة فأصبحوا خارج التاريخ وخارج الحضارة المعاصرة.. وخارج نطاق السباق العالمى..

نريد جيلا غاضبا.. نريد جيلا يفتح الآفاق.. وينكش التاريخ من جذوره.. وينكش الفكر من الأعماق.. نريد جيلا قادما مختلف الملامح لا يغفر الأخطاء.. لا ينحنى.. لا يعرف النفاق.. الكلمات لنزار قبانى الذى رحل عن الدنيا قبل أن يلتقى بشباب مصر وأهلها، الذين قادوا ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. الآن لدينا هذا الجيل.. ولدينا أيضا علماء أكفاء وخبراء فى كل المجالات والآلاف من الأبحاث والدراسات التى تناولت حلولا لكل مشاكل مصر فقط علينا الإسراع بإعداد مشروع النهضة الذى يوظف كل طاقاتنا للتحرك فى اتجاه المستقبل.

وأول خطوة فى هذا الاتجاه هى أن نعرف أن سر التقدم فى العالم هو التركيز على صناعات المعرفة التى تعتمد على تفوق الإنسان وحريته وإبداعه.. والخروج من الصناعات الفقيرة فى المكون التكنولوجى والتى تعتمد على عمالة فقيرة وجاهلة ورخيصة.. إلى الصناعات التى تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة.. ولدينا فى مصر محاولات جادة ومبادرات فعالة فى هذا المجال ولكنها مبعثرة.. ومشروع بناء الصناعات القائمة على المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة يحتاج إلى قيادات تجمع بين التفوق التقنى والقدرة على التعبئة المعنوية الوطنية.. ولتوضيح أهمية هذه الصناعات نذكر أن قيمة ساعة العمل للمواطن المصرى لعامل فى مجال الزراعة تتراوح ما بين 4 و6 جنيهات فى المتوسط وترتفع هذه القيمة للعامل المصرى فى مجال الصناعات التقليدية إلى ما بين 8 و20 جنيهات فى المتوسط.. أما ساعة العمل للمصرى العامل فى مجالات الصناعة التكنولوجية المتقدمة فترتفع قيمتها إلى ما يتراوح ما بين 400 و600 جنيه.

هذا فى مصر أما الدول الأكثر تقدما فتصل هذه الأرقام إلى الضعف
.. وهكذا يصبح السير فى طريق التفوق التكنولوجى هو سبيلنا لمضاعفة دخل المواطن المصرى.. ويحسن نمط الحياة فى بلادنا.. ويحقق أهداف ثورتى يناير ويونيو.. وحتى ننجح فى السير فى هذا الطريق علينا أن نتخلص من رأسمالية الجهل.. يعنى موش أى واحد معاه قرشين يبنى عمارة تشوه جمال البلد.. وموش أى واحد وموش لاقى شغل يفرش بضاعة فى وسط الشارع.. وموش أى واحد غليظ الحس معاه فلوس يعمل فيلم يسىء إلى مصر.. وما مأساة العبارة السلام التى غرقت وغرق معها0011 مصرى إلا مثال فج على هذه الرأسمالية الفجة.. والأفضل لنا فى مصر أن نبنى اقتصادا تكون أصوله وثروته ورأس ماله هو الإنسان المصرى.. اقتصاد يسعى إلى التوسع فى الإنتاج والتصدير والمنافسة فى الأسواق العالمية.. اقتصاد يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والكفاءة والإبداع.. اقتصاد يعتمد على الاستخدام الأمثل للإمكانيات المتاحة لتحقيق أكبر عائد بأقل الإمكانيات.. وعلينا أيضا أن نبتعد عن أن يكون اقتصادنا يعتمد على بيع ما نملك من أصول سواء كانت أراضى أو مصانع أو بنوكا تؤول ملكيتها إلى أجانب يستحوذون بفضل هذه السياسات على أموالنا وأسواقنا.. وأن تتوقف الدولة المصرية عن التفكير بمنطق الدولة الريعية التى تعتمد فى دخلها على الضرائب والجمارك ودخل قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج.. وباختصار علينا فى مصر أن نكف عن اللجوء إلى السياسات الاقتصادية التى توفر حلولا تلفيقية سهلة تضر بمصر والمصريين وتهدر كفاح أجيال من المخلصين فى البناء الذين ناضلوا لبناء بنيان الدولة العصرية ومؤسساتها وما حدث فى صناعة السينما المصرية أو صناعة النسيج المصرى المشهور عالميا من أيام مؤسسها طلعت باشا حرب وحتى الآن خير دليل على ما نريد قوله وتحمل تفاصيل تنزف حزنا ومرارة عندما نقارن ما بين كيف بدأنا وكيف انتهى بنا الطريق.. وعلينا هنا أن ندرس ما حدث حتى لا تتكرر المأساة.. وأن نحمى صناعاتنا وثرواتنا وإبداعنا بكل الطرق..

وهكذا يجب أن يؤمن كل مصرى بأن مضاعفة دخله وتحسين نمط حياته لن يتحقق إلا من خلال تنفيذ خطط ومشروعات التنمية الاقتصادية المعتمدة على العلم والتكنولوجيا والتى يجب الاعتماد عليها فى المشروعات الزراعية والصناعية والتجارية وغيرها.. كما يجب أن يكون الاعتماد على العلم والتكنولوجيا هو الأساس فى تنفيذ برامج التربية والتعليم وتوفير الخدمات الصحية ومشروعات الحفاظ على البيئة وغيرها.. ونحن فى مصر نستطيع أن نضاعف من معدلات نمونا الاقتصادى إذا ما توافرت الإرادة السياسية لتحقيق ذلك.. فمصر تملك كل مقومات النجاح فى مجالات البحث العلمى والتكنولوجيا المتقدمة.

وفى هذا المجال يمكن الاستفادة من جهود علمائنا فى الداخل والخارج والاستفادة أيضا من تجارب الدول التى كانت تعانى من مثل مشاكلنا مثل الهند وباكستان وماليزيا والبرازيل ولكنها نجحت فى حل الكثير من مشاكلها عن طريق العمل والإيمان بأنه بالعمل والتكنولوجيا يمكن أن نسير فى طريق المستقبل.. وهو ما يجب أن نؤمن به فى مصر.. وفى هذا المجال قدمت كوريا وبريطانيا صبغة جديدة للتعاون بين الصناعة والتعليم العالى وبين الجامعات والمجتمع.. أو بين البحث العلمى والإنتاج فى المجالات المختلفة.. وهو ما يتعلق بما يسمى حدائق العلوم Scienceparksوهى واحدة من أفضل مناطق التواصل والتفاعل بين العلوم التكنولوجية مع التنمية الاقتصادية.. فالتزواج بين العلم والإنتاج أو بين مراكز البحوث والمصانع وحقول الإنتاج يؤدى إلى تسريع وتيرة التنمية.. لذلك يجب أن تتكاتف الجهود فى مصر والطاقات البشرية لإنشاء تلك المناطق التى ستصبح مناطق جذب حقيقية فى المستقبل.

.. إذا حدث كل هذا وسرنا فى هذا الطريق.. سينشغل كل مصرى بعمله وبمضاعفة دخله وسيتساوى الإرهابى المسطول أو المخبول مع أى مجرم محترف يرتكب جريمة تضر بالمجتمع.. وسيكون هؤلاء محل شفقة الجميع ولن تهتم به الصحافة إلا ربما بسطور قليلة فى صفحة الحوادث وربما تتجاهل الكاميرات أمر هؤلاء المجرمين.. سيحدث هذا عندما ينشغل الجميع فى مصر ببناء المستقبل.. أما إذا لم نفعل ذلك.. واستسلمنا للسير فى الطريق الذى يرسمه لنا أعداؤنا وانشغلنا برزع الفتن والقنابل وبالثأر والانتقام.. سنصبح أسرى لأعدائنا ونتجه كما يخططون لنا إلى طريق الانتحار الجماعى لا قدر الله.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع