زاد الاردن الاخباري -
جلنار الراميني - ذلك الطفل الذي كانت طفولته في ملامح النسيان، ذلك الطفل الذي تبعثرت خلفه الأحزان ، وتزامنت دموع خارقة مع ذكريات أليمة، لتكون نهايته مع كلاب نهشته كما نهشت إعاقته طفولته التي حرم منها نتيجة إعاقته حيث كان يعاني من شلل دماغي جعلته طريح الآلام ، هو طفل ذهب في ثنايا الإهمال الذي كان هو العامل الأبرز في القضاء عليه ، بطريقة تقشعر لها الأبدان، ليكون في ذاكرة الأحزان ، تتلبد لأجلها العبرات في أزقة النسيان.
في الأمس نهشت الكلاب ذلك الطفل الذي تبعثرت ملامحه في شباك القدر ، حيث نهشت أعضاءه التناسلية، وأضحى ربيع عمره الـ(9) سنوات خريفا نتيجة لعائلته التي لم تراعي انه طفل ، وانه يعاني من الشلل الدماغي ، وبحاجة ماسة إلى أقصى درجات الرعاية والمتابعة والاهتمام ،فأين عائلته التي تناست أن فلذة كبدها ينقصه الكثير ليكون كباقي أترابه ، فكيف خرج إلى الشارع وأين كان ذووه؟! وهل كان باب المنزل مفتوح ليخرج لوحده؟! وبما أن الكلاب نهشته أي أن هنالك وقت لا بأس به ليكون ضحيتها، وفي ذلك الوقت لم يتسنى للأهل أن تفقد ولدها أين ذهب؟!.
وهنا لا يسعني إلا أن اتذكر قول الشاعر:
وإنما أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض
إلا أن هذا الطفل قد مشي على الأرض نعم .. لكن مشى إلى نهاية سحيقة ، فمن قرأ عن الحادثة تلعثمت المفردات عنوة في حناجر الألم ، ليبدأ التساؤل "أين كان ذووه"؟!!.
تساؤلات برسم الإجابة ، وضعت على منضدة الاستهجان، ليكون جسد ذلك الطفل البالي ضحية كلاب ، وضحية استهتار ولا مبالاة من قبل عائلته، ورسالة عاجلة للحكومة للوقوف عند مشكلة الكلاب الضالة التي باتت "تسرح وتمرح" دون رقيب في الأماكن السكنية، فالقصص للكلاب الضالة باتت عناوين بارزة للمشاكل التي تعاني منها العديد من المناطق السكنية في مختلف المحافظات.
وزارة التنمية الاجتماعية من منطلق واجبها فقد وقفت عند تلك الحادثة ، وقررت أن يكون الطفل ضمن مسؤوليتها قبل وفاته اليوم صباحا ، حيث اعتبرت ان ما حدث للطفل "استهتار" واضح ، ويجب ان يكون هنالك كلمة "صارمة" و"حازمة" بهذا الشأن ، فـ"الجزاء من جنس العمل" ...وأي روح طفل تزهق في الحياة عبثا ولا يحاسب المتسببون بها ، فالكلب إن مات في دولة غربية يفتح تحقيق بسبب وفاته ، فكيف لروح بشرية ، أليس من الأجدر أن يكون لتلك الروح البريئة "القدسية" ، فتلك الروح لم تأخذ حقها في الحياة ، وحرمت من حياة هانئة كباقي الاطفال، وهنا يجب ان تعطى تلك الروح "المنتعشة" عند بارئها حقها في وضع الحادثة تحت المجهر ومحاسبة "الجناة" ، وإن لم يكونوا مجرمين بالمعنى المقصود ، إلا أنهم مجرمون بالمعنى المجازي لانهم قتلوا طفلهم بأداة اسمها "استهتار" .
أيها الطفل نم قرير العين ، ويكفيك انك طائر في الجنة ، وروحك عند الله طاهرة لا شائبة فيها، وكن على ثقة بأن حقك في "أيدي أمينة"، لم نعلم اسمك بعد ، إلا ان اسمك عند الله "ملاكا طاهرا".
"زاد الأردن" تنادي بصوت أليم الجهات المعنية للوقوف عند هذه الحادثة ، ومحاسبة المتسببين بها من منطق الواجب والمسؤولية، وتنعى من جهتها فقيد "التنمية الاجتماعية" وفقيد "الإنسانية".