زاد الاردن الاخباري -
غازي جبر زايد
إصلاح النظام السياسي
(1)
لقد مر على التاريخ أنواع كثيرة من أنظمة الحكم من حيث الشكل والمضمون ولقد تحدث عنها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من الخلافة الراشدة إلى الملك العضوض وغيرها ولكن النبي عليه الصلاة والسلام لم يؤسس نظام حكم سياسي وإنما وضع معالم وواجبات الأنظمة السياسية وكانت تصرفاته عليه الصلاة والسلام تنقسم إلى عدة أقسام منها ما هو تشريعي يتعلق بالنبوة ومنها ما يتعلق بحياة الناس اليومية وهي أمور لم تتعلق بالنبوة وتعامل معها كانسان عادي مثل قصة تابير النخل وسؤال إحدى النساء عن أحوال النساء فأرشدها لتسال آمنا عائشة رضي الله عنها
وعندما توفي الرسول عليه الصلاة والسلام لم يوصي بشكل مباشر لمن الحكم من بعده وهذا من أعظم الدروس التي علمنا بها سيدنا محمد صلى اله عليه وسلم علمنا بها الإبداع والتفكير والاجتهاد فلم يوصي بشكل مباشر عن من يحكم أو طريقة الحكم بل كانت الوصية الواضحة القاطعة هي التمسك بالقران والسنة والاجتهاد
ومن هنا نجد أن نظام الحكم في الإسلام تم بناءه على أساس الاجتهاد وليس بنص ويتضح ذلك من خلال الحوارات التي تمت بين الصحابة رضي الله عنهم ومن ثم طريقة اختيار الخليفة التالي من قبل الخليفة السابق وما نشأ عن ذلك من خلاف بين علماء المسلمين على طريقة الحكم
بل إن المفكر الإسلامي الكبير ابن خلدون أبدع في تفسيره لحديث الأئمة من قريش حيث فسر قريش بالقوة وليس بالقبيلة العينية ولذلك باب الاجتهاد مفتوح في نظام الحكم في الفكر الإسلامي
وعندما نتحدث عن النظام الملكي الشمولي نجده يتصف بالشمولية في كل شيء فهو الملك الأول كما هو الرياضي ألأول والاقتصادي الأوحد والسياسي الذي ليس له شبيه وشعاره دائما وهل لكم من إله غيري بل انه صفات الملك تشبه صفات الاباطره القدماء اللذين كانوا يزعمون انه من نسل الآلهة فهو فوق الدستور وفوق المسؤولية والسؤال وهذه الملكية بهذه الطريقة قادتنا إلى تصور أن البلد الذي يحكم بالنظام الملكي الشمولي لا يوجد به إلا فرد واحد وهو جلالة الملك ونتيجة لذلك لم نسمع في تاريخ ملكية شمولية لهذه اللحظة عن أي رئيس وزراء قدم للمحاكمة أو أدين وذلك يعود إلى تعينه حيث عين بإرادة ملكية سامية غير مسئوولة عن تصرفاته وأخطائه وهي معصومة عن الخطأ وبالتالي فرئيس الحكومة معصوم بحكم إن الذي اختاره معصوم عن الخطأ وهكذا عاملنا رؤساء الحكومات بأننا حقل تجارب لا غير
أما المجالس المنتخبة وبأكملها من نيابية إلى بلدية أو مهنية فواجبها الرئيس هي المصادقة على أحكام وقرارات المعصوم الذي هو الملك أو رئيس وزرائه وبغير ذلك فهي خارجة عن إرادة الشعب الذي هو الملك فقط ولذلك في ظل الأنظمة الملكية الشمولية لا تجد إلا برلمانات عرجاء تجلب الضر والشر أكثر مما تجلب الخير
وتصوري إن النظام الملكي ايجابيته الوحيدة في الاستقرار الاجتماعي فقط أما التطور السياسي أو الاقتصادي فالحكم الملكي الشمولي فشل في إحراز أية تقدم في ذلك والتاريخ هو القاضي والفاصل على ذلك
إن الأنظمة الملكية الشمولية وعلى مر التاريخ قادت شعوبها إلى كوارث ومصائب وبالنهاية كانت نهايتها هي نهاية دموية ونهائية مثل العائلات المالكة سابقا في فرنسا وروسيا والعراق ولكن عندما العائلات الملكية تخلت عن شموليتها التي استمرت مئات السنين بقيت هذه الأسر لليوم مالكة وتحظى باحترام وتقدير شعوبها وتعتبر عامل رئيسي للاستقرار في البلدان المتطورة مثل بريطانيا
لقد أثبتت الملكية الشمولية وعلى مر التاريخ أنها العدو اللدود للحرية والأستقلال والتقدم والازدهار