في ظل انتشار وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة,لايمكن للصحفي ان يخدع القاريء , مهما بلغ من الذكاء, والدهاء, بتزويق الكلمات, وبتنسيق الجمل والعبارات, فالحبر له رائحه, والكلمة لها طعم, فالكلمة الحرة لها رائحة زكية, مهما طمست يصل الى الانوف عبقها وعبيرها, والكلمة المأجورة لها رائحة كريهه تزكم حتى مرضى الزكام!
فمهما زوقنا الكلامات المغطاة بطبقة من الشكولاته, سواءً المقروءة, أو المسموعة, وجملناها بالأصباغ فإن القاريء أو السامع أو المشاهد, يفرق بين رائحة الضمائر ورائحة الجيوب.... بين الكلمات المكتوبة على ورق أو تلك المكتوبة على دفاتر الشيكات, واوامر الصرف.
ففي كل البلدان هناك فرقة من المطبلين لكل قرارات الحكومة, وتزمر لكل خطاياها, فتسمي الأخطاء مآثر, وتطلق على الخطايا معجزات, وعلى بيع البلاد إستثمار , وعلى خصخصة المؤسسات حرية أقتصادية, وعلى حرية التعبير تطاول, وتبيان خطايا وأخطاء المسؤولين شتم رموز وطنية , وجلداً للذات.
أذا بأبأ المسؤول فهذه بلاغة, وذا فأفأ فهذة فصاحة , واذا ثأثأ فهذه ثقافة ,واذا نطق سخافة فهذه حكمة, واذا تصرف بحماقة فهذه بطولة وأذا تراجع عن رأي فهذه شجاعة واذا رفع الاسعاروخفظ الدينار , فهذا هو الحسم والجزم والعزم, مادام المسؤول مسؤولاً فهو لا يخطيء, فمصائبه هي الصواب, وجنونه هو العقل وسخافاته هي العبقرية!
فالنفاق يجعل من المسؤول الطيب شرير, ويحول صاحب مباديء الى لصٍ كبير, فاذا كنت مسؤولاً وسمعت مديح وثناء في الصباح والمساء , واحرقت لك البخور طوال اليل والنهار, واذا تغنى بمناقبك المزعومة زمرة المطبلين والمنافقين عندما تقوم وتقعد, وعندما تُصيب وتُخطيء , تُصاب بالجنون, وجنون العظمة يفقدك الصواب ويحجب عنك الرؤية , فلا ترى الا ما تحب ولا تسمع الا ما تريد , ولا تفهم الا ماتتمناه. فكم من الرجال الكبار جعلهم نفاق من حولهم صغاراً, يصدقون الاكاذيب , ويعجبون بالتفاهات , ويطربون لاوصافهم الكاذبه ولأمجادهم المزعومة,ويتوهمون أن الناس يصدقون قول المنافقين فيهم في حين أن الناس تحتقر المنافق ومن يحيط نفسه بالمنافقين.