أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
أزمة حادة في الغذاء والدواء يعيشها النازحون بالقضارف السودانية مقابل تصعيد الاحتلال في عمق لبنان .. حزب الله يكرس معادلة جديدة لمواجهته الذكرى التاسعة لرحيل اللواء الركن فهد جرادات مكتب غانتس يهاجم نتنياهو بدء فرش الخلطة الاسفلتية للطريق الصحراوي من القويرة باتجاه العقبة مجلس محافظة البلقاء يبحث مشاريع التنمية الاجتماعية في عين الباشا 21 ألف جريح ومريض بحاجة للسفر للعلاج خارج قطاع غزة روسيا: مصادرة أصول بنكين ألمانيين مفوض الأونروا: نصف سكان رفح مضطرون للفرار أردوغان يصدر عفوا عن سبعة جنرالات في إطار انقلاب 1997 تعزيز الأمن حول مصالح إسرائيلية بالسويد بعد إطلاق نار ليلي قرب سفارة إسرائيل نتنياهو: شروط غانتس تعني إنهاء الحرب وهزيمة إسرائيل القسام تعلن عن المزيد من العمليات اليوم العضايلة مراقباً عاماً للإخوان المسلمين في الأردن السقاف: أهمية رفع كفاءة الموارد البشرية لتعزيز محرك الاستثمار رسميا .. الإعلان عن أفضل لاعب في البريميرليج طاقم تحكيم مصري لقمة الفيصلي والحسين. توق: إصلاح التعليم بالأردن مكلف جداً. وزير الداخلية: لا دليل ملموسا على وقوف دولة بعينها وراء تهريب المخدرات للأردن غانتس يهدد نتنياهو: سأنسحب من حكومة الطوارئ
الصفحة الرئيسية فعاليات و احداث (غيم على العالوك) للزيودي: (كُن راضيًا يا قلب...

(غيم على العالوك) للزيودي: (كُن راضيًا يا قلب فقد عشتُ الحياة جميلة)

01-11-2012 10:43 AM

زاد الاردن الاخباري -

عمان- منذ قصيدته الأولى، يستشرف الديوان الأخير للشاعر الراحل حبيب الزيودي «غيم على العالوك» الصادر عن المؤسسة الصحفية الأردنية «الرأي»، ما كان بعده من فقد الساحة المحلية والعربية المفجع لصاحب الديوان، وهو الفقد الذي لم ينتظر طويلاً بعيد رؤية أولى نسخ الديوان النور، قبل أن يوعز رئيس مجلس إدارة الجريدة علي العايد بطباعة آلاف النسخ منه وتوزيعها على محبي الشاعر وشعره والشعر على وجه العموم.
ففيها، أي قصيدة الاستهلال «أنا الغريب»، تطالع القارئ روح الاستشراف تلك: «أنا المغني وقلبي كان متفقاً مع الزمان وراسي غير متفق/ أنا الغريب الذي لا نار تؤنسه في الطور والليل من خوفٍ ومن قلقِ/ أمامه البر مفتوحاً على ظمأٍ وخلفه البحر مفتوحاً على غرقِ/ يسير كل صباح لا يرى أحداً رغم الزحام الذي يلقاه في الطرقِ».
في هذا السياق، فإن «غيم على العالوك» من أساسه، ربما كان فكرة استشرافية تنبؤية، ذهب حبيب فيها حتى أقاصي الاستبصار، فاستعجل صدور الديوان دون مقدمات، وأراده عند صدوره بطاقة حب ووفاء لقرية الصبا، ومراتع الشقاوة الأولى، هناك بين الظلال الوارفة لأشجار البطم والبلوط والزعرور والسنديان، وأراده ليس شعره الخالص فقط، المستعيد فيه رباطة جأش العمود لديه، وبهاء الصور الناصعات باليقين والغواية في آن، ولكن أيضاً شهادته الأخيرة قبل رحيل العصفور الرابض أعماقه بلمحة زمن، شحنها الشاعر بالمعنى، وضخ في عروقها دماء حياة ما بعد الموت:
«أرنو وغيمٌ على العالوك يأخذني
للنبع تحت ظلال الحور يأخذني
إلى جدائل سود وهي تأخذني
حيث الغوى والهوى والشعرُ والحلمُ
أطير فوق سحاب كي أرى لغتي
على الشواطئ مثل الموج تلتطمُ
يطيعني القمر العالي فأقسمه
والشعر كالسيف في كفي فينقسمُ
ألمّه باستعاراتي وأجمعه
يهفو إلى ليل ناياتي فيلتئمُ
سيّلت آيات إعجازي على كلم
بأي معجزة ترضين يا ارمُ؟».
حتى الحزن المنذورة له العالوك بعد رحيله المفجع، يقرأه حبيب في جزء آخر من قصيدته «بأي معجزة ترضين يا ارمُ؟»، فتراه ينسج جدائل هذا الحزن ويملأ به رئة الهواء وشرايين المدى: «حزن وغيم على العالوك عبّأني، أغبُّ منه فعبّئ أيها القلمُ». وهو حزن لا يتوقف هنا، ولا يتوقف هناك، هو الحزن الأخير الآخر المعجون بتربة الأرض وحضنها الحنون: «قالوا لي انشد هوى أضناك قلت لهم، ما عاد فيّ هوى أو عاد فيّ فمُ».
في «نجمة الليل» ثالث قصائد الديوان الواقع في 127 صفحة من القطع الكبير، يصل الاستشراف الدامي ذروته:
«تقودُني نجمةٌ في الليلِ حائرةٌ
إلى ذنوبي
فأمشي صوب وحدتها
وحدي
وأتركُ بابَ البيتِ مفتوحا
وكم كذبتُ على قلبي فسار معي
إلى غواي رفيقاً لا يخون ولا
يريدُ مني إذا أسرفتُ توضيحا
أسرفتُ كي أنحتَ المعنى على حجرِ
وكي يظل هيامي فيكِ مفضوحا
أضأتُ عتمَ مجاهيلي بأغنيةٍ
عن الظلام
وأطفأتُ المصابيحا».
وكأن الشاعر حبيب الزيودي، أراد في «غيم على العالوك» الصادر له بعد: «الشيخ يحلم بالمطر»، «طواف المغنّي»، «ناي الراعي» و»منازل أهلي» وأعمال أخرى، أن يربط مصير قريته الوادعة، بمصيره القلق المضطرب، وكأنه أراد أن يأخذها حيث تأخذه غواية الشعر، وصبابة الوفاء للراحلين قبله، وإذا كان في المقدمة منهم عرار، فإن للمناضل الراحل حمدان الهواري مكانة أثيرة في قلب حبيب الذي بدأ يتدفق في أسابيعه الأخيرة تأجج الدم الطالع من قلب الهدأة الراضية المرضية، وله مكانة أثيرة كذلك في قصائده الأخيرة، وهو إجمالاً لم ينسه يوماً وظلّ حمدان سؤاله الذي مات دون أن يحظى بإجابة عنه:
«حمدان.. حمدان ظَلَّ السرو يسألني، باب الحقوق عن النوار في المقلِ/ فقلت يا سرو قد عشنا على أملٍ، وقد قضينا كما تدري على أملِ/ لعل عمّان مذ زفّتك باكيةً، تبكي عليك بوجد الواله الثَّكِلِ/ قدّستُ هذا الثرى الغالي وطفتُ به، طواف مستلمٍ للركن مبتهلِ/ كأنما هطلتْ يوم الوداع على وجه الشهيد قطوف الطيرِ بالقُبَلِ/ خذي ابتسامتَه البيضاء عن فَمِهِ/ ونوّري يا فروع اللوز واشتعلي».
وإن كانت «نجمة الليل» قد وصلت بأعماقها ذروة الاستشراف، فإن قصيدة «إن الحياة جميلة» آخر قصائد الديوان تتجاوز الاستشراف لتصل إلى ما يمكن تسميته، مجازاً، قراءة كف الغيب، وفيها يصل حوار الموت، أو الحوار مع الموت أقصى حالات كشفه عن عمق إحساس حبيب باقترابه:
«كُن راضيًا يا قلب
إن الرحلة اقتربت
فلا تجزع على أحد
فقد عشتُ الحياة جميلة
فيها بيوت، والبيوت فيها نوافذ
والنّوافذ لا تُطل على أحد».
فهل يمكن أن تكون هناك قراءة لموتٍ أطلَّ على الشاعر العاشق ثاني أيام العيد، بعمق هذه القراءة وقوة تحديقها فيه مقبلاً غير مدبر، ناجزاً منذ لمحته الأولى، ونصله الأول.
وهو في مقطع سبق المقطع أعلاه، يصدح منشداً ومودّعاً:
«أرجوك لا تأتي غداً أو بعد غدْ.
إن الحياة جميلةٌ
لكن علينا أن نودعها كتوديع الحبيبة باسمين
جميلة أيامنا،
وجميلة أحلامنا
أرجوك لا تأتي، اتّئدْ.
لا بد من يوم يومٍ يجيء
ولن تراني غاضباً متبرما
عشت الحياة كما يليق بمرّها وبمرّها
وكما يمرّ السهم من جسد الغزال مررتُ
وحدي كنت في بريّة الدنيا،
ولكنّ الرماة بلا عددْ».
رئيس التحرير المسئول سمير الحياري قال: إن حبيب الزيودي الذي تغنى بجمال الوطن ووقف عند كل شجيرة ووردة ندية، ودون روح المكان بعذب الكلام والشعر، ساهم في صوغ وجدان أبناء الوطن من خلال قصائده المغناة، يستحق طباعة أعماله كامله، التي تمثل ذاكرة الوطن، وهذه المجموعة واحدة من سلسلة تتمم أعماله الشعرية والنثرية التي كتبها في الرأي ، وكان أحد أبنائها الأوفياء، ومنحوها خلاصة تجاربهم وأبداعهم.
وكان رئيس مجلس إدارة جريدة «الرأي» علي العايد أوعز بطباعة آلاف النسخ من «غيم على العالوك» ليتسنى لعشاق الشاعر والشعر على وجه العموم، الحصول على نسخ من الديوان.

محمد جميل خضر

الراي





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع