زاد الاردن الاخباري -
بقلم: باتريشيا أحمد الحجاوي
إن مِتُّ قبلكَ أوصيك بالمستحيل... محمود درويش
هل تعتقدون أننا أحرار ؟؟ سؤال يراودني صباح مساء .. إن كنتم تعتقدون ذلك فأنتم مخطئون, إلا من رحم ربي وهي فئة قليلة جداااا.
إن أعظم وأقوى أشكال السيطرة هي عندما نظن أننا أحرار بينما نحن في حقيقة الأمر مملوكون بطريقه أو بأخرى.
إن أحد أشكال الدكتاتورية أن نساق ونقبع داخل الزنزانات, زنزانات نستطيع أن نرى أسوارها ونلمس قضبانها. والشكل الآخر وهو أعظم وأدهى أشكال السيطرة عندما نظن أننا أحرار بينما نحن في واقع الأمر مسيطر علينا بما يتم إملاؤه لنا.
العالم بأكمله الآن يعاني من التنويم المغناطيسي الجماهيري, وذلك من خلال الإعلام, ومذيعي الأخبار, السياسيين, المحاضرين.. إلخ. إعلام يدار ومسيطر عليه من قبل أناس مرضى العقول.
إن التنويم المغناطيسي الأقوى في العالم, تلك المواقع الإخبارية والقنوات التلفزيونية فهي تخبرنا بما علينا أن نصدقه على أنه حقيقة. بينما الفرق بين ما يتم إخبارنا به وما يحدث فعلا.. فرق كبير جداً!!!.
أنا لا اشعر تجاه ما يذاع بالطريقة التي نؤمر بها بأن نشعر, على سبيل المثال الخبر المتعلق بمصافحة الرئيس محمد مرسي لـ أحمدي نجاد, البعض تناقله في إشاره على أن محمد مرسي ضعيف ولا يصلح لأن يكون في موقعه أو ذاك بعض المواقع التي تناولت خبر تسليم مرسي لـ إحمدي نجاد رئاسة قمة عدم الانحياز, أو تلك المتعلقة بتعاطف الأمريكان والأوروبيين وحزنهم لما يحدث في ليبيا أو سوريا؛ في حقيقة الأمر أنا لا أصغي إليهم ولست مستمعه جيده, فكل ما أقرأ وأسمع من الإعلام أو الصحافة لا يأخذ حيز التفكير على محمل الجد. ليس لشيء .. إنما أحب أن أبني رأيي الشخصي الخاص, لا أتطاير ولا أعلي الصرخات إعجابا أو استنكارا ولا أتدحرج مع الباقين لأنني أمرت بهذا.. !!
أنظروا معي مثلا إلى الخبر الذي تم تناقله عبر المواقع الالكترونية العالمية والمحلية إضافة إلى تناقله عبر القنوات التلفزيونية والمتعلق باختراق ايميل بشار الأسد ((ليس دفاعا عن بشار الأسد, إنما دفاعاً عن فكري الذي احمي به وطني, وبلاد العرب أوطاني)). بعض المواقع تناقلت الخبر "قائد عملية اختراق ايميل الأسد: لدي الكثير من الأسرار والفضائح" ومواقع أخرى "كلمه سر ايميل بشار الأسد المخترق 1234". هل يعقل هذا يا هذا؟؟؟ دعنا نقف هنا ونستذكر أيضا الهاكرز السعودي الذي اخترق وحصل على معلومات عن آلاف البطاقات المصرفية في إسرائيل والذي كان يستخدم اسم OX Omar؟ هل نتذكر سويا رد إسرائيل ؟, حينها كان رد إسرائيل الآتي "توعدت إسرائيل بالرد بالمثل" وبعد أيام قليله أعلنت أنها استطاعت الرد؛ لكن المفاجئ كان نفي الخبر من قبل المصارف السعودية أي تكذيبه.
نعود مرة أخرى إلى موضوعنا وهو اختراق ايميل الأسد, ماذا عن كلمه السر "1234" سأحاول الإجابة بغباء وسذاجة أيضا في محاولة لأن أتحدث بنفس لغة الخبر الذي تم تناقله. جميعنا يعلم لأي ايميل أو اشتراك لأي منتدى لا تكون أقل من ست خانات, وعلاوة على ذلك فإن البعض بل الأغلب يشترط أن تتضمن كلمه السر حروفا وأرقاما إضافة إلى إعطاء تنبيه بأن كلمه السر "ضعيفة, متوسطة, قوية" وعندما تكون ضعيفة جدا يطلب تغييرها علما انه لا يقبل كلمه سر مكونه من أربع خانات, هذا انتقاد ساذج غبي جدا, لن أكثر الجدل فيه.
ما لفت نظري أيضاً أن "القائد" – وأتعجب لهذه التسمية – حسبما ذكر في الخبر أنه قام بإرسال مقالات بتوقيعه تحمل في مضمونها تحذير ومطالبة بالإصلاح قبل فوات الأوان. وأتمنى وضع سبعين ألف خط أسفل كلمه "تحذير". هل يعقل يا هذا ؟؟؟ هل يعقل كل ذاك ولا يتم متابعتك من نظام كنظام الأسد؟؟ أو في أغبى الحلول تغيير الإيميل؟؟ بل وبسذاجة أكثر استدراجك والخلاص منك؟؟
ما أريد أن أصل إليه هنا, جميع وسائل الإعلام الضخمة مملوكة وموجهه بشكل مباشر وبالتالي السيطرة على ما تبقى من وسائل إعلام بطريقه غير مباشرة بمساعدة من يقومون باستنساخ الأخبار دون إعمال العقل. وللأسف هناك البعض ولربما الكثير أن صدقت القول من الصحفيين أو المستصحفين والمثقفين والمستثقفين يتحولون إلى وكالة إعلامية مختصة بفبركة الأخبار لصالح الفضائيات النفطية, والتي بدورها تنفذ ما يمليه عليها سادتها, تلك الفضائيات المملوكة في حقيقتها لمن أسميهم "نخب هذا العالم" من يريدون ويسعون لرسم شرق أوسط جديد.
هؤلاء القادة يسيطرون على جميع الأخبار والمعلومات التي نتلقاها ويدفعون مليارات الدولارات على اللوبيات الخاصة بهم. هم لا يريدون شعوب متعلمين, مثقفين, ذوي معرفة, أذكياء, قادرين على التفكير النقدي. لذلك لن يتم تحسين نوعيه التعليم أبدا, لأن ذلك ليس من صالحهم بكل بساطة.
هم يريدون أناس أذكياء بدرجه بسيطة ليحققوا ما يريدون منهم, وبقدر أكبر بكثير من الغباء حتى يتقبلوا تلقائيا كل ما يقال لهم.
وهنا أطرح سؤالاً كنا قد تعلمنا إجابته في الابتدائية: ما هي الطريقة الأجدى والأكثر فاعلية للسيطرة على العالم؟؟
كل ما نسمعه عن الاختلافات فيما بيننا, لكننا لا نسمع شيء عما نتشابه به.. لماذا؟؟!! دائما التركيز على العرق, الدين, القومية, الجنس, الحالة الاجتماعية, التعليم...
ببساطه إنها سياسة "فرق تسد", لكن الأكثر ألما أننا نساعدهم في تطبيق تلك الخطة معهم وليس ضدهم.
جميع ما يفعلون كي يتمكنوا من صنع أناس مطيعون, لقد أدركوا منذ زمن ليس ببعيد أن تقييد الجسد لا يعني بالضرورة تقييد العقل, ولبناء العالم الذي يريدون لا بد من قهر الشعوب للالتزام بما يريدون وبالتالي تحقيق برامجهم. فكان لا بد من وسيلة التنويم الجماهيري لإحكام السيطرة, وكانت الفضائيات المملوكة من قبلهم والمواقع الإخبارية العالمية, وبالتالي السيطرة بطريقه غير مباشرة على ما يتم تناقله في باقي المواقع بوجود فكر منقاد لا يعمل بطريقة ناقدة حتى في نقل الخبر.
إن العقل الحر المفكر هو أخطر أعدائهم, لذلك يعملون بشكل حثيث على تدميره من خلال ما يبث من أخبار متضاربة في المعلومة, التشكيك, تناقل الخبر وضده في نفس الوقت, العودة ونبش الماضي ثم طمره ثم استحداثه من جديد "دوامه لا تنتهي", كل هذا حتى نتوه في صحراء فكرنا إن حاولنا التفكير بطريقه مختلفة, التفكير بعيدا عن مبدأ "مع أو ضد" وهذا ما لا يرغبون.
انظروا مثلا الخبر الذي تم تناقله أيضا يوم أمس " مرسي يعين 10 محافظين بينهم 6 إخوان" وفي نفس التوقيت مواقع أخرى تناقلته بتغيير الرقم "بينهم 4 إخوان" وأخرى "بينهم 2 إخوان"
أخبار أخرى أكثر تعقيدا بقليل كتلك المتعلقة بالعلاقات الإيرانية الأمريكية الإسرائيلية, تارة إسرائيل تهدد إيران وفي المقابل إيران تهدد إسرائيل, خبر آخر ذو صلة "إدارة الرئيس الأمريكي تبعث برسالة إلى إيران تؤكد أنها لن تشارك في هجوم عسكري إسرائيلي" وبالمقابل "اوباما عمل بجد لحفظ أمن إسرائيل وأمن إسرائيل خط أحمر"
جميعنا يعرف أن إيران من ساعدت الأمريكان على احتلال العراق بحجة أن الطريق إلى الأقصى يبدأ من العراق.
وبالرغم من الحملات الكلامية والاتهامات بين الدولتين، إلا أن تلك الحملات ما هي إلا حملات موجهة بعناية لنوع معين من المستمعين، المستمعين الذين يتوقعون من كلا الدولتين مثل تلك الحملات الكلامية الباعثة على الإثارة، إن المساعدات التي قدمها الإيرانيون لقوات الاحتلال في العراق كثيرة.. فأي حقيقة يريدوننا أن نصدق؟؟؟
كانت البداية بإملائنا بما يرغبون أن نصدق, ولان خططهم لا يمكن أن تتم بشعب قادر على التفكير النقدي كان لا بد من تحديث الخطة لجعلنا تائهين في معرفة حقيقة ما يحدث حتى يحكموا من سيطرتهم ويحققوا أهدافهم.
أما أنا ، فلا انتمي إلا إلى الآتي " في كثير من الأحيان الخيال هو الأقرب للحقيقة من الواقع " , لذلك احذروا واستفيقوا قبل أن يفوت الأوان
"وأنت في طريقك إلى تحرير الأوطان لا تنسّ أن تعرج قليلا لتحرير الإنسان" طوني خوري.