الجيش الإسرائيلي ينسحب من قباطية بعد عملية عسكرية واسعة
المياه: سدود الجنوب تسجل ارتفاعا ملحوظا بتدفق كميات المياه
عروض وألعاب نارية .. الإمارات تستقبل 2026 بفعاليات عالمية في هذه الأماكن
إنقاذ أشخاص من الغرق خلال محاولتهم عبور الحدود السورية اللبنانية والبحث عن مفقودين
زيلينسكي إلى فلوريدا للتباحث مع ترامب في خطة إنهاء حرب أوكرانيا
بوتين: سنحقق أهدافنا بالقوة في أوكرانيا إذا لم ترغب في السلام
بشرى سارة للعالم .. لقاحات السرطان قد تصبح متاحة خلال 10 سنوات فقط
غرق مئات خيام النازحين في قطاع غزة مع اشتداد تأثير المنخفض الجوي
العمل تحرر 5803 مخالفات وتنفذ أكثر من 28 ألف زيارة تفتيشية خلال 11 شهرًا
تباطؤ متوقع للحركة المرورية في العاصمة والمحافظات بسبب تساقط الأمطار
7 أخطاء شائعة عند التوقف عن حقن التنحيف ونصائح للحفاظ على النتائج
مدير تربية الزرقاء الأولى: استلام 4 مدارس جديدة مطلع العام المقبل للتخفيف من نظام الفترتين
بلدية الكرك: ليلة طويلة مرت على المحافظة!
التربية تفوض مديريها باتخاذ قرار دوام المدارس وفق الحالة الجوية
خدعة الدماغ .. لماذا نملك معدة ثانية مخصصة للحلوى بعد الوجبات الدسمة؟
الركض في منتصف العمر بين فوائده الصحية ومخاطره المحتملة
الجيش الأردني يحبط محاولة تسلل جديدة
"التربية النيابية" تناقش الأحد نظام الثانوية العامة الجديد
أمن الدولة تمهل 36 مطلوبًا 10 أيام لتسليم أنفسهم
منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، انتقلت سوريا تدريجيًا من دولة مركزية ذات نظام سلطوي مغلق إلى ساحة صراع دولي وإقليمي مركّب، تتداخل فيه مشاريع الهيمنة الجيوسياسية مع خرائط النفوذ العسكري والاقتصادي، وتتفكك فيه السيادة الوطنية لصالح ترتيبات أمر واقع غير معلنة ، لم تعد سوريا تُدار وفق منطق الدولة الحديثة، بل وفق معادلة الدولة المُجزّأة وظيفيًا، حيث تتوزع السلطة بين قوى داخلية وخارجية، ويتحوّل القرار السيادي إلى نتاج تفاهمات دولية أكثر منه تعبيرًا عن إرادة وطنية ، وفي هذا السياق، برزت أسماء وشخصيات جرى تداولها، صراحة أو تلميحًا، كخيارات محتملة لقيادة «سوريا ما بعد الصراع»، سواء في إطار انتقال سياسي، أو تسوية دولية مُدارة، أو إعادة إنتاج للنظام المخلوع بصيغة معدّلة ، ومن بين هذه الأسماء، يبرز مناف طلاس بوصفه حالة إشكالية فريدة، تجمع بين الانتماء إلى قلب النظام السوري السابق والانشقاق عنه، وبين القبول الغربي النسبي والالتباس الشعبي الداخلي ، بالتالي تهدف هذه القراءة إلى تقديم تحليل استراتيجي–أكاديمي لشخصية مناف طلاس، ولمدى واقعية فرضية إعداده أو الاحتفاظ به كخيار سياسي ضمن تفاهم أمريكي–فرنسي غير معلن، في ظل التحولات البنيوية العميقة التي أصابت الدولة السورية، بعد سقوط نظام بشار الأسد ، وطبيعة الصراع الدولي الدائر على مستقبلها ، ولفهم ذلك جيداً علينا التوقف عند هذه الحقائق :
أولًا : مناف طلاس – الموقع الشخصي والسياسي : ينتمي مناف طلاس إلى واحدة من أكثر العائلات التصاقًا ببنية السلطة السورية السابقة ، حيث كان والده، مصطفى طلاس، وزير الدفاع لعقود طويلة وأحد الأعمدة الصلبة للنظام في عهد حافظ الأسد ، وهذا الانتماء لم يكن رمزيًا فقط، بل وفّر لمناف طلاس ثلاثة عناصر استراتيجية نادرة :
1. معرفة داخلية عميقة ببنية النظام السابق الأمنية والعسكرية، وآليات اتخاذ القرار، وشبكات الولاء داخل الجيش ومؤسسات الدولة.
2. قبولًا ضمنيًا لدى قطاعات من النخبة التقليدية التي تبحث عن مخرج سياسي يضمن بقاء مصالحها دون انهيار كامل للنظام العام بعد هروب بشار ، أو انتقال ثوري جذري يغير كل شيء .
3. قابلية للتسويق الغربي بوصفه «بديلًا من داخل النظام السابق لا من خارجه»، ما يخفف هواجس الفوضى، والانهيار الأمني، وصعود قوى راديكالية غير قابلة للضبط.
وبذلك، لم يكن مناف طلاس شخصية عابرة، بل نتاجًا بنيويًا لمنظومة الحكم السابقة نفسها، مع قابلية لإعادة توظيفه سياسيًا خارجها.
ثانيًا: الانشقاق عام 2012 – قراءة سياسية لا أخلاقية ، حيث يمثّل انشقاق مناف طلاس عام 2012 لحظة مفصلية في مسيرته، إلا أن قراءته من منظور أخلاقي أو عاطفي تُعد قراءة قاصرة ، سيما وأنه في التحليل الاستراتيجي، لا يُقاس الانشقاق بمضمونه القيمي، بل بـ توقيته، ومساره، والجهة التي رعته، والوظيفة التي أدّاها ، لعدة أسباب أهمها :
1. توقيت الانشقاق ، حيث جاء الانشقاق في مرحلة لم تكن فيها موازين القوى قد حُسمت ، وكان الرهان الغربي لا يزال قائمًا على إسقاط النظام أو تفكيكه تدريجيًا ،
ولم تكن المؤسسة العسكرية قد تشظّت بالكامل ، ما يشير إلى أن الانشقاق كان حركة تموضع محسوبة، لا فعل يأس أو انكسار.
2. مسار الخروج ، وقد تم خروج مناف طلاس عبر قنوات آمنة ،
دون استهداف مباشر من النظام السابق ، ودون تصعيد سياسي أو إعلامي لاحق ضده ،
وهو ما يعكس وجود تفاهمات صامتة أكثر مما يعكس قطيعة عدائية كاملة.
3. الوجهة: فرنسا ، فاختيار فرنسا لم يكن عشوائيًا ، فباريس تمتلك تاريخًا انتدابيًا في سوريا ، وفاعل استخباراتي نشط في الملف السوري ، وشريك رئيسي لواشنطن في إدارة ملفات الانتقال السياسي المعقّدة ، وعليه، شكّلت فرنسا منصة سياسية–أمنية لإعادة تموضع طلاس، لا مجرد ملاذ سياسي.
ثالثًا: مناف طلاس كنموذج «الشخصية الانتقالية من داخل النظام السابق» ، وفي أدبيات التحول السياسي المعتمدة لدى مراكز التفكير الغربية الكبرى، يُصنّف مناف طلاس ضمن نموذج :
Insider Transitional Figure
(شخصية من داخل النظام السابق تُستخدم لإدارة الانتقال لا لقيادة ثورة) ، وخصائص هذا النموذج ، لا يمتلك قاعدة شعبية صلبة ، ولا يقود مشروعًا أيديولوجيًا ، بالتالي مقبول دوليًا، ومحتمل محليًا ، ووظيفته الأساسية خفض كلفة الانتقال لا إنتاج شرعية جديدة ، وبناءً على ذلك، فإن مناف طلاس ، ليس مشروع قائد كاريزمي ، ولا رمزًا ثوريًا ، بل أداة انتقالية محتملة في حال تقرر فرض تسوية سياسية دولية مُدارة.
رابعًا: فرضية الاتفاق الأمريكي–الفرنسي الخفي :
1. لماذا «اتفاق خفي»؟! لأن الإعلان العلني عن أي ترتيبات سياسية في سوريا ، يصطدم مباشرة بروسيا وإيران ، ويُفجّر الداخل السوري الهش ، ويُسقط أي شخصية قبل استخدامها ، لذا تعتمد واشنطن وباريس سياسة التخزين السياسي طويل الأمد للشخصيات.
2. المصالح الأمريكية ، والولايات المتحدة لا تسعى إلى ديمقراطية كاملة ، ولا سيادة وطنية قوية.
بل إلى : دولة منخفضة السيادة ،
غير معادية لإسرائيل ، غير متحالفة استراتيجيًا مع روسيا أو إيران ، قابلة للاحتواء لا للمواجهة ، ومناف طلاس، ضمن هذا المنظور ، غير راديكالي ،
غير معادٍ للغرب ، وابن المؤسسة السابقة لا خصمها.
3. المصالح الفرنسية ، وفرنسا تبحث عن دور سياسي طويل الأمد في المشرق ، ونفوذ ثقافي–اقتصادي في إعادة الإعمار ، وإعادة إنتاج نفوذها التاريخي بصيغة حديثة ،
وشخصية مثل طلاس متمركزة في باريس ، ومفهومة ذهنيًا للمؤسسة الفرنسية ، قابلة للتوظيف ضمن ترتيبات أوروبية أوسع.
خامسًا: العوائق البنيوية أمام سيناريو «طلاس رئيسًا» ، ورغم ما سبق، يواجه هذا السيناريو عوائق جوهرية:
1. غياب الحاضنة الشعبية ، حيث
لا يمتلك طلاس سردية نضالية ، ولا شرعية تضحية ، ولا قاعدة اجتماعية واسعة.
2. الرفض الروسي–الإيراني ، فموسكو تفضّل إعادة إنتاج النظام أو التحكم به ، وطهران ترى في أي انتقال مُدار تهديدًا مباشرًا لمشروعها الإقليمي.
3. تفكك الدولة السورية ، و
سوريا اليوم ليست دولة مركزية، بل:
جغرافيا نفوذ ، أمن مُجزّأ ، اقتصاد حرب ، ما يضعف قدرة أي شخصية مدنية غير مسنودة بقوة صلبة.
سادسًا: السيناريو الأرجح – طلاس كجزء من كيان انتقالي مُهندس دوليًا ، وبالتالي السيناريو الأكثر واقعية ليس ، مناف طلاس رئيسًا لسوريا ، بل مناف طلاس عنصرًا أو واجهة سياسية ضمن مجلس انتقالي متعدد الرؤوس يضم :
عسكريين من النظام السابق ، ومعارضين مُعاد تدويرهم ، وتكنوقراط ، وإشرافًا دوليًا مباشرًا ، وظيفته
إدارة الاستقرار ، وتمرير مرحلة إعادة الهيكلة ، لضمان مصالح القوى الكبرى، لا تحقيق عدالة انتقالية حقيقية ، ويبقى
مناف طلاس ليس وهمًا سياسيًا، لكنه أيضًا ليس مشروع خلاص وطني ، هو نتاج مرحلة انتقالية مُعلّقة، وشخصية محفوظة في الأدراج الدولية كخيار احتياطي، يُستدعى إذا توافرت الشروط، ويُهمَل إذا تغيّرت التوازنات ،
وفي سوريا ما بعد الصراع، لن يكون السؤال الحقيقي: من يحكم سوريا؟!!
بل: من يُديرها؟!
ولحساب من؟!
وبأي مستوى من السيادة؟!!
وحتى إشعار آخر، يبقى مناف طلاس اسمًا في معادلة لم تُحسم بعد، أكثر منه قائدًا لدولة لم تُولد ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .