أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
إسرائيل تربط المرحلة الثانية من خطة ترامب بشأن غزة بنزع سلاح حماس إقرار الخطة الاستراتيجية للدخل والمبيعات للأعوام 2026 – 2029 تصعيد بين واشنطن وكراكاس .. ناقلة نفط تعود وقانون فنزويلي يجرّم المصادرة بلدية الزرقاء تتحرك قانونياً ضد المتورطين بسرقة المناهل وزارة التربية تكمل تجهيز قاعات "التوجيهي" التكميلي لاستقبال 131 ألف طالب وطالبة سعر غرام الذهب عيار 21 يرتفع إلى 90.20 دينارًا في الأردن حملة لتنظيف جوف البحر بمحمية العقبة البحرية البندورة بـ 20 قرش والخيار بـ50 في السوق المركزي اليوم ديرانية: طلب متزايد على الدينار الأردني مع نهاية العام وموسم الأعياد السفارة الأميركية تغلق أبوابها اعتبار من اليوم وحتى الأحد المقبل استمرار دوام أسواق المؤسسة المدنية الخميس والجمعة تركيا: العثور على جثث الضحايا والصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي مقتل 3 أشخاص بينهم شرطيان بانفجار في موسكو مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24-12-2025 والقنوات الناقلة عمليات إجلاء جراء عاصفة قوية تضرب كاليفورنيا بلجيكا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بالعدل الدولية الذهب يسجّل مستوى قياسيا جديدا متجاوزا 4500 دولار للأونصة البرلمان الجزائري يصوّت على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي أعضاء مجلس الأمن يجددون دعمهم لجهود السلام في اليمن إدارة ترامب تلغي برنامج قرعة الهجرة العشوائية "اللوتري"
الصفحة الرئيسية عربي و دولي في موزمبيق: ثماني سنواتٍ من العنف والنزوح وحياة...

في موزمبيق: ثماني سنواتٍ من العنف والنزوح وحياة السكان خارج دائرة الاهتمام الإعلامي

في موزمبيق: ثماني سنواتٍ من العنف والنزوح وحياة السكان خارج دائرة الاهتمام الإعلامي

24-12-2025 06:18 AM

زاد الاردن الاخباري -

يواصل تصاعد النزاع في شمال موزمبيق اقتلاع حياة الناس وإجبارهم على الفرار، حيث يتعرض المدنيون لهجمات تشنّها جماعة مسلحة من غير الدول، والتي لا تزال تخوض اشتباكات مع القوات المحلية والإقليمية. ويواجه السكان أعمال عنف وشعورا عاما بانعدام الأمان، ما يدفع إلى موجات نزوح واسعة مع اضطرار العائلات إلى مغادرة منازلهم بحثا عن الأمان. وفي ظل هذه الأزمة المتفاقمة، يجب أنّ يظل ضمان حماية المدنيين والمرافق الطبية والعاملين في المجال الإنساني أولوية قصوى.

عندما فرّ برناردو وزوجته أليما من قريتهما "كوراساو"، لم يكن بحوزتهما ما يحملانه تقريبا، وكان أملهما الوحيد هو معرفة مصير ابنتيهما، اللتين كانتا في التاسعة والسادسة من العمر عندما اختطفهما رجال مسلحون في عام 2020، ولم يتلقَّ الزوجان أي خبر عنهما على مدى سنوات، ولم تبلغهما أي معلومات إلا مؤخرا، حين نقل أحد الناجين الذي تمكن من الفرار من الأسر أنّ ابنتيهما لا تزالان على قيد الحياة. ويقول برناردو لفرقنا في "مويدا"، حيث تقيم عائلته في مخيم للنازحين منذ تشرين الأول/ أكتوبر: "كل فكرة تقود إلى طريق مسدود". ولا يعرف الزوجان إن كان سيُكتب لهما يوما لقاء ابنتيهما من جديد.

بينما ينصبّ الاهتمام الدولي على استئناف المشاريع الكبرى في قطاع الطاقة وتعزيز الإجراءات الأمنية المحيطة بالموارد الرئيسية في المقاطعة، تبقى معاناة السكان الذين يعيشون هذه الأزمة مهمّشة

وبعد مرور ثماني سنوات على اندلاع النزاع في كابو ديلغادو، بات الخوف وانعدام اليقين واقعا يوميا لمئات الآلاف من السكان في هذه المقاطعة الواقعة شمال موزمبيق. وبينما ينصبّ الاهتمام الدولي على استئناف المشاريع الكبرى في قطاع الطاقة وتعزيز الإجراءات الأمنية المحيطة بالموارد الرئيسية في المقاطعة، تبقى معاناة السكان الذين يعيشون هذه الأزمة مهمّشة.

وقد قُتل أكثر من 6,000 شخص منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2017، واضطرّ ما يزيد على مليون شخص، أي نحو ثلث سكان كابو ديلغادو، إلى الهرب من منازلهم، ولا يزال نصفهم تقريبا في حالة نزوح. وشهدت كابو ديلغادو، منذ أواخر تموز/ يوليو، تصاعدا حادا في وتيرة العنف. ويُعدّ هذا العام الأكثر عنفا على الإطلاق من حيث عدد الحوادث الأمنية وتكرارها، حيث سُجّل أكثر من 500 حادث خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025، وقد شملت هذه الحوادث عمليات اغتيال وحشية، وعمليات اختطاف، ونهب، وإحراق متعمّد.

وقد طالت الهجمات معظم مقاطعات الإقليم، وامتدّت إلى المقاطعتين المجاورتين نامبولا ونياسا. وخلال الفترة الأخيرة، اضطرّ عشرات الآلاف من الأشخاص إلى الهرب من منازلهم. وهذه ليست المرة الأولى بالنسبة لكثيرين منهم، حيث عاد بعضهم إلى المخيمات نفسها التي لجأوا إليها خلال الهجمات الدامية في عامي 2020 و2021.

وغالبا ما تغادر العائلات منازلها دون أن تأخذ معها سوى الملابس التي ترتديها، فيما ترافقها مشاعر ثقيلة من الخوف والإرهاق والصدمة.

حياة مضطربة ومخاطر صحية متزايدة

أمضت بيرتينا ثلاث سنوات في موقع النزوح في لياندا، الذي أصبح مسكنها رغم تدهور الظروف فيه باستمرار، فالغذاء شحيح، والأغطية البلاستيكية التي تغطي مسكنها متضررة إلى حد يسمح بتسرّب مياه الأمطار إلى الداخل. أما المياه، فهي نادرة، حيث قد يستغرق الحصول على 40 لترا ما يصل إلى ثلاثة أيام، وهي كمية لا تكفي سوى ليوم واحد لعائلتها المكوّنة من تسعة أفراد.

وكانت تحصد سنويا نحو اثني عشر كيسا من الكاجو في قريتها الأصلية في نانغادي، وهو ما كان يكفي لإعالة الأسرة بأكملها وبناء منزل مزوّد بخزان مياه خاص. ولكن بعد تعرّض القرية للهجوم، لم يبقَ من ذلك كلّه سوى خزان المياه.

وليست بيرتينا وحدها من عاشت هذه التجربة، فكثيرون ممّن تحدّثوا إلى فرقنا أفادوا بأنهم شاهدوا منازلهم تحترق، وأعمالهم تختفي، واضطروا إلى ترك أراضيهم الزراعية وممتلكاتهم، كما فقدوا أفرادا من عائلاتهم. ورغم أنهم يجدون اليوم قدرا من الأمان داخل مخيمات النزوح، إلّا أنّ صحتهم الجسدية والنفسية لا تزال مهددة.

وقد أدّت سنوات من النزاع إلى إضعاف شديد للنظام الصحي الهش أصلا في شمال موزمبيق. وتتعرض هذه البلاد شديدة التأثر بتغير المناخ بانتظام لأعاصير مدمّرة، مثل إعصار تشيدو في أواخر عام 2024، ما يضيف تعقيدا جديدا إلى واقع متدهور أصلا. وقد دُمّر عدد من المرافق الصحية أو خرج عن الخدمة، فيما تواصل مرافق أخرى العمل بقدرات محدودة، مع نقص حاد في الكوادر والإمدادات. وكثيرا ما يكون العاملون في المجال الصحي، لأسباب مفهومة، من بين الذين يضطرون إلى الفرار عقب الهجمات. ونتيجة لذلك، يعاني النظام الصحي، الذي كان أصلا تحت ضغط شديد، من نقص حاد في الموارد الأساسية.

ولا تزال تغطية التطعيم ضد الحصبة منخفضة إلى مستويات مقلقة في بعض المقاطعات. وغالبا ما تلد النساء الحوامل في المنازل، إما لأنّ التنقل غير آمن، أو لأنّ المراكز الصحية مغلقة، أو لعدم توفّر الإمكانيات اللازمة للوصول إليها. كما تتعرض علاجات فيروس نقص المناعة البشرية والسل، التي تتطلب متابعة ومراقبة بانتظام، لانقطاعات متكررة عند تصاعد أعمال العنف، ما يعرّض آلاف الأشخاص لخطر الإصابة بأمراض خطيرة وتطوّر مقاومة للأدوية.

في ظل تعدّد الأزمات المتصاعدة حول العالم، قد يصعب تحديد ما يستحق الاهتمام، غير أنّ سكان كابو ديلغادو لا يطالبون إلا بفرصة للعيش دون خوف

وتواجه المنظمات الإنسانية، بما فيها منظمة أطباء بلا حدود، تحديات متزايدة في الوصول إلى الأشخاص الأكثر احتياجا للمساعدة، وغالبا ما تُعلَّق أنشطة العيادات المتنقلة بسبب انعدام الأمن. ويؤدي تصاعد وتيرة أعمال العنف إلى توقّف قسري لبرامج الرعاية الصحية كافة، من خدمات الطوارئ إلى أنشطة التوعية المجتمعية.

ثماني سنواتٍ مضت، ولا يمكننا الاستمرار في تجاهل الأزمة

ورغم هذا التدهور المستمر في الأوضاع، نادرا ما تحظى كابو ديلغادو بتغطية إعلامية دولية، إلّا عند وقوع هجمات كبرى أو ظهور مستجدات تتعلق بمشاريع الطاقة. غير أنّ ما تغفله الأرقام والعناوين، أو غيابها، هو واقع أناس يعيشون في خوف دائم؛ تتفكك فيه الأسر، وتُترك المحاصيل دون حصاد، وتُفقد مصادر المياه، ويتكرر انقطاع الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية.

وتدعو منظمة أطباء بلا حدود جميع الأطراف المسلحة إلى إعطاء الأولوية لحماية المدنيين وضمان وصولهم الآمن إلى الخدمات الأساسية. كما تؤكد ضرورة احترام الخدمات الطبية وحمايتها، بما يتيح للعاملين في القطاع الصحي تقديم الرعاية داخل المرافق الصحية وفي العيادات المتنقلة.

وفي المحصّلة، لا يطلب سكان كابو ديلغادو سوى الأمان، ويريدون إعادة بناء حياتهم. ولا يزال بعضهم يتمسّك بالأمل في العودة إلى دياره، حتى بعد زوال كل شيء. وفي المقابل، لم يعد آخرون يؤمنون بإمكانية العودة يوما، ولكنهم عاجزون عن وضع خطط لمستقبل في مكان آخر.

وفي ظل تعدّد الأزمات المتصاعدة حول العالم، قد يصعب تحديد ما يستحق الاهتمام، غير أنّ سكان كابو ديلغادو لا يطالبون إلا بفرصة للعيش دون خوف.

(مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود في موزمبيق)








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع