زاد الاردن الاخباري -
صدر عن دار "العائدون للنشر" في عمان كتاب للدكتورة لمى سخنيني بعنوان: (أنت والنرجسي: دراسة وشهادات) عام 2023 فمن حيث الشكل: يقع الكتاب في 268 صفحة، بالإضافة الى 6 صفحات تحوي العناوين الرئيسية، وهو في حجم متوسط 14*22 سم.
الطباعة أنيقة، والعلاف الأول بريشة المؤلفة، ومن الممكن التعامل لبعض الوقت لكشف مغزى ودلالة اللوحة.. والغلاف الأخير يحتوي على إعطاء فكرة عامة عن الكتاب ومضمونه.
وأما من حيث المضمون: أود أن أنوه بما يلي:
1- لغة الكتاب لغة رصينة واضحة لا لبس فيها وهي مباشرة وليس فيها لف ولا دوران، وروعي في سلامة اللغة وبساطتها، ويتضح الفرق في هذا المجال من كتب كثيرة رغم جودة موضوعاتها، ورغم كونها بأقلام كتاب معروفين إلا أن لعنتها ركيكة، وألفاظها تحتمل أكثر من معنى، والتعمق في موضوعها يشوبه الغموض، وليست بالتالي مباشرة، كما أنها مليئة بتعاير وجمل لا تمت للعربية بصلة من حيث كثرة الأخطاء. ويبدو أن أصحابها رغم الجهد المبذول فيها لم يكلفوا أحدًا بتدقيقه لغويًا وهذا يحزنني وأعتقد أن لغتنا الفريد والجميلة لا تستأهل هذا بالطبع، وهنا فان مؤلف الدكتورة نجا من كل هذا بفضل مراجعة دقيقة ومتواصلة لكل أبواب الكتاب وفصوله، وهذا يدعو بالتالي لتميز هذا المؤلف.
2- اعتمدت المؤلفة على عدد من المراجع الأجنبية المميزة في مجال الدراسة ويبدو أن تمكنها من اللغة الانكليزية جعلها تختار هذه المراجع، ومما لفت النظر أن المصطلحات الواردة في مختلف الفصول أرفقت منها المؤلفة مرادفها بالإنكليزية مما يساهم فعليًا في إغناء الفصل بالإضافة إلى ذلك أنه يتيح للدارس أو المتابع أن تكون هذه المصطلحات دافعًا للتعمق والمتابعة وهو ما تشكر عليه المؤلفة.
3- وفي عدد من الفصول كان يبرز عنوان أخير وفرعي بكلمة: "باختصار" وهي طريقة رائعة كي يتمكن القارئ من شد الانتباه إلى الغاية من هذا الفصل والاشارة الى أهم النقاط التي وردت فيه، وهو أسلوب جديد لم ألاحظه سابقًا في عدد من المؤلفات التي اطلعت عليه.
4- صحيح أنني قرأت الكتاب من الغلاف الى الغلاف ولكنني عانيت بعض الصعوبة في فهم بعض الأفكار ويعود هذا الى ضعف معلوماتي في علم النفس ومحدودية إدراكي لبعض التراكيب العلمية المتصلة الموضوع ، ولكن هذا لا يقلل من تمتعي بقراءته، وأظن أن المتعمقين بعلم النفس والعارفين ببعض المصطلحات المرتبطة بهذا العلم متكون منعتهم اكبر وفهم للعديد من الأفكار أوضح بمراحل، ولا أبالغ إذا قلت أن هذا المؤلف بموضوعه أن يكون باكون أعمال أخرى تتناول هذا الموضوع الذي لا يعلم الكثيرون عن أهميته والذي أفصح عنه الكتاب خير إنصاح فكلمة الترجي في مجتمعنا يستعاض عنها بكلمات أخرى، كالأناني ، والمصلحي، والمستغل ، والذي يحب نفسه والعمل غيره .. إلى غير ذلك من كلمات وتعابير، ولكن هذا المؤلف يبين أن النرجسي هو غير هؤلاء جميعًا، وان كان في عديد من تصرفاته يأخذ شيئًا قليلًا أو كثيرًا من هذا وذاك.
5- ويبدو لي أن المكتبة العربية بحاجة ماسة استكمالًا لهذا الموضوع إلى مؤلف آخر قد يكون عنوانه: أنتَ والمرأة النرجسية، فالنرجسيات في مجتمعنا وتاريخنا منذ أقدم الأزمنة خضن أدوارا عادت على المحيطين بهن بأسوأ النتائج وكل واحدة حسب موقعها فمن امبراطورات وملفات وأميرات وقرينات رؤساء والسبب أنهن تدخلن فيما لا يعنيهن وخضوع أزواجهن ورجالهن لهن لأسباب معلومة وبعضها مجهولة قد تكشف عنه الأيام وقد ن تكشف على الاطلاق.
6- ولأن الكتاب علمي وشيق وسلس وموجه إلى النسوة كما يتضح من عنوانه ومن تم ثم محتواه، ولأن تعليم المرأة في بلادنا لا زال متواضعًا، ولان اطلاع الموجه لهن سيكون محدودًا ولذا فأنني أتمنى أن يتم السعي لدى المراكز الثقافية لتضمن نشاطاته هذا الكتاب والاقتصاد مزيدًا من الضوء عليه، وأن تتولى هذا البرنامج المؤلفة نفسها مشاركة عدد من المثقفات المهتمات بهذا الموضوع الهام، ويعقب كل لقاء من هذا القبيل فتح نقاش لشرح ما غمض من مواقف وتعابير وردت في الكتاب
7- الشهادات الحية التي وردت في الكتاب واضحة كمل الموضوع ويبدو أنها كانت شهادات من نساء أجنبيات واستخرجت من المراجع المختارة في موضوع الكتاب، واذا قيض لكتاب آخر بالظهور عن: أنت والمرأة النرجسية فان هذه الشهادات ستكون مؤثرة ومؤلمة لأنها ستكون من واقعنا العربي ومن مفاهيمنا وتقاليدنا، وأنا لا أعني أن الرجل مظلوم ومضطهد في جميع الأحوال ولكنني أعني أنني ضد هذه التفرقة الظالمة وأن المجتمع ذكوري بامتياز... ولو أن تلك المفاهيم يلقى على بعض الأديان سبب في تغلغلها في النفوس والأذهان، وقد نسي من يدعم هذا التفكير أن الأنثى ابتداء أكثر من نصف المجتمع عددًا، وأن من يمنع تعليمها وخروجها الى الحياة ضمن القواعد والمبادئ المتفق عليها هو نفسه من خرج من الحياة و من الحضارة بمفهومها الواسع والشامل ... ويتجاهل ويتغابى أن المرأة هي الأم والأخت والزوجة والابنة والحنية .. وكما يحاسب أي انسان على أخطائه وانحرافه فانتي أرى أن تكون المحاسبة عادلة، فكما نطالب بمحاسبة الأنثى إن أخطأت يجب عليها بنفس الروحية أن نحاسب الذكر سواء بسواء، وكم من مجتمعات في بلادنا يجلس الرجل بلا عمل وتشقى الأنثى في الحقول والبوادي وداخل المنزل وهـ وحين وقت المحاسبة يقال إن نصيبها نصف نصيب الرجل وأخيرًا، وليس آخرًا ، فاني أدعو كل من قرأ هذا الكتاب من رجل أو امرأة أن يعيد قراءته على مهل ، ولا بأس أن يتوقف عند كل فقرة أو فصل لأنه سيجد شيئًا جديدًا يكشفه ويعلمه إما في نفسه أو في المحيطين به، وأعتقد أن هذه هي غاية المؤلفة فشكرًا لها جزيل الشكر.