زاد الاردن الاخباري -
نشرت صحيفة "عربي 21" الالكترونية معلومات مثيرة عما جرى بين الرئيس المصري محمد مرسي ووزير دفاعه عبد الفتاح السيسي قبل تنفيذ إنقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، وهي المعلومات التي توضح العديد من الحقائق والتفاصيل الهامة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عملوا مع الرئيس محمد مرسي قلهم إن "السيسي استخدم كل أجهزة الدولة العميقة لخداع الرئيس مرسي، وهو الخداع الذي بدأ بالتقارير التي طلبها مرسي عن حركة تمرد وتوقعات وتقديرات أجهزة المخابرات العامة والأمن الوطني والأمن العام عن مظاهرات 30 يونيو/ حزيران 2013".
وطبقا للمصادر "التي فضلت عدم الكشف عن هويتها" فإن المخابرات العامة حذرت في تقريرها من وجود شيء غير مفهوم في الشارع ولكنها قللت من خطورة المظاهرات، بينما أكدت تقارير الأمن الوطني والأمن العام أن المظاهرات لن تتجاوز 50 ألف علي أكثر تقدير وربما يصل مجملها في كل المحافظات لـ 150 ألف متظاهر.
وأكدت التقارير أن جبهة الإنقاذ المعارضة تعتبر المظاهرات فرصتها الأخيرة للحصول علي مكاسب سياسية وأن حركة تمرد ليس لها وجود فعلي علي أرض الواقع، ونفت الأجهزة ذاتها وجود أي اتصال بين قيادات في الجيش أو أجهزة الدولة الأخري وبين هذه المظاهرات.
وأوضحت المصادر أن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي كان يشعر بالقلق والخوف من الرئيس محمد مرسي قبل إعلانه مهلة الأسبوع الأولى، مؤكدة أنهم رصدوا تحليق طائرات هليوكوبتر أعلي قصر الاتحادية الرئاسي بالتزامن مع وجود السيسي في القصر لمقابلة الرئيس، وهو ما أثار شكوك مسؤولين بالرئاسة إلا أن الحرس الجمهوري أكد لهم أنها إجراءات طبيعية، بينما الواقع كما أكدت المصادر بأن السيسي كان قلقا في الأيام الأخيرة قبل انقلابه من انكشاف أمره والقبض عليه.
وأضافت المصادر أنه بناء على توصية من الحرس الجمهوري نقل الرئيس مرسي أعمال مكتبه لقصر القبة الرئاسي، كما نقل إقامته لاستراحة الرئيس بملحق دار الحرس الجمهوري، وأن الرئيس سأل الفريق محمد زكي قائد الحرس الجمهوري وقتها "وزير الدفاع الحالي" عن الجهة التي سينحاز إليها إذا تطورت الأحداث، فرد زكي "يا سيادة الرئيس أنا مليش في السياسية.. عينّي محافظ أو رئيس شركة وخليني اختم حياتي بعيدا عن المشاكل"، وعندما طلب الرئيس منه ردا مباشرا، أكد زكي أن مهمته حماية الرئيس والنظام الجمهوري وهو ما سيقوم به.
اللقاء الثلاثي
وطبقا للمصادر فإنه بعد إنذار السيسي الذي أطلقه خلال الندوة التثقيفية بمسرح الجلاء يوم 23 يونيو/ حزيران 2013 بمنح مهلة أسبوع للقوى المتنازعة للتوصل لاتفاق يعيد الهدوء لمصر، اتصل رئيس حزب الحرية والعدالة محمد سعد الكتاتني مساء نفس اليوم بعباس كامل مدير مكتب السيسي وطلب لقاء الوزير بشكل عاجل، وبالفعل تحدد اللقاء بعد ساعتين من اتصال الكتاتني الذي اصطحب معه خيرت الشاطر للقاء السيسي بمقر وزارة الدفاع بالعباسية.
وقالت المصادر: "عندما وصل الكتاتني والشاطر لمقر الوزارة وجدا المبني مظلما بالكامل باستثناء الدور الذي به مكتب السيسي، ودار حوار استمر لمدة ثلاث ساعات بين الكتاتني والشاطر من جهة والسيسي من جهة أخري، وهو اللقاء الذي بدأه السيسي بعبوس واضح، مؤكدا أنه يتحدث باسم المجلس العسكري وكل قيادات الجيش وأنه يطالب بشكل واضح الرئيس بترك منصبه وإجراء انتخابات أخرى، وهو ما رفضه الكتاتني والشاطر، فرد السيسي بأنه إما استقالة الرئيس أو أن بحور من الدم سوف يشهدها الشارع المصري، وهو التحذير الذي واجهه الكتاتني برفض كامل".
وطبقا للمصادر ذاتها فإن الكتاتني حذر السيسي من طريق الدم، قائلا له أنت تريد أن تحول مصر لحرب أهلية خاصة وأن الجماعات الإسلامية التي نبذت العنف واختارت طريق التغيير السلمي ستجد نفسها مجبرة للعودة إلى الطريق الذي تركته سابقا نتيجة الإنقلاب على الديمقراطية، محذرا في الوقت نفسه من كمية السلاح التي تم تهريبها بمعرفة أجهزة أمنية بالدولة لتحويل مصر لساحة من الحرب والنزاع.
وبعد حوار ساخن قال السيسي للكتاتني والشاطر، بحسب المصادر، إنه ينقل طلبات المجلس العسكري مقدما لهما خيارين، الأول استقالة الرئيس الفورية وتشكيل حكومة جديدة ليس بها أحد من الإخوان، على أن تتولي هذه الحكومة إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية والتعديلات الدستورية المطلوبة.
والخيار الثاني هو أن ينقل الرئيس صلاحياته لرئيس حكومة محل اتفاق من قوى المعارضة، وأن يجري استفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة من عدمها، ويظل الرئيس طوال هذه الفترة بدون صلاحيات، وأن يكون من مهام الحكومة إجراء الانتخابات التشريعية وتعديل الدستور.
تهديد حجازي
وأشارت المصادر إلى أنه في مساء اليوم التالي 24 يونيو/ حزيران 2013 التقى الكتاتني مع رئيس المخابرات الحربية الأسبق ورئيس الأركان فيما بعد، محمود حجازي، بقاعة كبار الزوار قبل خطاب الرئيس مرسي بمناسبة مرور عام على انتخابه، وقد سأل حجازي الكتاتني عن موقفهم مما طرحه السيسي، فرد الكتاتني بأن الرئيس ليس لديه مانع في تشكيل حكومة بصلاحيات واسعة تقوم بإجراء الانتخابات التشريعية وتتولي التعديلات الدستورية، وليس لديهم مانع من أن يكون السيسي على رأسها لضمان جدية الرئيس، مؤكدا في الوقت ذاته أن خيار استقالة الرئيس أو الاستفتاء على بقائه أمر مرفوض من الرئيس.
وأوضحت المصادر أن الكتاتني فوجئ برد حجازي بأنه إما الشروط كلها وإما لا، وخاصة استقالة الرئيس أو الاستفتاء على بقائه، واستكمل قائلا "في حالة الرفض فإن جنزير الدبابة هايشتغل ولو اشتغل لن يتوقف مرة أخرى".
السيسي رئيسا للحكومة
وتابعت المصادر: "استمرت الأوضاع على هدوئها وكانت قنوات الاتصال مفتوحة بين مساعدي الرئيس أحمد عبد العاطي مدير مكتبه والسفير رفاعة الطهطاوي رئيس الديوان وعبد الفتاح السيسي، حتى خرج السيسي بمهلة 72 ساعة بعد فشل مظاهرات 30 يونيو/ حزيران 2013 في تحقيق الحشد المطلوب للانقلاب".
وأردفت: "التقى السيسي بالرئيس مرسي، ودار حوار مفتوح عن الخيارات المطروحة لتهدئة الاحتقان في الشارع وعرض الرئيس مرسي بأن يتولي السيسي تشكيل الحكومة كضمانة لجديته في تهدئة الأجواء المحتقنة، وهو ما قابله السيسي بعدم اعتراض، مطالبا الرئيس بفرصة لمراجعة كل الأطراف الأخرى".
وطبقا للمصادر فإن الاتصالات بين مساعدي الرئيس والسيسي توقفت طوال يوم 2 يوليو/ تموز 2013 وحتي الساعة السادسة من مساء يوم 3 يوليو/ تموز 2013، حيث أجرى السيسي اتصالا بمدير مكتب الرئيس أحمد عبد العاطي مؤكدا له أن المعارضة رفضت عرض الرئيس ولم يعد هناك مفرا من الاستقالة أو خيارات أخرى يمكن أن يلجؤوا إليها في هذا الاتجاه.
واستطردت المصادر: "في صباح نفس اليوم تلقى الكتاتني اتصالا من مساعد وزير الدفاع اللواء محمد العصار، دعاه فيه للمشاركة في اجتماع الأحزاب والقوي الوطنية للتباحث حول المخرج المناسب للأزمة السياسية، وهو ما رفضه الكتاتني".
وقال الكتاتني للعصار، وفقا للمصادر ذاتها: "كيف لي أن أشارك في اجتماع يريد الإنقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب؟"، فرد عليه العصار قائلا "إنت بكدا داخل في صدام وخلاص، الجنزير اشتغل والعجلة اتحركت"، فأصر الكتاتني على موقفه ورد قائلا "أنا مستعد لأي شيء"، وأنهى المكالمة باتفاق مع العصار على مكالمة أو لقاء آخر بعد انتهاء الاجتماع الذي انتهى ببيان السيسي بالانقلاب على الرئيس، وبعدها بأقل من ساعة تم اعتقال الكتاتني بالتزامن مع اعتقال الرئيس داخل مبني الحرس الجمهوري.
اتصال أوباما وتعجب باترسون
وأكدت المصادر أنه خلال مهلة الـ 72 ساعة تلقى الرئيس مرسي اتصالا من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عن الأوضاع بمصر، وسأل الرئيس مرسي أوباما عن الموقف الأمريكي من انقلاب الجيش المحتمل، فقال أوباما لمرسي : "هذا زمن التنازلات الكبرى وعليك أن تأخذ خطوات للخلف"، وفي نفس الإطار أجرت السفيرة الأمريكية آن باترسون اتصالا بمساعد الرئيس للشؤون الخارجية عصام الحداد عن الأزمة الداخلية.
وأشارت المصادر إلى أن الحداد نقل لها حديث الرئيس مع السيسي وموافقته على تشكيل حكومة محل توافق بصلاحيات واسعة، وليس لديه مانع من رئاسة السيسي لها، بالإضافة لإجراء الانتخابات التشريعية والتعديلات الدستورية المطلوبة، وهو ما تعاملت معه السفيرة باستغراب، مؤكدة للحداد أنها تسمع هذا الكلام للمرة الأولى، وأن هذا الكلام مخالف لما نقله لها السيسي، فسألها الحداد عن آلية تواصلها مع السيسي فكانت المفاجأة أنها تلتقي به بانتظام بفندق الماسة التابع للقوات المسلحة، وأن الاتصالات اليومية بينهما لا تنقطع، مبدية تعجبها من عدم علم الرئاسة بذلك.
عربي 21