الفاعوري يحمل رسالة طمأنة للمصري ويعرض عليه ترشيحه لرئاسة الحكومة

المشهد البرلماني "ضبابي" قبل 12 ساعة على افتتاحه .. وشنيكات والسرور والحاج في مثلث التنافس

زاد الاردن الاخباري -

حتى مساء امس كان المشهد ضبابيا في اروقة مكاتب مجلس النواب، وربما سيبقى طوال اليوم الاحد على حاله ، وقد يخضع لعمليات استئصال لارقام تتباهى بها كتل نيابية ترى في نفسها جزءا لا يتجزأ من محاور انتخابية تمنحها القوة والطاقة الكبرى على بناء بؤر لتحالفات انتخابية ما إن تبدأ بالظهور حتى تتكسر وتنضوي سريعا تحت الضغط الداخلي للمجلس ولحركة صفائحه الانتخابية والسياسية والكتلية.

بالامس سعت ثلاث كتل برلمانية هي، وطن "37 نائبا"، والمستقبل"17 نائبا"، والوسط الاسلامي"16 نائبا" للاعلان سريعا عن بناء تحالف برلماني انتخابي سيحمل مرشح كتلة الوسط الاسلامي الى سدة رئاسة مجلس النواب وهو النائب د. محمد الحاج.

بعد الاعلان عن هذا الاتفاق كان الوسط الاسلامي يعقد اجتماعا مطولا مع كتلة الوعد الحر"18 نائبا" للبحث في صيغة اكثر اتساعا من مجرد دعم المرشح الحاج ليصل الامر الى تقاسم مقاعد المكتب الدائم.

وفي موازاة ذلك الاجتماع المثير كانت كتلة التجمع الديمقراطي للاصلاح تواصل اجتماعها للبحث في صيغة توافق انتخابي مع كتلة الوعد الحر لحمل مرشحها د. مصطفى شنيكات لسدة رئاسة المجلس وهو ما تم الاعلان عنه رسميا بعد ظهر يوم امس.

وليس من شيء ثابت في كل تلك الاعلانات والحراكات الانتخابية التي شهدتها اروقة مجلس النواب طوال يوم امس، فبعد ساعات قليلة على هذين الاعلانين عن قيام ائتلافين برلمانيين لدعم المرشحين محمد الحاج ومصطفى شنيكات، تجلت في الافق ملامح خلافات داخل الائتلافين بدأت اولا، بانقلاب ناعم غير معلن على هذا الائتلاف من خلال اصرار كتلة وطن على حجز مقعد النائب الاول ومقعد مساعد، فيما كانت كتلة المستقبل نفسها تبحث عن حصتها بمقعد الرئيس والنائب الثاني، بينما بقيت الكتل الاخرى خارج الحسابات تماما.

ووجدت كتلة وطن نفسها في مازق عندما اضطرت للجوء الى الانتخاب الداخلي بين عضويها النائب خالد البكار الذي حصل على 10 اصوات، واحمد الهميسات الذي حصل على 14 صوتا ليكون مرشح كتلته لانتخابات النائب الاول.

وليس لاحد منع كتلة وطن من المطالبة بحجز هذين المقعدين، فهي الكتلة الاكبر والاكثر تاثيرا في هذا الائتلاف ثلاثي الابعاد، فيما كانت صيحات من داخل الكتلة نفسها تطالب بعدم اقصاء احد، او استثناء الكتل الاخرى.

وامام هذا المشهد السريالي في كتلة وطن أشيع عن تمرد 17 عضوا فيها على كل هذا الاندفاع نحو حمل مرشح الوسط الاسلامي لسدة رئاسة المجلس، مما فسره البعض من اعضاء الكتلة نفسها بانه اندفاع غير مبرر برلمانيا.

مصادر عليمة كشفت لـ"العرب اليوم" عن ملامح خطة مروان الفاعوري وحزبه التي عرضها متحمسا على رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري قائلة ان الفاعوري فتح اوراقه له مؤكدا ان الائتلاف البرلماني الذي يتزعمه حزبه سيقوم بترشيح المصري ليكون رئيسا للوزراء في الحكومة المقبله.

ويبدو الفاعوري الذي يشعر بنشوة انتصار حزبه وتحوله لبؤرة صناعة الائتلافات البرلمانية نسي تماما ما كان يعرضه قبيل ايام قليلة مضت على حزب جبهة العمل الاسلامي وكأنه هو من يقرر فقط من سيكون رئيس الحكومة المقبلة، ومن سيكون رئيس مجلس النواب الذي سيتم انتخابه بعد ظهر اليوم الاحد.

وقالت مصادر من داخل كتلة الوسط الاسلامي لـ"العرب اليوم" ان لا مطالب لديها في باقي مقاعد المكتب الدائم ما دامت قد توافقت على حمل مرشحها محمد الحاج لسدة الرئاسة.

هذا التصريح لا يعني شيئا امام ما تم تسجيله ونقله من اروقة المجلس امس، فقد كان رئيس المكتب السياسي لحزب الوسط الاسلامي مروان الفاعوري ياخذ مكانه على راس طاولة الاجتماع مع كتلة المنبر الحر، وكان حاضرا ويدير النقاش في اجتماع اخر للكتل الاخرى، مما دفع بنواب للاعلان عن امتعاضهم عن هذا التواجد، وفي تعليق قاله الناطق الاعلامي باسم كتلة المستقبل د. مصطفى ياغي كشف فيه عن هذا الامتعاض الذي بدا صادما للعديد من اعضاء الكتلة التي انكفأت تراجع حساباتها في كل ما يتعلق بتلك الائتلافات المعلنة وغير المعلنة.

امام ذلك كله فان المعطيات تشير الى ان انتخابات رئاسة المجلس اليوم الاحد ستكون ساخنة الى ابعد مدى ليس لكونها ستضم مرشحين عديدين فقط، وانما لان نوابا لم يكونوا في حسابات احد قد يطرحون انفسهم كمرشحين للرئاسة بعضهم اعضاء في كتل كبرى مما سيحرج كتلهم، وقد يجدون من يمنحونهم اصواتهم، مما سيساعد على خلط الاوراق، قبل أن يؤثر سلبا على كل التفاهمات والائتلافات التي جرى التحشيد لها خلال الايام الماضية.

كلتة المستقبل اكدت بانها تراجع حساباتها منذ ليلة امس، وفي الوقت الذي كشف فيه اعضاء منها بانها لن تلتزم بما تم الاتفاق عليه وان لديها مرشحا اخر للرئاسة ــ ربما يكون شنيكات او السرور ــ قال نواب اخرون من داخل الكتلة ان ائتلافنا الثلاثي مع وطن والوسط الاسلامي اصبح خلف الظهر تماما.

وكتلة المنبر الحر بقيت تراوح مكانها تجاه دعم د. شنيكات، بتوافق مع كتلة التجمع الديمقراطي للاصلاح التي تتبنى ترشيح عضوها د. شنيكات لرئاسة المجلس، بينما بقيت كتل مثل الوفاق"15 نائبا" متمترسة خلف سعد السرور.

ومن المؤكد ان النداءات التي اطلقها عشرات النواب طوال الايام الماضية التي حملت المطالبة بعدم انتخاب اي من رؤساء المجلس السابقين قد اثرت على موقف النائب عبد الكريم الدغمي الذي اعلن بالامس انسحابه من سباق الترشح، فيما ابقى الطريق مفتوحا امام استمرار السرور بالترشح يرافقه نائبان شغلا عضوية مجلس النواب اكثر من مرة يتنافسان على كرسي رئاسة المجلس.

ولا تبدو صرخة المنادين بـ"الترويكا" البرلمانية قادرين تماما على تحقيق مطالبهم كاملة، وهو ما بدا يتبلور بوضوح منذ عصر يوم امس عندما بدات الصفائح البرلمانية داخل الكتل تتحرك في اطار زلازل داخلية سمحت لحركة الصفائح بالتحرك بانسياب وبسرعة كبيرة لتبديل مواقفها وميولها تجاه المرشيحن الرئيسيين الثلاثة، وهم السرور والشنيكات والحاج.

في لعبة "الترويكا" برزت مستويات من العبث الانتخابي لا تجد لها ما يبررها، فالبعض يستخدم مرشح حزب الوسط الاسلامي للضرب في عمق رئاسة مجلس الاعيان للاطاحة برئيسه طاهر المصري لتحقيق اهداف مستقبلية، والبعض الاخر يرفض بشدة خيار حزب الوسط الاسلامي باعتباره وجها اسلاميا ولا يجوز جلوسه على مقعد رئاسة مجلس النواب.

ويرى طرف ثالث ان وصول شنيكات الى كرسي رئاسة المجلس سيضر بالمجلس لانه يساري وديمقراطي، ويرى طرف ان د. شنيكات يمثل الوجه الحقيقي لمطالب "البروسترويكا الاصلاحية" في المجلس، فيما يرى طرف اخر ان مجرد التفكير باعادة سعد السرور الى كرسي رئاسة المجلس نوع من التخلي عن مطالب الاصلاح، وعودة للحرس القديم، فيما يرى طرف مناقض ان السرور هو افضل من يقود المجلس في مرحلته الجديدة المقبلة لخبرته .

هذا الجو الضبابي في المجلس هو من سيفرض صورته على جلسة مجلس النواب الاولى بعد ظهر اليوم، وخلال تلك الفترة فان خرائط كثيرة ستتغير، وتضاريس كتل سيعاد تركيبها، وكثيرون سيرون انفسهم خارج الاتفاقات التكتيكية تماما، ولن تحتمل الكتل القائمة كل هذه الحركة الزلزالية في الصفائح الكتلية وستنتهي معظم تلك التحالفات والافتاقات فور اعتلاء الرئيس الجديد للمجلس السابع عشر سدة الرئاسة .

العرب اليوم