عندما يتساءل المواطن الأردني ..أليس الحراك أردنيا خالصا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب مرورا بالوسط, وكلنا بالهم واحد, ونعاني جميعنا من كافة أشكال الفساد والتهميش والتزوير والتوريث والغلاء والبلاء من السياسات الخاطئة المتكررة المجحفة بحق الوطن والمواطن ...
فلماذا إذن كل هذا التشتت والاختلاف وغياب التنسيق والرؤى وكثرة الشعارات وتنوع المطالب مع اختلافها في كل جمعة ومن منطقة لأخرى ...؟!
كما أن مشهد الانقسام لا يقتصر على الأرض فقط ,بل حتى على مواقع التواصل الاجتماعي نجد أيضا أن كل مجموعة من الأفراد الناشطين قد أسسوا لهم مجموعة تحمل عنوانا مختلفا يميزهم جغرافيا أو عشائريا أو حزبيا رغم أن هدف الإصلاح ومحاربة الفساد عامل مشترك بينهم.. فزادت هذه المجموعات بدرجة كبيرة وتنوعت اسماؤها لتعبّر وتعكس بشكل صريح الواقع المؤلم للحراك... ولا عجب أن تزيد هذه المجموعات عن الخمسين ... ولو كانت تلك المجموعات مثلا منابر إعلامية لتغطية مجمل نشاط الحراك الموحد لكان أمرا محمودا, لكنها ومع الأسف تعكس ما هو حاصل على أرض الواقع ...
باتت (الحراكات) اليوم تنحى منحى عشائري أو مناطقي أو حزبي أو عمالي أو شمال وجنوب ووسط فساهم هذا الأمر بشكل كبير بحالة الانقسام .. أمّا الشعارات والأهداف فتختلف أيضا في نفس اليوم ونفس المناسبة من حراك لآخر ...
أضف إلى ذلك أن المطالب متغيرة والشعارات في كل مرة مختلفة ولو أردنا إحصائها لتعبنا ... فهل هذا الأمر طبيعي ؟
لدرجة أن يتساءل البعض أن كثرة الاعتصامات والمسيرات التي تجري كل أسبوع ما هي إلا من تدبير الدولة أو أن هناك أصابع خفية لها مصلحة كبيرة في إبقاء هذا الحراك مفتتا ومشتتا كي لا يكون له أي وزن على الأرض فيفقد أهميته وثقة الناس به فيموت موتا طبيعيا مع مرور الوقت وتسلل اليأس ...
أمّا عن النتائج فلن تكون أفضل حال من الواقع, بل بالعكس تماما بدأت تعطي نتائج عكسية لكل شعاراتها.. ولم يتحقق على أرض الواقع شيء واحد من تلك المطالب التي رفعها المشاركون منذ بداية الحراك وحتى يوم الجمعة الذي ختمته الحكومة بقرارها رفع أسعار المحروقات للمرة الثانية وبعد يوم حافل بالمسيرات ...
إن عجلة الإصلاح الحقيقي ومساءلة ومحاسبة كل رموز الفساد في الأردن لن تتحقق أبدا في ظل غياب برنامج واضح لطريق الإصلاح السلمي المنشود الذي يتفق عليه الجميع المعارضة الوطنية مع الحراك الشعبي بكل أطيافه ومواقعه وتحت مظلة واحدة واضحة لا تشوبها شائبة وتكون الثقة طريقها ومصلحة الوطن عنوانها ... عندها فقط نحافظ على هذا الوطن ويكون بالمقدور إيصال الرسالة الواحدة وتحقيق الغاية المنشودة ...