ثمة تحولات خطيرة طرأت على المجتمع الأردني أدت إلى تغييرات جذرية على منظومة القيم فيه وأثرت على الطبقة الوسطى التي هي العمود الفقري لتماسك أي مجتمع وعلى كافة الأصعدة .!!
ولعل الجريمة الأخذة بازدياد هذه الأيام هي اخطر المؤشرات التي تنذر بتلك التحولات التي لا تقل خراباً ودماراً عما يتركه الزلزال في المجتمع الأردني الذي أندغم أبناءه بالأمل الواحد والهم الواحد , أما الآن فإنهم يشاهدون وبانتظام أشكالاً وفنوناً جديدة للجريمة التي لا عهد لهم بها ولم يكن من الممكن لهم ان يتخيلوها عداك عن تنامي العنف الذي يخرج عن السيطرة في اغلب الأحيان ليأخذ طابعاً فاشياً بامتياز .!!
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بكل مافيه من بشاعة بل تطور باتجاه ظهور الجريمة المنظمة ذات طبيعة احترافية ترتبط تماماً باختراق امن البلد وسيادته وحقوق الناس والشواهد على ذلك كثر من خلال الجرائم التي ارتكبت بأكثر الطرق والأساليب احترافاً ولؤماً .!!
من هنا فان علينا الوقوف ملياً ومراجعة مسار الأمور والدعوة لمحاسبة المتسببين الحقيقيين ليأتي طرح الأسئلة : من المستفيد , ومن يقف خلف هذه الجرائم ..؟! خاصة عندما يرتبط الأمر بمستقبل الأردن وأمنه واستقراره .. الأردن الذي لا ننظر إليه كشعار للمزاودة ولا كمحطة مؤقتة بل وطن بكل ما تعنيه الكلمة من قداسة وقلب لا يرتجف إلا لها .!!
وأمام هذا التردي وبعد سلسلة تكاد تكون مترابطة من جرائم القتل وبعد أن تخلت الدولة عن دورها الاجتماعي فيما يخص الفقر والبطالة وتنامي الفساد بالإضافة إلى غياب البديل الوطني القادر على تأمين مصالح الطبقة الوسطى التي ذابت وتلاشت فى الآونة الأخيرة .. هذه التحولات التي شهدتها الدولة الأردنية تكفي لوحدها لضرب الطبقة الوسطى وتكسيرها وتوفير شروط لظهور الجريمة بشكل مستمر وفادح حتى وصلت الأمور عند البعض حد العماء بأن يطعن مواطن , مواطن آخر في مسيرة على أن يهنأ الجاني برضى قادة مشبوهين فيما بعد , وهناك من توغل بالدم وعمل على التمثيل بالجثة وتفسيخها , لتكون النتائج مؤلمة سواء كان بالتكسير والترويع أو قطع أرزاق الناس او تقاتل عشيرتين ليكون انتصار طرف على الأخر نوع من الحمق وتكريساً لعبودية الطرفين لجهة ما .!! بتقديري أن هناك سماسرة و أياد تلعب بالخفاء لتغذي الجريمة والتمادي الشعبي حيال الواقع المتأزم أصلاً الذي تتقاطع فيه مصالح الفاسدين الذين يريدون خلط الأوراق بما يشغل الناس عن المطالبة بالإصلاح أو حتى عدم نفل بعض الملفات المليئة بالفساد والفاسدين بعد أن شاخوا وشاخت أرصدتهم معهم .!!
نقولها بصراحة وعلى مسمع الأشهاد أن الحكومات الأردنية المتعاقبة تورطت في مجمل ما وصلت إليه الأمور من خلل وإرباك بحيث ساهمت في سياساتها العقيمة بارتفاع مستوى الجريمة وتغول الفاسدين على قوت الناس وفقدان المواطن لشهية الانتماء .!!!
فالحكومة التي ترفع الأسعار وتتحدى إرادة الناس وتغض الطرف عن الفاسدين وتقف في وجه الإصلاح الحقيقي وتضر بهيبة الدولة والنظام , والحكومة التي أضرت بالعلاقة بين المواطنين , والحكومة التي تركت المواطن يتقلب بين انياب الفقر إنما هي التي تسعى لتحويل الأردن إلى ساحة عمليات وتصفيات بين أبناءه لتؤدي بالتالي إلى الانفجار الذي سنكون نحن أول من يقف في وجهه ..
أنا اعتقد انه وبدواعي احترام النفس وحفظ ماء الوجه فان على هذه الحكومة ان تغادر فوراً وان تفتح المجال ليتولى المسؤولية غيرها .. ممن يدركون حجم الأخطار التي تتهدد المستقبل الأردني بل والوجود الأردني لأن الشعب الأردني ليس مستعداً لتجرع مزيداً من الموت والتشرد .!!