أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
التربية: العملية التعليمية تشهد تطورا بجميع المسارات إسرائيل تؤكد أنها قضت على نصف قادة حزب الله هجوم إسرائيلي على عالم مصري مشهور بايدن يوقع قانوناً ينص على تقديم مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل النائب العياصرة: إجراء الانتخابات في هذا الوقت قوة للأردن القسام تنشر فيديو أسير إسرائيلي يندد بتعامل نتنياهو مع ملف الأسرى الخلايلة: لم يسجل أي اعتداء على أرض وأملاك وقفية منذ إنشاء أول دائرة للوقف السجن سبع سنوات بالاشغال المؤقتة لرئيس لجنة زكاة وتغريمه ٤١٦ الف دينار مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا في السعودية يديعوت أحرونوت: رئيس الأركان ومدير الشاباك زارا مصر بوتين: استخبارات بعض الدول ترتكب أعمالا إرهابية وفاة و6 إصابات بحادثي سير في عمان أمانة عمان تشتكي مروجي الاخبار المضللة للنائب العام عمر العبداللات يغني دعمًا لمرضى السرطان من الاطفال في الاردن وغزة أورنج الأردن وأوريدو فلسطين تجددان شراكتهما الاستراتيجية لتقديم خدمات الاتصال والتجوال الدولي للزبائن الجيش الإسرائيلي يحشد ألوية للقتال بغزة انتشال جثث 342 شهيدا من المقبرة الجماعية بمجمع ناصر الطبي الأغذية العالمي: " 6 أسابيع للوصول إلى المجاعة بغزة " قرارات مجلس الوزراء قرار قضائي بحق شاب تسبب بحمل قاصر بعدما أوهمها بالزواج في الأردن
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام قانون الضمان الاجتماعي الجديد .. إصلاحي بامتياز

قانون الضمان الاجتماعي الجديد .. إصلاحي بامتياز

21-03-2010 12:53 PM

الاستدامة والعدالة والتكافلية وتعزيز الحماية الاجتماعية عناوين رئيسة للقانون

توسيع قاعدة الطبقة الوسطى وحماية الطبقة الفقيرة وتمكينها من أهم أهدافه..  

بقلم: موسى الصبيحي

مدير إدارة الإعلام / المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي 

مقدمة 

التهديد الاجتماعي والخطر الاجتماعي وجهان لعملة واحدة، ففي ظل الأوضاع التي تنذر ببروز ظاهرة تضخم جامح في المجتمعات البشرية عموماً، تظهر بوادر الإحساس السلبي والقلق الاجتماعي، وتتزايد الخطورة عندما تُظهر ميكانيزما النظام الاجتماعي خللاً تطبيقياً ناجماً عن رؤية لم تكن صائبة تماماً، بل ربما حملت شيئاً من الظلم وأشاعت نوعاً من الفوضى، وعندما نتحدث عن منظومة النظام الاجتماعي من جوانبها الاقتصادية، فنعني بالدرجة الأولى النظام التأميني العام أو ما نسميه في الأردن الضمان الاجتماعي الذي ترعاه الدولة.

من حق كل مواطن أن يسأل: هل الضمان الاجتماعي اليوم بخير.. وهل الأوضاع التي يمر الضمان بها طبيعية، وهل سيظل هذا النظام قوياً قادراً على رأب أي صدع اجتماعي يمكن أن يحدث مستقبلاً، وباختصار : هل الضمان سيحافظ على مكانته الاقتصادية ودوره الاجتماعي الاقتصادي في الحماية والتنمية..؟!!؟

وبالمقابل من مسؤولية أي دولة أو أي نظام سياسي أن يتأكد من أن تدابير الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ناجعة وقادرة على ضمان سلامة أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، والحفاظ على مكتسباتها من التنمية وضمان التنمية المستدامة، والأهم ضمان توفير حالة  "السلم الاجتماعي" في الدولة وبخاصة للشرائح الأكثر عرضة للتأثر بالتحولات الاقتصادية المختلفة..

ويأتي دور الدولة هنا أن تضع في مقدمة أولوياتها تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، إضافة وهو الأهم، اتخاذ التدابير الضرورية اللازمة لتعزيز نظم الحماية الاجتماعية التي تفرض اليوم وقبل الغد المبادرة إلى إصلاح وتطوير أهم هذه النظم في المجتمعات، ألا وهي نظم التقاعد والتأمينات.  

نظم الضمان وتعزيز الحماية الاجتماعية

ذهب مخططو السياسات الاجتماعية والاقتصادية في مختلف بلدان العالم إلى تكريس دور برامج وخطط التقاعد والتأمينات الاجتماعية وتوجيهها عبر برامج تطويرية إصلاحية متوسطة وطويلة المدى باتجاه تعزيز فرص الحماية الاجتماعية وتحقيق معدلات نمو اقتصادي مقبولة في المجتمعات الإنسانية، وذلك بطريقين رئيسين، أولهما –وهو الأهم- زيادة إنتاجية القوى العاملة ودعم برامج التشغيل والتدريب، ويتحقق ذلك من خلال التحفيز على التشغيل في القطاع الخاص، وتوفير التأمينات الضرورية وأهمها تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة،  الذي يسعى مشرّعو قوانين التقاعد والتأمينات الاجتماعية إلى إرسائه قبل غيره من التأمينات الأخرى، على اعتبار ما له من أهمية في توفير مناخ عمل قادر على تحقيق أفضل مستويات الإنتاج، فالشعور بالاطمئنان إلى المستقبل يعزز في نفس الإنسان العامل دواعي الاستمرار ويستثير فيه طاقات العمل المبدع والخلاّق ويغدو أكثر تفاؤلاً بمستقبله، إضافة إلى أنواع وصور أخرى من التأمينات وفي طليعتها التأمين ضد حوادث العمل (الإصابات) والأمراض المهنية، حيث توفر برامج الضمان العناية الطبية للمؤمن عليهم الذين يتعرضون لحوادث وإصابات عمل أو يصابون بأمراض مهنية مختلفة تبعاً لطبيعة المهن والأعمال التي يمارسونها، ناهيك عن الجانب الوقائي من حوادث وإصابات العمل وهو ما تضطلع به معظم مؤسسات الضمان والتأمينات الاجتماعية الرسمية، حيث شرعت بعض هذه المؤسسات النابهة بوضع برامج وخطط للوقاية والحد من حوادث العمل والأمراض المهنية، وتلعب هيئات ومؤسسات تأمينية وخاصة في الدول المتقدمة دوراً مهماً متقدماً في هذا المجال من خلال وضع برامج لإعادة تأهيل العمال الذين يتعرضون لإصابات عمل لتمكينهم من العودة إلى سوق العمل من جديد والاندماج الاجتماعي والإسهام بالتالي في العملية التنموية الكلية، ومن ضمنها البدء من جديد بتمويل صناديقها عبر الاقتطاعات الشهرية من أجورهم. وهنا لا بد أن نشيد بتجارب بعض هيئات التأمينات الاجتماعية العربية في هذا المضمار التي شرعت، عبر برامج أكّدت على إرسائها ضمن خططها وأولوياتها، بالدفع باتجاه تعزيز هذا الدور وتطويره، مما أسهم في تحفيز الأفراد العاملين وجهات عملهم على بذل أقصى طاقاتهم في التقيد بتدابير السلامة والصحة المهنية والتميز في مجالاتها،  وقد أظهرت الإحصائيات الصادرة عن هذه الهيئات بعد مرور فترة كافية على التجربة انخفاضاً نسبياً ملموساً في إصابات وحوادث العمل، وفي درجة خطورتها، ولعل في تجربة مؤسسة الضمان الاجتماعي التي أطلقت قبل بضع سنوات جائزة للتميز في مجالات السلامة والصحة المهنية للمنشآت والأفراد خير مثال على ذلك، حيث كان لها نتائج إيجابية ملموسة تمثلت في خفض نسب حوادث العمل، ودفعت الكثير من المنشآت إلى التقيد بتدابير وإجراءات الأمن الصناعي والصحة المهنية، ولا يخفى ما لهذا الجانب من دور في بث الشعور بالأمان والطمأنينة لدى القوى العاملة الأمر الذي يدفع إلى زيادة إنتاجيتها في المجتمع ويُهيّىء أفضل الفرص لتحقيق قفزات إيجابية في النمو الاقتصادي بالدولة.  

أما الطريق الثاني الذي تساهم فيه برامج التقاعد والضمان في التنمية الاقتصادية فيأتي من خلال النشاط الاستثماري للصناديق في المشروعات الاقتصادية المختلفة في الدولة، فالمعروف أن تراكمات أموال المشتركين في صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي وخاصة خلال الفترات الأولى من عمر مؤسسات الضمان والتأمينات الاجتماعية وعبر تطبيق العديد من فروع وبرامج التأمينات يؤدي إلى تراكم أموال المشتركين الشهرية في الصناديق الخاصة بها، وخصوصاً في ظل ضآلة تقديم المنافع التأمينية ومحدودية الرواتب التقاعدية خلال العقدين الأولين على الأقل من عمر هذه المؤسسات على اعتبار أن توافر شروط الاستحقاق تأتي بعد مدد اشتراك معينة، لا تقل في العديد من التشريعات عن خمسة عشر عاماً على الأغلب(والحديث هنا عن التقاعد العادي المتمثل في بلوغ السن أو المبكر). وهذا يؤشر بالطبع إلى تزايد الالتزامات في فترات لاحقة، حيث تتزايد أعداد طالبي الحصول على المنافع التي تقدمها برامج وتأمينات الضمان الاجتماعي، وقد تواجه مؤسسات الضمان أعباء كبيرة وعجزاً في الوفاء بالتزاماتها ما لم تكن قد عملت على:  

    أولاً: مراقبة أداء وميكانيزم النظام التأميني ومخرجاته، والمسارعة إلى تلافي ما قد يكشف عنه التطبيق من اختلالات أو تشوهات في النظام، وذلك من خلال عمليات الإصلاح والتطوير المستمرة كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وفقاً لمعطيات واضحة ونتائج دراسات فحص مراكز الصندوق المالية (الدراسات الإكتوارية).  

    ثانياً: تعزيز نشاطها الاستثماري والبحث دائماً عن فرص استثمارية مجدية ومأمونة لتعويض التزاماتها تجاه المشتركين في برامجها وتأميناتها الاجتماعية، ومقابلة تزايد هذه الالتزامات مستقبلاً.. وهنا لا بد من التأكيد على حقيقة أن مساهمة برامج وخطط الضمان الاجتماعي في النمو الاقتصادي ليس هو الهدف المجرد لمؤسسات الضمان، بل الهدف الرئيس هو تقديم الحماية الاجتماعية ضد الخطر الاجتماعي الذي يهدد القوى العاملة المنضوية تحت مظلة تأمينات الضمان الاجتماعي، فالأساس في برامج الضمان والتأمينات الاجتماعية  أنها تستند إلى فكرة الخطر الاجتماعي، وأنها صمّمت لمواجهة هذا الخطر ودفع آثاره أو التخفيف من حدتها على أقل تقدير، وقد ذهب علماء الاجتماع إلى تعريف الخطر الاجتماعي بأنه: (كل خطر يؤثر في المركز الاقتصادي للفرد سواء من خلال إنقاص دخله المادي أو وقفه، لتوافر أسباب فسيولوجيه لا يمكن مقاومتها مثل الوفاة أو المرض أو العجز أو الشيخوخة أو لأسباب ذات صلة بالواقع الاقتصادي للدول مثل البطالة وارتفاع كلفة المعيشة، والأعباء العائلية المتزايدة وما إلى ذلك..).  

ومن هنا نجد أن الأساس الذي قامت عليه نظم التقاعد والتأمينات هو أساس تكافلي إلزامي باعتبارها نُظُماً تساهم أطراف الإنتاج المختلفة في تمويل برامجها، وغالباً ما تكفل الدول هذه البرامج وتتولى إدارتها عبر هيئات أو مؤسسات رسمية تتمتع بنوع من الاستقلالية في عملها،  وذلك من أجل ضمان الحفاظ على حقوق العاملين في مختلف القطاعات الاقتصادية في الدولة وضمان مستقبل آمن لهم عندما تواجه أياً منهم صورة من صور أو أشكال الخطر الاجتماعي.

كما لا بد من الإشارة إلى الأثر المهم لأداء الاقتصاد العام في الدولة –أي دولة- على فعالية برامج الضمان الاجتماعي، وفي هذا المضمار يقول خبير التأمينات الاجتماعية الأمريكي لورنس تومسون (إنه من الأهمية بمكان القول بأن أداء الاقتصاد العام هو العامل الأول المؤثر في أداء وفعالية برامج الضمان الاجتماعي،  فالدول ذات الاقتصاديات الضعيفة لا تستطيع أن تقدم سوى الحد الأدنى من برامج التأمينات الاجتماعية على عكس الدول ذات الاقتصاديات القوية التي بوسعها تقديم برامج حماية اجتماعية قوية وملائمة) فالأصل كما ذكرنا هو مواجهة الخطر الاجتماعي الذي يمكن أن يتعرض له الأفراد وليس درؤه تماماً، وهذا هو وجه الحماية التي ينبغي أن تسعى برامج الضمان الاجتماعي إلى إضفائها على مجتمعاتها في كل دول العالم النامية منها والمتقدمة. 

لماذا إصلاح نظام الضمان الأردني..؟؟

نظم التقاعد والتأمينات الاجتماعية نظم متغيرة بطبيعتها، وليست نظماً ثابته، بمعنى أنها معرضة للتطوير والإصلاح من مرحلة إلى أخرى، وفقاً لحيثيات الواقع ومستجداته الذي تُبنى عليه توقعات المستقبل، بل يجب أن يُصار إلى تعديلها إذا استدعت الظروف والدراسات ذلك، لكي تستمر في أداء مهتمها، وتكون قادرة على أداء رسالتها في توفير سبل الحماية الاجتماعية للمنضوين تحت مظلتها راهناً ومستقبلاً..

وأعتقد أنه في هذا الإطار ومن منطلق المسؤولية الاجتماعية التي تضطلع بها مؤسسة الضمان الاجتماعي، كان ذلك الحوار الاجتماعي الوطني الجميل الذي بدأته المؤسسة منذ ثلاث سنوات في إطار خطتها للتواصل مع الجمهور وإثراء الحوار حول هذا القانون الحيوي المهم، والذي اتسم بالموضوعية وعّبّر عن تطلعات المؤسسة لتطوير نظام الضمان الاجتماعي  في ضوء الحقائق والمستجدات والثغرات التي كشف عنها التطبيق والدراسات التي أجرتها المؤسسة حول مركزها المالي، وهو ما يعبر عن فهم حقيقي لدور الضمان في المجتمع، ويعكس إيمانها بضرورة التفاعل مع جمهورها العريض، كما ينم عن إدراك لأهمية القناعات المجتمعية والرأي العام في ترسية وإقرار نظام تأميني توافقي عصري يواكب تطورات المجتمع على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، ويوفر الحماية الاجتماعية المطلوبة بعدالة وتكافلية ليس فقط للأجيال الحالية بل وللأجيال القادمة وهذا هو جوهر الحماية والأمن الاجتماعي لنظام الضمان متمثلاً في ديمومة النظام وقدرته على الاستمرار من جيل إلى جيل..

ولعل في تلك السلسلة الطويلة من الحوارات الاجتماعية الوطنية الهادفة التي شملت شرائح مختلفة من المواطنين وبمختلف المستويات الثقافية من عمال ومهنيين وموظفين وأكاديميين ونقابيين وغيرهم، وأثريت بآراء ونقاشات مفتوحة شهدتها أروقة المنتديات والبلديات والأندية والجامعات وفروع مؤسسة الضمان في مختلف المحافظات، وتناولت كافة قضايا الضمان الاجتماعي في الأردن بدءاً بتطبيقات القانون الحالي ومروراً بتطلعات مؤسسة الضمان وخططها التطويرية وعلاقتها بجمهورها الواسع، وانتهاءاً بالتعديلات التي تم إدخالها على قانون الضمان.. ناهيك عن الاستماع إلى شكاوى واقتراحات المواطنين وآرائهم بشأن القضايا المطروحة وغيرها مما يتعلق بالضمان الاجتماعي وتطبيقاته في هذا الوطن.. لعل هذه الحوارات أصابت الهدف تماماً، وأدت إلى بلوغ نظام تأميني جديد بأسلوب مريح مزج بين التوجهات الحديثة لنظم التقاعد والتأمينات الاجتماعية وبين القناعة التي أهلت لتلقي إصلاحات تطويرية على نظام الضمان نعتقد أنها سوف تحقق الغاية العامة للمجتمع.  

أما الأسباب التي دعت إلى إصلاح وتطوير نظام الضمان الاجتماعي فيمكن إيجازها في الآتي:  

  1. ضمان ديمومة النظام التأميني واستمراره في توفير الحماية الاجتماعية للأجيال القادمة من خلال إصلاح الخلل وسدّ الثغرات.
  2. تعزيز الحماية الاجتماعية من خلال التوسع في التغطية ومد مظلة الضمان لتشمل فئات جديدة في المجتمع ، وإضافة تأمينات جديدة استدعت الحاجة إلى تطبيقها.
  3. تحقيق مزيد من العدالة والتكافل الاجتماعي من خلال التوسع في حماية أصحاب الرواتب التقاعدية المتدنية والمتوسطة وتقليص الفجوة بينهم وبين أصحاب الرواتب التقاعدية العالية.
  4. تعزيز مساهمة الضمان في التنمية المجتمعية ودعم الاقتصاد الوطني من خلال تحصين القرار الاستثماري, واتباع الحرفية وتطوير الأداء عبر إنشاء مجلس للاستثمار، ولجنة للحوكمة، وصندوق لاستثمار أموال الضمان الاجتماعي.

 

ولعل أهم دافع لتعديل نظام الضمان وإصلاح الخلل والتشوهات الذي تكتنفه يكمن في مسؤولية الدولة ومؤسسة الضمان الاجتماعي في الحفاظ على  استدامة هذا النظام بحيث يظل قادراً على الوفاء يالتزاماته المستقبلية تجاه الأجيال القادمة، لذا سنتناول هذا السبب وأهم المخاطر والاختلالات التأمينية التي تؤثر سلباً على ديمومة نظام الضمان.

   

ضمان ديمومة نظام الضمان:

كما سبق أن قلنا، فإن طبيعة نظم الضمان الاجتماعي(التقاعد والتأمينات الاجتماعية) أنها نظم مستمرة، فالاستدامة أهم ما يميز هذه النظم عن سواها باعتبارها صمام أمان المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً، ومن المهم أن يؤدي هذا الصمام دوره بعناية وحرص لكي يظل قادراً على توفير الحماية المطلوبة للمجتمع.. وهذه مهمة الدولة ومهمة المؤسسة التي تقوم على تطبيق نظام الضمان..

وحتى يظل هذا الصمام يعمل بصورة صحيحة  ومتوازنة، لا بد من مراقبة أدائه، في ظل المتغيرات التي تطرأ على المجتمع بمختلف صورها، وكذلك في ظل مخرجات هذا النظام، وهل هي طبيعية وضمن حدود التوقعات أم لا..

وفي ضوء تطبيق قانون الضمان الاجتماعي رقم 19 لسنة 2001 تبين أن النظام يحتوي على اختلالات تأمينية جوهرية تؤثر على استدامته مما لا بد معه من الشروع بمعالجتها، وقد بينت ذلك الدراسات الاكتوارية التي أجرتها المؤسسة، وهي دراسات تقوم على فحص المركز المالي للمؤسسة لبيان مدى قدرة النظام على الوفاء بالتزاماته مستقبلاً، وبالتالي ضمان استمرارية هذا النظام وديمومته..  

أبرز الاختلالات التأمينية في النظام الحالي: 

خطر التقاعد المبكر  

الأصل في استحقاق الراتب التقاعدي هو انتهاء الخدمة بسبب بلوغ السن المقررة للتقاعد (الشيخوخة)  في حين أن التقاعد المبكر الذي يعني استحقاق الراتب قبل بلوغ سن الشيخوخة، من شأنه أن يزيد من مدة استحقاق الراتب التقاعدي،  وهو ما يستلزم بالضرورة وما تقتضيه العدالة تخفيض راتب التقاعد المبكر بصورة تتناسب مع طول فترة الاستحقاق مقارنة مع فترة الاستحقاق المتوقعة لراتب الشيخوخة..

من أهم الاختلالات التأمينية وأكثرها خطورة على نظام الضمان، واستنزافاً لأمواله، حسب ما كشفت الدراسات في مختلف دول العالم التي تطبق أنظمة تقاعد وتأمينات، هو التقاعد المبكر.. الذي وصل في الأردن إلى درجة أصبح فيها يشكل القاعدة العامة للتقاعد وليس الاستثناء كما هو الأصل، حتى غدا ظاهرة مستشرية بوتيرة متسارعة بين المشتركين، مع أنه يجب أن يكون في أضيق حدوده، ولكن قانون 2001 لم يضع من الضوابط الكافية للحد من هذه الظاهرة، نظراً لسهولة الشروط التي تضمنها لاستحقاق راتب التقاعد المبكر..  وهو أمر يهدد مستقبل الضمان دون شك، ويضر بالاقتصاد وبالمسيرة التنموية في البلاد، فماذا يعني أن تصل نسبة المتقاعدين من الضمان على أساس التقاعد المبكر خلال عام واحد فقط إلى حوالي (79%) من إجمالي المتقاعدين لذلك العام..!!؟؟ ألا تُشكّل هذه معضلة للضمان وعقبة كبيرة على طريق مسيرته وتمس بأهم مرتكزاته وهو عنصر الديمومة والاستمرار..؟؟ 

لا شك أن وضعاً كهذا استدعى تدخلاً فورياً لوقف استنزاف أموال صندوق الضمان، قبل أن تقع الطامة بنفاذ صندوق الضمان، وحسب الدراسات التي قامت بها المؤسسة فإن ما يتقاضاه المتقاعد مبكراً من رواتب تقاعدية يزيد على (10) أضعاف ما يكون قد دفعه من اشتراكات، وهذا يتناقض مع مبدأ العدالة والتكافل الاجتماعي الذي تقوم عليه نظم الضمان والتأمينات الاجتماعية..   

ومع تصاعد أعداد المتقاعدين مبكراً، تزايدت نسبة المتقاعدين إلى المشتركين، ليصبح مقابل كل متقاعد خمسة مشتركين فقط، وتشير دراسات المؤسسة إلى أنه من المتوقع أن يصبح مقابل كل متقاعد مشترك واحد فقط مع منتصف القرن الحالي فيما لو بقي الحال على حاله.. فهل هناك نظام ضمان أو تقاعد يستطيع الاستمرار إذا وصل إلى درجة أن يصبح فيه مشترك واحد يمول متقاعداً واحداً..!!!؟؟؟ 

أصحاب الرواتب الضخمة:  

والخلل الثاني الذي أخذ شكل التشوّه، تمثّل في بروز ظاهرة أصحاب الرواتب الضخمة من المشتركين في الضمان، الذين يُلقون على صندوق الضمان أعباء كبيرة عند تقاعدهم، والسبب هو عدم وضع سقف للراتب الخاضع للاقتطاع وفقاً لقانون 19 لسنة 2001، ما يدل على خلل واضح ينبغي معالجته، ويكفي أن ندلل على مدى خطورة هذا الخلل، ومدى خرقه لمبدأ تكافلية نظم الضمان الاجتماعي بالمثال التالي: متقاعد يتقاضى راتباً تقاعدياً من الضمان قيمته (12000) إثنى عشر ألف دينار، وتمويل هذا الراتب يتطلب كامل قيمة الاشتراكات المدفوعة عن (500) مشترك من ذوي الحد الأدنى للراتب الخاضع للاقتطاع...  لذا يجب أن لا يُستهان بأصحاب الرواتب التقاعدية العالية، لأن تزايدهم يعني تقلص عدد المشتركين الممولين للمتقاعدين.. فهذه هي طبيعة نظم التقاعد والضمان الاجتماعي أنها قائمة على مبدأ التكافل التمويلي.. وكلما زاد عدد المشتركين الممولين لمتقاعد واحد كلما أشّر ذلك على خلل في النظام التأميني.. وكلما أدى ذلك إلى تهديد ديمومة هذا النظام.. لذلك جاء القانون الجديد محدداً سقف الراتب الخاضع للاقتطاع، كإجراء وقائي لا بد منه للحفاظ أولاً على مبدأ تكافلية نظام الضمان، ولتحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية بين كافة المنتفعين، ثم للحفاظ على مبدأ الاستدامة للنظام التأميني.

     

  في ضوء هذا الواقع والتوقعات المستقبلية، كشفت الدراسة الاكتوارية الأخيرة للضمان، عن نقاط التعادل في مركزها المالي، ودقّت ناقوس الخطر في حال استمرار النظام دون تعديل أو تطوير، حيث أبرزت نقاط التعادل الثلاث التالية:  

        1)  بحلول عام  2016م سوف تتساوى الإيرادات التأمينية مع النفقات التأمينية مما يضطر المؤسسة إلى الاستعانة بعوائد الاستثمار لدفع الرواتب التقاعدية والنفقات التأمينية الأخرى.

        2) بحلول عام 2026م سوف تتساوى الإيرادات التأمينية وعوائد الاستثمار مع النفقات التأمينية، ما تضطر معه المؤسسة إلى البدء بتسييل موجوداتها وأصولها للوفاء بالتزاماتها التأمينية.

        3) مع حلول عام 2036م سوف تنفذ أموال الصندوق، وستبدأ بعدها مرحلة العجز التراكمي ليشكّل عبئاً كبيراً على الدولة ويضعها أمام وضع صعب وخطير للغاية على كافة المستويات.  

   

هذان هما أهم خللين وأكثرهما خطورة على نظام الضمان، واستنزافاً لأموال المشتركين، وقد جاء قانون الضمان الجديد بمعالجة لهما، تمثلت في الآتي:  

أولاً:  وضع محددات وضوابط للتقاعد المبكر، تضمنت رفع سن التقاعد المبكر وزيادة مدة الاشتراك بصورة أكثر عدالة وموضوعية، وضمن معامل منفعة متدرج مرتبط بسن المشترك عند التقاعد.. والهدف هو الحدّ من هذه الظاهرة والتشجيع على الاستمرار في العمل، وخاصة في السن الذي تكتنز فيها الخبرات والتجارب، إضافة إلى عدم حرمان صندوق الضمان من اشتراكات تسهم في تمويل التزاماته مستقبلاً، ويؤدي انقطاعها إلى استنزاف الصندوق عبر طريقين: الأول هو تحميل الصندوق كلفة عالية ناتجة عن دفع رواتب تقاعدية مبكرة لمدد طويلة على اعتبار أن المتقاعد مبكراً يتقاضى راتباً تقاعدياً في سن مبكرة، ويستمر لفترة أطول ممن يتقاعد عند سن الشيخوخة قياساً مع معدلات توقعات الحياة، وتشير إحصائيات مؤسسة الضمان إلى أن معدل ما يتقاضاه المتقاعد مبكراً من رواتب تقاعدية من المؤسسة يزيد على (10) أضعاف ما دفعه من اشتراكات للمؤسسة، وهي حالة تشير إلى أن ثمّة قصوراً وتشوهاً كبيراً في النظام التقاعدي، لأن تفاقم الظاهرة واستمرارها سيقود حتماً إلى استنزاف أموال صندوق الضمان في وقت لن يكون بعيداً، ناهيك عن أن مثل هذه الظاهرة تخرق مبدأ التكافلية الذي يقوم عليه بناء نظام الضمان الاجتماعي.. أما الطريق الثاني المؤثر سلبياً على الصندوق فيتمثل في خروج فئة كبيرة من سوق العمل وهم في قمة عطائهم وخبراتهم ما يقود إلى حرمان الصندوق من الاشتراكات التي كانوا يؤدونها.  

ثانياً: وضع سقف للأجر الخاضع للاقتطاع، حماية لأصحاب الرواتب والأجور المتدنية والمتوسطة، وهم يشكلون الغالبية العظمى من المشتركين، إضافة إلى تعديل معامل المنفعة الذي يحسب على أساسه الراتب التقاعدي، بما يضمن أيضاً حماية أصحاب الرواتب والأجور المتدنية والمتوسطة. 

ونعتقد أن من شأن هذين التعديلين أن يحققا العدالة المطلوبة، فالتعديل الأول يقلص من ظاهرة التقاعد المبكر التي باتت تشكل أكبر خطر يهدد نظام الضمان الاجتماعي..  والتعديل الثاني يقلل من استفادة أصحاب الأجر الكبير من رواتب تقاعدية كبيرة في المستقبل على حساب أصحاب الأجور القليلة والمتوسطة.. وهو ما يصب في مصلحة الغالبية العظمى من المشتركين، ويحافظ على أموالهم،  ويحقق العدالة الاجتماعية التكافلية التي يقوم عليها نظام الضمان الاجتماعي.  

مزايا تضمنها القانون الجديد:  

تضمن قانون الضمان الجديد العديد من المزايا التي تضيف مكاسب جديدة للمجتمع، وتحافظ على متانة الصندوق ومكانته، والنظرة إلى القانون يجب أن تكون شمولية، فلا يُنظر إلى جانب معين فقط، أو يُحكم عليه من زاوية معينة، وإذا كان التعديل الأهم يتمحور حول التقاعد المبكر، فما ذلك إلا لكونه أصبح يشكل خطراً كبيراً على الصندوق كما بينا، يهدد بالفعل قدرته على الاستمرار في تقديم منافعه للأجيال المقبلة.. وهو ما لا يقبله أحد على الإطلاق..

وإذا كنا نقول بأنه لا بد من نظرة شمولية للقانون، فإنه كما حرص على إصلاح الخلل، وإزالة التشوهات في قانون 2001 التي شكلت خطراً لا بد من معالجته فوراً، فإنه بالمقابل تضمن عدداً من المزايا المهمة التي تعزز من الحماية التي يقدمها للمشمولين بهذا القانون.. وعندما نقول مزايا لا يعني أن الإصلاح التي تضمنها بشأن التقاعد المبكر وأصحاب الأجور الضخمة ليست إيجابية، بل هي في مجملها إصلاحات إيجابية كونها تصب في مصلحة المجموع، وتنبع من الحرص على الحفاظ على ملاءة الصندوق وقدرته على الوفاء بالتزاماته على مرّ الأجيال.. إضافة إلى تكريس نوع من العدالة الاجتماعية التكافلية التي ترتكز عليها نظم الضمان والتقاعد..

  

أما أهم المزايا التي  تضمنها القانون الجديد فيمكن إيجازها في الآتي:  

أولا: توسيع مظلة الضمان الاجتماعي:  بحيث تشمل فئات أخرى من الناس، حيث أن القانون الحالي لم يشمل أصحاب العمل والعاملين لحسابهم الخاص، فجاء القانون الجديد ليشمل كل هذه الفئات إضافة إلى توفير الفرصة لربات البيوت للاشتراك بالضمان، وهي إحدى أهم المزايا التي يمكن أن تسهم بشكل فاعل في زيادة مساحة الحماية الاجتماعية في الوطن، بحيث تمكّن جميع المواطنين من التفيّؤ تحت مظلة الضمان، والاستفادة من سبل الحماية التي يوفرها، إذْ تبين الإحصائيات أن حوالي 35% من العاملين غير مشمولين بأي تغطية تأمينية أو تقاعدية، وشمول هذه النسبة أو أي جزء منها بمظلة الضمان إسهام في تعزيز الحماية والأمن الاجتماعي.  

ثانياً: إضافة تأمينات جديدة لم تكن مطبقة من قبل: حيث تضمن القانون الجديد إضافة تأمينات مهمة هي: تأمين الأمومة، وتأمين التعطل عن العمل والتأمين الصحي. 

     ولا يخفى ما سيلعبه تطبيق هذه التأمينات من دور جوهري في تعزيز سبل ومستوى الحماية والأمان الاجتماعي، وسوف يكون تطبيقها ضمن ضوابط ومحددات تضمن توفير الحماية اللازمة وفي الوقت ذاته التحفيز على العمل وعدم الركون إلى التعطل والإتكالية..   وغني عن القول أن تطبيق تأمين الأمومة الذي يوفر للمؤمن عليها دخلاً يعادل أجرها خلال فترة إجازة الأمومة سوف يعزز من مكانة المرأة ويساهم في تمكينها بصورة أكبر في سوق العمل، ويقلل من نسب عزوف بعض أصحاب العمل عن تشغيل المرأة وخصوصاً المتزوجة خشية تحمل كلفة إضافية أجوراً دون عمل عندما تكون بحاجة لإجازة الوضع والأمومة.. كما يوفر هذا التأمين الحماية للمرأة من التعرض لفقدان الوظيفة في حالات الزواج والأمومة كون أعباء وكلفة إجازة الأمومة تُنقل من صاحب العمل إلى مؤسسة الضمان وفقاً لهذا التأمين الذي يتوقع أن يغطي حوالي (87%) من المؤمن عليهن.

     أما بالنسبة لتأمين التعطل عن العمل الذي يخص المؤمن عليهم الأردنيين، فهو شكل آخر من أشكال الحماية للعمالة الأردنية، ويعد أحد أهمها إذْ يوفر دخلاً للمؤمن عليه الأردني المتعطل عن العمل خلال فترة تعطله وضمن ضوابط وشروط صُممت بحيث تكون حافزاً على العمل والبحث عنه دون توانٍ أو إتكالية، والجميل أيضاً في هذا التأمين أنه يشكّل وعاءً إدخارياً للمشمولين به، إذْ تصب إيرادات هذا التأمين في صندوق ادخاري خاص، تسوى حقوق المؤمن عليه منه عند خروجه نهائياً من أحكام قانون الضمان والميزة الأهم تكمن في استمرارية شمول المؤمن عليه بالضمان طيلة فترة تعطله عن العمل..  

  

ثالثاً: ربط الرواتب التقاعدية ورواتب الاعتلال بالتضخم أو بمعدل النمو السنوي لمتوسط للأجور:  وهذه النقطة في غاية الأهمية كونها تشكل أحد أهم المتطلبات الضرورية لمحاكاة الأوضاع والظروف المعيشية للناس، والانتهاء من حالة الزيادات العشوائية وغير المنتظمة، والتي لا تقوم على أساس علمي مدروس.  

       وقد  أصاب القانون الجديد حين تنبه إلى هذه النقطة الحساسة، نظراً لأهمية ملاءمة الرواتب التقاعدية مع التغير في مستويات المعيشة والدخول، وهي واحدة من أهم التحديات التي تواجه نظم التقاعد والتأمينات الاجتماعية للمحافظة على القيمة الحقيقية لما تقدمه من رواتب تقاعدية ومدى قوتها الشرائية من خلال الحرص على مواءمتها مع التحولات الاقتصادية التي تحمل في طياتها ما يسمى بالتضخم، وهذه الملاءمة غير مرتبطة فقط بانخفاض القوة الشرائية للنقود (التضخم)، وإنما أيضاً بالارتفاع في مستوى المعيشة وارتفاع معدلات الأجور. 

        وعندما يأتي القانون الجديد ليربط الرواتب التقاعدية بالتضخم، فهذا يعني أن هذه الرواتب لن تكون ثابتة لا تتغير، بل ستكون مواكبة للتغير في الأوضاع الاقتصادية ومستوى الكلفة المعيشية للمواطن، بحيث تحافظ على رواتب المتقاعدين من التآكل في ظل انخفاض القوة الشرائية لها في الأوقات التي يعاني منها المجتمع من التضخم، ويعكس هذا التعديل اهتماماً وحماية لأصحاب الرواتب التقاعدية ورواتب الاعتلال المتدنية والمتوسطة، إذْ تشير إحصائيات الضمان إلى أن حوالي (75%) من رواتب متقاعدين لا تزيد على (200) دينار، ما يحتّم توفير الحماية اللازمة لأصحاب هذه الرواتب من تآكل القوى الشرائية لرواتبهم خلال فترة الضخم...    

رابعاً:  تعزيز مبدأ الحاكمية لمؤسسة الضمان: وهو ما يتضح من خلال إعادة هيكلة المؤسسة، بما يراعي التوسع الكبير في أعمالها ومهامها على المستويين التأميني والاستثماري بإنشاء مجلس للتأمينات، ومجلس للإستثمار, ,ولجنة للحوكمة ما يضمن قدرة أكبر على تحقيق نتائج أفضل لاستثمار أموال الصندوق، وتطبيق تأميني أفضل لصالح المشتركين والمنتفعين. 

خامساً: مزايا أخرى تضمنها المشروع: وتتمثل في:

  • تعزيز تدابير السلامة والصحة المهنية في بيئات العمل: وقد جاء القانون الجديد بنصوص مهمة في هذا الجانب:  
  1. إلزام صاحب العمل بتوفير شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية وأدواتها في موقع العمل.
  1. تحميل صاحب العمل نفقات العناية الطبية للمصاب إذا ثبت أن الإصابة وقعت بسبب مخالفة "صاحب العمل" لشروط السلامة والصحة المهنية وتدابيرها.
  2. زيادة نسبة اشتراكات إصابات العمل على المنشآت التي تتزايد فيها حوادث وإصابات العمل، وذلك لتشجيع أصحاب العمل على الاهتمام بجوانب السلامة والصحة المهنية والحد من إصابات العمل في بيئات العمل لديهم.

 

  • رفع سقف راتب تقاعد الوفاة الناتجة عن إصابة عمل ليصبح (75%) من الأجر بدلاً من (60%).

 

  • التخفيف من شروط استحقاق راتب الوفاة الطبيعية: بحيث يكون قد توفر لدى المؤمن عليه (24) اشتراكاً، منها آخر (6) اشتراكات متصلة،  وليس 12 اشتراكاً متصلة كما في قانون 2001 وهذا التعديل يوفر الحماية لطبقة من العمال الذين يعملون في لفترات ومواسم معينة تقل عن (12) شهراً، مثل عمال الحراج، وبعض عمال الصحة(عمال الملاريا والبلهارسيا..) إضافة إلى بعض المعلمين ممن يعملون في مدارس خاصة لمدد تقل عن (12) شهراً في السنة الواحدة.
  • رفع سقف راتب التقاعد من خلال إلغاء شرط عدم تجاوزه لـ 75% من متوسط الأجر الذي يحتسب على أساسه إلى 100% من المتوسط.
  • كنوع من الحماية الإضافية وحتى لا يخسر المؤمن عمله فيما إذا انتهت خدمته لأسباب صحية دون أن ينطبق عليه مفهوم العجز الطبيعي حسب قانون الضمان، فقد أجاز مشروع القانون الجديد للمؤمن عليه الذي تزيد اشتراكاته على (60) اشتراكاً أن يطلب فحصه طبياً وهو على رأس عمله لبيان ما إذا كان ينطبق عليه العجز الكلي الطبيعي الدائم.. وهذا الأمر غير مسموح به في القانون الحالي إلاّ بعد انتهاء خدمة المؤمن عليه..
  • تخفيض كلفة شراء سنوات الخدمة السابقة بغية تمكين غير مستكملي مدة الحد الأدنى للاشتراك من استكمالها عبر الشراء وبالتالي استحقاق راتب التقاعد.
  • مراعاة العاملين في المهن الخطرة والسماح لهم بالتقاعد مبكراً ووضع نظام خاص ينظم هذه المهن ويحددها.
  • التوسع في منح الحصص للمتسحقين(الورثة) الناتجين عن وفاة مؤمن عليه أو متقاعد: ومن أوجه هذا التوسع الذي لا يسمح به القانون الحالي ما يلي:
  • السماح لأي مستحق بالجمع بين الأنصبة بما لا يزيد على ثلاثة أمثال الحد الأدنى للراتب التقاعدي.
  • السماح للإبن بصرف نصيبه عن والده المتوفى حتى سن الثالثة والعشرين، دون اشتراط أن يكون طالباً(في القانون الحالي كان السن 18 أو أن يكون طالباً).
  • الاستمرار بصرف نصيب والدة المتقاعد أو المؤمن عليه المتوفى دون شرط(في القانون الحالي يشترط أن لا تكون متزوجة من غير والده).
  • السماح للأرملة بالجمع بين كامل نصيبها عن زوجها المتوفى وبين راتبها التقاعدي أو أجرها من العمل.

 

 

أخيراً، فإن إصلاح نظام الضمان الاجتماعي الأردني بإصدار القانون الجديد كان ضرورة وطنية ملحّة، وهو انتصار للمصلحة الوطنية، وإذا كان هذا الإصلاح يحمل في بعض جوانبه بعض القسوة، فإنها في المستقبل ستكون أكثر قسوة وصرامة لو لم يتم إنجازه اليوم قبل الغد.. ولعل المسؤولية الاجتماعية لجميع الأطراف ذات العلاقة بالموضوع من حكومة ومنظمات ومؤسسات ومؤمن عليهم، وأصحاب عمل ومنظمات عمالية تتطلب شعوراً أكبر بأهمية هذه العملية الإصلاحية، وبدورها في الحفاظ على أهم مرتكزات نظام الضمان الاجتماعي وهي الديمومة والمتانة والتكافلية، والعدالة الاجتماعية ومراعاة الطبقة العاملة الفقيرة وتقليص الفجوة بينها وبين الطبقة الغنية، وهي عناصر يتطلب الحفاظ عليها النظر في هذا النظام من فترة إلى أخرى ومراقبة أدائه ومخرجاته، وإصلاح أي خلل أو تشوهات قد تتكشف عبر مسيرة التطبيق من أي نوع كان.. لكي يظل هذا النظام موائماً للظروف والأوضاع المعيشية ومناسباً لكل الأجيال، فنظام الضمان الاجتماعي يحتاج من فترة إلى أخرى إلى التحقق من كفاية أمواله لمواجهة التزاماته المستقبلية.. وتلك هي طبيعة نظم التقاعد والتأمينات الاجتماعية، وما أثبتته التجارب العالمية وأخذت ولا تزال تأخذ به الدول التي تطبق هذه التأمينات.. 

قد تتألم فئات قليلة في المجتمع نتيجة تعديل وإصلاح الضمان الاجتماعي لكنه ألم بسيط إذا ما قورن بما يمكن أن يواجهه الناس والمجتمع بأسره في المستقبل فيما لو لم يتم إنجاز هذا القانون الذي يحلو لنا أن نسميه بأنه قانون إصلاحي بامتياز حقق العديد من المكاسب للمشتركين والمنتفعين، وسوف يسهم مع الأيام في توسيع قاعدة الطبقة الوسطى في المجتمع وحماية وتمكين الطبقة الفقيرة، وهو هدف يجب أن تسعى كل الدولة لتحقيقه حفاظاً على الأمن والسلم الاجتماعي والتوازن المجتمعي، والتنمية المجتمعية المستدامة.    
 





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع