المقصود بالحكم هو الآليات والمؤسسات والعمليات التي تمارس السلطة من خلالها تصريف الشؤون العامة و، وقد برز مفهوم الحكم الرشيد في أواخر الثمانينات لمعالجة إخفاقات السياسات الإنمائية بسبب مشاكل الحكم ، بما في ذلك الإخفاق في احترام حقوق الإنسان ، ويعزز مفهوم الحكم الرشيد ومفهوم حقوق الإنسان كل منهما الآخر ، ذلك أنهما يقومان على المبادئ الجوهرية للمشاركة والمساءلة والشفافية ومسؤولية الدولة .
وتتطلب حقوق الإنسان وجود مناخ مشجع وموات ،خاصة القواعد التنظيمية والمؤسسات والإجراءات التي تشكل تصرفات الدولة ،وتوفر حقوق الإنسان مجموعة من معايير الأداء التي يمكن بناء عليها مساءلة الحكومات والجهات الفاعلة الأخرى وينبغي في الوقت نفسه أن تؤدي سياسات الحكم الرشيد إلى تمكين الأفراد من العيش بكرامة وحرية ومع أن حقوق الإنسان توفر التمكين للناس إلا أنه لا يمكن أن تحظى بالاحترام والحماية على نحو مستدام بدون الحكم الرشيد ، وبالإضافة إلى القوانين ذات الصلة ،فإن العمليات والمؤسسات السياسية والإدارية مطلوبة للاستجابة لحقوق واحتياجات السكان ، وليس هناك نموذج واحد للحكم الرشيد ، فالمؤسسات والعمليات تتطور مع مرور الزمن.
إن حقوق الإنسان تعزز أطر الحكم الرشيد ، ولكنها تتطلب ما هو أكثر من المصادقة على معاهدات حقوق الإنسان إنها تتطلب إدماج حقوق الإنسان بفاعلية في تشريعات وسياسات الدول وممارساتها ، وتشجيع إقامة العدل كهدف لحكم القانون وإدراك أن مصداقية الديمقراطية تعتمد على فاعلية استجابتها للمطالب السياسية والاجتماعية والاقتصادية للناس ، وتشجيع الضوابط والتوازنات بين مؤسسات الحكم الرسمية وغير الرسمية ، وإدخال التغييرات الاجتماعية اللازمة خاصة فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين والتنويع الثقافي ، وإيجاد الإرادة السياسية والمشاركة العامة والوعي ، بالإضافة إلى التصدي للتحديات الأساسية التي تواجه حقوق الإنسان والحكم الرشيد كالفساد والمنازعات العنيفة .