الصحة والسياسة
مشدوهاً بفضاعة التهويل الاعلامي لما جرى في مستشفى الزرقاء الحكومي قبل فترة ليست بقريبة, هرع معالي وزير الصحة الى قطع زيارته الى لندن - ذات الطقس الرائع في هذا الوقت من السنة- وعند وصوله الى ارض الوطن باغته الصحفيون للادلاء بتصريح لطمأنة الغوغاء العازفين عن دخول المستشفى من طاقم طبي الى مواطنين عُزَّل.
واول ما صرح به معالي الوزير ان المرض الغامض الذي جاء على كثر من عشرة من طاقم المستشفى ليس وباءاً وانه – اقتبس- (لا يعد اكثر من مرض نتج عن استخدام شيء مشترك من قبلهم وصديقهم الذي كان يتردد عليهم) انتهى الاقتباس..
في عالم الطب - لست خبيرا- يعَّرف الوباء على انه مرض يصيب عددا من الناس في وقت واحد لفترة من الزمن. ولكن في عالم الطب الأردني هناك فرق شاسع بين الوباء والمرض استنادا الى انكار معالي الوزير ان المرض الذي اصيب به الطاقم الطبي ليس وباءا.. ولذلك لكي يصار الى اعتبارك مريضا وتلقيك العلاج اللازم لا بد لك ان تصاب بوباء وليس بمرض. وقد عزا معالي الوزير هذا الانتفاخ القميئ في قولون المؤسسة الطبية الى شرذمة من الممرضين - اقتباس (المحسوبين على تيار لم يحالفه الحظ في انتخابات نقابة الممرضين الأخيرة) انتهى الاقتباس.
لست ذكيا سياسيا ولكنى ارى اتهاما مبطنا للاسلاميين في نشر الفتنة الوقائية وبث سموم الانتقام في اوردة العضد الصحي الأردني سماهم معالي الوزير (جماعة الضد في الزرقاء). لم اجد اي مرجع لهذه الجماعة في اي مصدر ارضي..ربما يكون احد فروع القاعدة الاسلامية..
وعلى الفور "اقتبس( وزارة الصحة استغلت هرب الممرضين وقامت بتعقيم غرفة العناية المركزة من قبل شركة عالمية) انتهى الاقتباس.
يبدو ان غرفة العناية المركز ة انتعشت اخيرا بجرعة من تعقيم بعد ان هرب الطاقم منها من قبل شركة عالمية وقد شدد الوزير على عبارة شركة عالمية وذلك لعدم ثقة وزارة الصحة باجراءاتهم التعقيمية وحتى يقنع الهاربين بالعودة الى غرفة العناية المركزة باطمئنان واثبت معالي الوزير ذلك بان خاطر بروحه بالدخول الى غرفة العناية المركزة وسحب عينات دم من بعض المرضى لطمأنتهم على الوضع.
وباستخدام لفوي فكاهي ساخر شبه معالي الوزير المسؤولين في وزارة الصحة في يومي الخميس والجمعة اقتبس (مثل الي مضيع ابوه) انتهى الاقتباس ......حيث ان ردهم حسب تصريحات الوزير أقتبس (ما كانوا قويين في الرد وكان المفروض ان يكون الرد علميا).
دعنا نفهم جيدا ما هو الرد القوي والرد الضعيف.. فالرد القوي هو ادحاض ان هنالك مرضا وان هناك ممرضة فارقت الحياة وان هناك انتشارا للمرض حتى انه ليس هنالك مرض.
اما الرد الضعيف فهو ان يعترف المسؤولين الذين زاروا المستشفى ان الوضع خطير وان هناك ارواح اردنية بحاجة لعناية اكثر.
وانتقد معالي الوزير ايضا ان (الرد لم يكن علميا).- لست طبيبا- ولكني قد افهم ان الرد من المسؤولين كان سياسيا ربما او اجتماعيا ربما ....ايا كان الرد فلم يؤدي ما وظفت اليه وزارة الصحة.
وقد تحلى معالي الوزير بأعلى درجات ضبط النفس مع الممرض المأجور ذات الأجندات الخارجية المناهض لمسيرة وزارة الصحة حين (تلاسن) معه لوجوده خارج غرفة العناية المركزة يضع كمامة على فمه. لم يدرك معالي الوزير عظم الخوف الكامن في داخل الكمامة بل نهره ان يرمي بنفسه الى التهلكة لارضاء ربما مدير مكتب الوزير في عمان.
وقد اكد معالي الوزير ان - اقتبس (الوزارة تجري الفحوصات حاليا في مختبر وزارة الصحة وهو مرجع محلي واقليمي). وأوعز معالي الوزير الى ارسال الفحوصات الى اكثر من جهة,,...... قد أفهم ان رغم كل الطمأنة الواردة في التصريح لم يثبت بعد صحة الاشاعات المغرضة عن المرض الغامض.
بكل فخر تحتل الأردن المرتبة الأولى عربيا في السياحة الأردنية العلاجية والخامس عالميا في الطب...... ما أسأله هل زار من وضعوا هذه التصنيف مستشفى الزرقاء الحكومي ومستشفى اربد الحكومي ومستشفى الايمان في عجلون.. اجزم بأنهم لو زاروها لكنَّا في المرتبة قبل الأخيرة بعد الصومال.
قال وينست (دافع عن وطنك ضد حكومتك) وهذا ما افهمه عن المواطنة الحقة. انا لا انتمي لمن يزيف الموت بل انتمي للموت حين يحمل معنىً للوطن .