يضع إعلان الأمم المتحدة للألفية بشكل جلي التزامات حقوق الإنسان وأهداف التنمية في صلب جدول الأعمال الدولي للألفية الجديدة ، ففي الوقت الذي جددت فيه الدول الأعضاء التزاماتها بتعزيز وحماية حقوق الإنسان ، فقد وافقت هذه الدول أيضا ً على ثمانية أهداف محددة لها إطار زمني أطلق عليها الأهداف الإنمائية للألفية ، وتمثل هذه الأهداف مجال التركيز لجهود تخفيف وطأة الفقر كما توفر قاعدة مشتركة لقياس مدى التقدم المحرز.
إن حقوق الإنسان والأهداف الإنمائية للألفية مترابطة وتعزز إحداهما ، فهذه الأهداف يؤكدها القانون الدولي ، وينبغي أن ينظر إليها كجزء من إطار عريض متكامل من المستحقات والالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان ، فالأهداف الإنمائية للألفية وحقوق الإنسان تهدف كلتاهما إلى مراقبة الأعمال المتدرج لبعض الحقوق الإنسانية، وهناك آليات لتقديم تقارير دورية عن كل من الأهداف الإنمائية وحقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي ، بالرغم من أن ضمان المساءلة عن حقوق الإنسان يستدعي توفر مجموعة أشمل من القوانين والمؤسسات .
وتمثل الأهداف الإنمائية للألفية معالم بارزة لتطبيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تتعرض غالبا ً للإهمال ، وتساعد حقوق الإنسان في تركيز الاستراتيجيات الخاصة بتحقيق الأهداف الإنمائية عن طريق معالجة حالات التمييز والإقصاء والضعف وانعدام المساءلة التي هي السبب الأساسي للفقر والمشكلات الإنمائية الأخرى ، فالهدف الإنمائي الثاني للألفية على سبيل المثال يحدد عام 2015 م كموعد لتعميم التعليم الابتدائي ، وقد أثبتت الخبرة العملية أن الرسوم المدرسية تحول دون التحاق عدد أكبر من الإناث بالمدارس مقارنة بعدد الذكور ، مما يضعف القدرة على تحقيق الهدفين الإنمائيين الثاني والثالث المتعلقة بالمساواة بين الجنسيين ، وحقوق الإنسان تعزز استراتيجيات تحقيق الهدف الإنمائي الثاني بإرساء الحق في التعليم الابتدائي الشامل والمجاني ، وبضمان تصميم استراتيجيات النمو على نحو يتناسب مع احتياجات الإناث ، ومع مجموعات مهمشة أخرى بعينها ، كما ينبغي تكييف الغايات والأهداف العالمية مع السياق الوطني ،
فعلى سبيل المثال ، إذا كان معدل الالتحاق بالتعليم الابتدائي في بلد من البلدان في عام 2004 م هو 95 % ، فإن التزام الدولة بتكريس الحد الأقصى من الموارد المتاحة لتحقيق المستهدف فيما يتعلق بالحق في التعليم ، في إطار تحليل أعرض للأولويات الوطنية ، قد يعني أنه كم المفترض الوصول إلى هدف التعليم الابتدائي الشامل قبل عام 2015 م .
وثمة طرق أخرى تسهم بها حقوق الإنسان في تعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية ومنها ما يلي :
• تعزيز شرعية الاستراتيجيات الموضوعة لتنفيذ الأهداف الإنمائية بالبناء على الالتزامات الطوعية للحكومات فيما يتعلق بمعاهدات حقوق الإنسان .
• الاستفادة من إمكانيات التعبئة التي يوفرها التحاور في الأمور المتصلة بحقوق الإنسان .
• تعزيز استدامة الاستراتيجيات الرامية إلى تحقيق الأهداف الإنمائية ، والنظر إلى ما هو أبعد من " المعدلات المتوسطة " العالمية لمعالجة الأسباب الجذرية للفقر والتخلف في التنمية ، بما في ذلك أنماط التمييز ضد مجموعات محددة .
• بناء استراتيجيات المشاركة والتمكين على أساس الحقوق المدنية والسياسية .
• الإفادة من آليات ومؤسسات حقوق الإنسان كالمحاكم ، ومؤسسات حقوق الإنسان الوطنية ونظم وآليات العدالة غير الرسمية على الصعيد الدولي ( بما في ذلك الأجهزة القائمة على المعاهدات ) لتعزيز الشفافية والمساءلة تحقيقا ً للأهداف الإنمائية للألفية .