أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
5 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة اليوم 202 للحرب أسعار الخضار والفواكه في السوق المركزي الخميس الأردن على موعد مع حالة ماطرة استثنائية تستمر 10 أيام الاتحاد الأوروبي ومركز الدراسات الاستراتيجية يعقدان مؤتمر "الطريق إلى شومان" 1,223 مليار دينارا قيمة الصادرات الكلية للأردن حتى نهاية شباط الماضي خصم (تشجيعي) على المسقفات من بلدية إربد "آكشن إيد": غزة أصبحت مقبرة للنساء والفتيات بعد 200 يوم من العدوان على غزة بلدية برما في جرش: نسبة الإنجاز في مشاريع نُفذت وصلت إلى 100% إلقاء القبض على لص (الجاكيتات) في عمان مباراتان بدوري المحترفين الأردني الجمعة مهم من الضمان حول تأمين الشيخوخة المعلق خلال كورونا الاحتلال اعتقل 8455 فلسطينيا من الضفة الغربية منذ بدء العدوان 114 دعوى سُجلت لدى وحدة سلطة الأجور في وزارة العمل في الربع الأول من 2024 أكثر من 34.3 ألفا حصيلة الشهداء في غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي البيت الأبيض : نريد إجابات من إسرائيل بشأن المقابر الجماعية في غزة تطبيق نظام إدارة الطاقة في قطاع المياه 350 مستوطنا اقتحموا الأقصى خلال الساعة الأولى من بدء الاقتحامات نصراوين: حلّ مجلس النواب قد يكون منتصف تموز المقبل استشهاد الصحفي محمد بسام الجمل بغارة شرق رفح مستوطنون يؤدون صلوات تلمودية بباحات الأقصى
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة من يتصدى للإساءة إلى الأطفال؟

من يتصدى للإساءة إلى الأطفال؟

18-01-2012 10:54 AM

صدر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1983 كتاب بعنوان "أمة في خطر"، وبناء على ما جاء في طيات ذلك الكتاب، قام الرئيس "رونالد ريغان" آنذاك بتكليف مؤسسات المجتمع المدني الأمريكي بتدارس مواطن الضعف والخلل في النظامين الاجتماعي والتربوي، على اعتبارهما الأساس والمفتاح لنهضة الأمم وتقدم الحضارات، إذا فنحن لا نبالغ حين نعلّق مستقبل الأمة على صلاح أطفالها، ولا نبالغ حين نربط الإصلاح والسياسة والاقتصاد والفكر والتقدم والمستقبل برمته، بكيفية بناء وتربية ورعاية أطفالنا بشكل سليم وسوي وصحيح وقويم، فالأسرة هي الوعاء التربوي الأول الذي يسهم في تشكيل الفرد وتحويل الإنسان أو الطفل من كائن عضوي إلى كائن اجتماعي.

والعصر الذي نعيش فيه يتطلب منا كأفراد وآباء وأمهات ومسؤولين ومعلمين ومعلمات أن نكون على دراية بكل شيء من حولنا، وأن نكون ملمين بأمور عديدة خارج نطاق تخصصاتنا المهنية، حتى نتوافق مع إيقاع العصر السريع والمتغير باستمرار، وبالتالي لابد لأساليبنا التربوية في المنزل وفي المدرسة، ولابد للنظام التربوي وللمفاهيم التربوية وللإعلام من مجارة التطور والإغراءات وعناصر الشد الذي يتعرض لها أطفالنا، فالحكمة توصينا: "ربوا أولادكم لزمان غير زمانكم".

الكثير منا لم يسمع ب أو يعلم بأمر التحرش الجنسي بالأطفال إلا مؤخرا، أنا واحدة من الناس لم أعلم بوجود مسألة أو قضية التحرش الجنسي بالأطفال إلا بعد دخولي الجامعة أو ربما بعد أن أنهيت دراستي الجامعية، لأننا نتحدث هنا عن إساءة للأطفال!

وهذا ما يجعل الموضوع موضوعا مؤلما ومشينا وجارحا ومهينا ومستفزا!

لأننا عندما نتحدث عن الأطفال نحن نتحدث عن البراءة والطهارة، في نفس الوقت نحن نتحدث عن الوطن والمستقبل والأمة، ونحن نتحدث كذلك عن قضية لها آثارا نفسية سلبية تدوم مع الإنسان وتدمره، ذلك أن التحرش الجنسي بالأطفال يترك آثارا سيكولوجية نفسية لا يمكن علاجها تماما، ولا يمكن لضحاياها الشفاء أو التخلص نهائيا من آثارها، ويعتمد عمق الجرح النفسي وخطورته على العمر الذي يتعرض فيه الطفل للتحرش، ونوعية وكمية هذا التحرش (شدته وتكراره)، والشخص الذي مارس هذا التحرش ومدى قربه من الضحية، لتصبح تلك التجربة المريرة جزءا من الذاكرة ومن اللاشعور ومن البنى المعرفية المترسبة لدى الضحية، بل وتتحول مع الزمن إلى محرك وموجه وضابط لكثير من سلوكات الضحية، بشكل تتحول معه الضحية إلى أسير لتلك اللحظات المؤلمة طوال حياتها.

ومن هنا فلابد من الإشارة إلى ثلاث نقاط مهمة في هذا الموضوع:

أولا: ضرورة فتح قنوات واسعة وممتدة من التواصل بين الأهل والأبناء، قنوات مشبعة بالثقة والصدق والصداقة والتفاهم والحب والحنان، بحيث يجد الطفل ملجأ آمنا وحضنا دافئا عندما يحتاج إلى البوح بما يحدث له، والتصريح بما يجابهه من مشكلات، ولابد من وجود علاقة قوية ومتينة بين الأهل والأبناء، مطبوعة بالحماية والملاحظة المستمرة للأبناء وأحوالهم، وتصرفاتهم وعاداتهم وسلوكاتهم وانفعالاتهم وأقوالهم، وما ينتابهم من شرود وتغير في المزاج وعصبية وخروج من المنزل بشكل متكرر، وعزلة وحزن وكآبة وامتناع عن تناول الطعام، وإفراط في النوم أو أرق مزمن، وعزوف عن اللعب أو المشاركة الاجتماعية، فكل ما يقوم به أطفالنا وكل ما يتفوّه به أطفالنا هو رسائل موجهة لنا، علينا قراءتها بفهم وحكمة واستيعاب محتواها ومغزاها.

ثانيا: ضرورة الانفتاح حول التوعية تجاه هذه القضية، من قبل الأهل والمؤسسات التعليمية والإعلام ومراكز الطفولة، ومؤسسات المجتمع المدني وأجهزة الدولة من وزارة تنمية اجتماعية ووزارة تربية وتعليم، بشكل منهجي ومدروس ومخطط له، وأعتقد أنه لم يعد مقبولا لدينا أن نستمر في التكتم حول هذا الموضوع بحجة أننا مجتمع محافظ، والدليل على ذلك أننا نواجه أكثر من 700 حالة سنويا من تحرش جنسي وهتك عرض واعتداءات جنسية، ناهيك عن القضايا والجرائم التي تحدث في الخفاء ومن وراء الكواليس وفي الغرف المظلمة الملقاة خلف أكوام الصمت.

ثالثا وأخيرا: أنا أعتقد بوجود خلل كبير في القانون الأردني حيال هذه القضايا، وهذا الخلل يكمن في الجانب التشريعي والجانب التطبيقي التنفيذي، من الناحية القانونية لابد من إلغاء ما يسمى بالحق الشخصي في قضايا الأطفال، خاصة عندما يكون الجاني والمجني عليه من أسرة واحدة، فمن قال أن الحق الشخصي للطفل هو الحق الشخصي للأب أو العم؟ ومن قال أن حق الطفل في طفولة آمنة ومستقرة وهادئة هو حق إنسان آخر؟

أما من الناحية التطبيقية فلابد من وجود محاكم تتعامل مع القضايا التي تتسم بطابع اجتماعي، أو القضايا المتعلقة بالطفولة بشكل خاص ومختلف وفاعل، وبشكل يراعي خصوصية تكوين الطفل من الناحية النفسية، ويناسب ظروف أهل الطفل وأسرته من الناحية الاجتماعية، وأنا أعترف أننا ما زلنا في الأردن قاصرين عن التعامل مع هذه القضايا بفاعلية تناسب حساسية موقف الضحايا.

وأختم حديثي بقصتين قصيرتين توضحان أهمية التواصل ما بين الأهل والأبناء في الكشف عن مثل هذه القضايا، وفي ذات الوقت تكشفان عن عجز القانون الأردني الحالي بصيغته التشريعية والتنفيذية الحالية في حل هذه القضايا بصورة ناجعة:

1- قصة فتاة في السادسة من عمرها، تعرضت للتحرش الجنسي من قبل جار لهم، أثناء لعبها مع أبناء ذلك الجار خلال غياب والدها ووالدتها في العمل، ومن خلال ملاحظة الوالدة لتغير واضح في مزاج ابنتها وتصرفاتها وعاداتها، اكتشفت الأم ما يجري لابنتها على لسان الطفلة، فرفعت الأسرة قضية على الجار، ومع تكرار ذهابهم إلى المحكمة، وتغيّبهم عن أعمالهم وكذلك تغيّب الطفلة عن مدرستها، فضلت الأسرة التنازل عن القضية والانتقال من المنزل، وما زال الجار الشاذ المذنب يقيم بين ظهرانينا، ليكون جار لأي منا في أي يوم من الأيام.

2- قبل حوالي عامين نشرت جريدة العرب اليوم قصة اغتصاب طفلة في الرابعة من عمرها، وبعد أن حكمت المحكمة على الجاني بالسجن لمدة تسع سنوات وأربعة أشهر، خففت العقوبة إلى أربعة سنوات وثمانية أشهر، لأن الوالد قد تنازل عن حقه الشخصي، وكأن تلك الطفولة التي انتهكت، وذلك المستقبل الذي تم تدميره، وتلك العذرية التي استبيحت، من حق الوالد ليتنازل عنهم!

إن أول مراحل التفكير المنطقي ومنهج البحث العلمي حسب جون ديوي هو الشعور بالمشكلة وتحديدها بدقة، من خلال المقدمات والملاحظات التي يقع عليها حس الفرد وأفكاره، ليصل من خلالها إلى النتائج، وأعتقد أننا نواجه هنا مشكلة بيّنة وخطيرة، وبالتالي فأنا أناشد جميع الجهات المسؤولة عن الطفولة وحقوق الأطفال، للعمل على تطوير القوانين التي من شأنها أن تردع كل من تسول له نفسه لممارسة مثل هذه الانتهاكات بحق أطفالنا.

فنحن كمهنيين وكمتعلمين وكمثقفين وكمواطنين وكمسؤولين مطالبون بالعمل على صلاح وإصلاح مجتمعاتنا.

فالله سبحانه وتعالى يقول في الذكر الحكيم:

"وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ".

صدق الله العظيم





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع