الكاتب: محمد حسين فريحات - غزة وشعبها لا زالت تواجهه أبشع حرب على مر التاريخ منذ ما يزيد عن واحد عشرين شهرا متتاليةً أُستهدفت كل أُسس الحياة لم يبقى إنسان، ولا شجر، ولا حجر في القطاع الا طالته يد الحقد الصهيوني النازي، والذي لا يرقب في أهل غزة إلا ولا ذمةً، ولم يراعي حرمةً، ولم يربطه عهداً، ولم يراعي أي قاعدةٍ من القواعد الاخلاقية الانسانية، لتحقيق يهودية الدولة أحد أهدافه الإستراتيجية، وتجاوز لعنة العقد الثامن التي تلاحق هذا الكيان وقادته.
اليوم ورغم إستمرار حرب التجويع الممنهجة، وانتهاكات الكيان الإسرائيلي المارق وجرائمه، إستخدامت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض(الفيتو) على قرارٍ، لوقفٍ دائمٍ وغير مشروط لاطلاق النار في الحرب على قطاع غزة، رغم الأغلبية الساحقة من الجمعية العامة للامم المتحدة، والتي وافقت على القرار بالجلسة المنعقدة يوم الجمعة الموافق: ١٢/يونيو/٢٠٢٥، ومع الاسف يستمر صلف الاحتلال المجرم على لسان سفير الكيان لدى الامم المتحدة "داني دانون" حيث إعترض على القرار أنف الذكر وقال: "لعدم إدانته حماس، ولعدم تضمينه أي مطلب ملزم بالإفراج عن الرهائن". وتابع وقال: "هذا القرار المشين هو محاولة للتخلي عن الرهائن ومكافأة الإرهاب".
وجاء جُل الموقف العربي والإسلامي، على الرغم من العلاقات التطبيعية مع الاحتلال، صامتاً ومتخاذلا ومتواطئاً معه، في حين ان بعض المواقف العربية تتسم بشئ من التصعيد والغضب، الا ان عدم إكتراث وأستجابة الكيان الإسرائيلي له، يسبب حرجا لحلفائهم التي تربطهم اتفاقيات ومعاهدات أمام شعوبهم، وهذا يؤكد أن ما يقومونه مجرد لغو كلام.
لم يكن دور الشعوب العربية يرقى للجرائم المروعة والتجويع والتهجير والإبادة الجماعية، والذي إتسم بالخنوع والتقاعس، وإن كان للنظام القمعي الدور بتكريس هذه الحالة من العجز، والاعتداء على الحريات، وقمع الحراك الشعبي السلمي، إلا أنه ليس حجة للاستمرار بالتقاعس عن الحراك المندد بجرائم الاحتلال.
المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والانسانية، والمحاكم الدولية، ومجلس الامن على رأسها، والذي أُسس لهدفٍ إستراتيجي هو السلام والامن الدوليين، فشلوا فشلا ضريعاً أمام دولة الكيان الإسرائيلي، ولم يستطيعوا ادخال كأس من الماء أو عبوة من الحليب لاطفال غزة، علاوة على فخاخ المساعدات التي أودت بحياة المئات من سُكان القطاع المنكوب.
والنظام العربي المتواطئ لا يختلف عن مؤسسات المجتمع الدولي في الفشل لا بل لم يستطع إستخدم أوراق الضغط التي يملكها ليؤثرَ على الإحتلال، ومع الأسف إن هذا الكيان لم يحترم الإتفاقيات والمعاهدات التطبيعية مع النظام العربي، لا بل وانتهكها بصلف وبشكل علني.
وعتداء الكيان على إيران بضوء أخضر وعلني من أمريكا يأتي ضمن سياق السيطرة على الشرق الاوسط بذارع صهيوني، وتقديم كافة المساعدات العسكرية، واللوجستية للقضاء على البرنامج النووي الإيراني السلمي بحسب النظام الإيراني، ويعتبر اعتداء سفرا على سيادة دولة مستقلة، وحرمانها من إمتلاك تقنية نووية سلمية تخدم الدولة.
لكن جاء الرد الإيراني مدويا بهجمات
صاروخية، دعمت معنويات الغزيون والشارع العربي والإسلامي أوجعت الاحتلال.. الذي لم يكن ليتوقعها...، وتسببت بدمار كبير في مختلف القطاعات، والمواقع الإسرائيلية المحتلة، وخصوصا في تل أبيب وحيفا وغيرها من المواقع، والتي أدت إلى خسائر كبيرة من النواحي البشرية والاقتصادية والاجتماعية من تعطيل للطيران، والتعليم والتجارة والصناعة، مع وجود ما يشير إلى تفكك الجبهة الداخلية، وأرباك جيش الاحتلال، وبحسب إعلام الاحتلال، والذي أشار إلى الدمار في الجبهة الداخلية غير مسبوق، ولم يتعرض له الكيان منذ أُنشئ (١٩٤٨م)، والهجمات الصاروخية الايرانية مستمرة ولا زالت.
والمتابع للحرب على القطاع يتسأل؛
- ما السبب الحقيقي وراء صمت وتخاذل النظام العربي؟
- الى متى السكوت عن جريمة التجويع والابادة الجماعية الممنهجة؟
- ألم يكتفي الكيان بقتل (55800) ألف شهيد معظمهم من الاطفال والنساء، وما يزيد عن (130000) ألف جريح، والاف المفقودين؟
-لماذا لم يتحرك الضمير العالمي بما يليق لوقف الجرائم المروعة؟
- ماذا عن الضمير العربي؟
يسعى الكيان الى تصفية القضية الفلسطينية، والاسرع في عمليات الإبادة الجماعية والتجويع لاجبار الغزيين على مغادرة القطاع والضفة الغربية قسرا على حساب الاردن ومصر، ومع الاسف هذا المشروع لو لا تشبث الفلسطنيين والغزيون بأراضهم لنجح هذا المشروع الصهيوامريكي، ونوايا الاحتلال الإسرائيلي واضحة، وتم التصريح بها من خلال اليمين الإسرائيلي الحاكم، لذا على النخب وأصحاب القرار في البلدين التصدي لهذا المشروع بكل ما أوتوا من قوة، والا التبعيات اللاحقة لا سمح الله كبيرة ومؤثرة.
لا يُهزم المشروع الصهيوامريكي إلا بإيجاد مشروع واضح للعالم العربي والإسلامي له أهدافه الإستراتيجية الواضحة - يسعى الكل العربي بالدفاع عنه، لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية وإستراتيجية عميقة تؤدي الى استقلالية الشخصية العربية والإسلامية، ومن خلاله يتم التفاوض - الند للند للوصول إلى المصالح العربية والإسلامية المختلفة.
ومن العار أن يستمر صمت الضمير الانساني العالمي عن جرائم التطهير العرقي، والتهجير، والابادة الجماعية، والتجويع الممنهج.