️ بقلم: المحامي محمد عيد الزعبي

يا أمةً لو درتْ ما حلَّ في جسدٍ
لباتتِ الأرضُ من آلامِها باكية
تشكو الجراحَ، وليلَ الذلّ يخنقُها
كأنها طفلةٌ في القيدِ باهية

غزّةُ تنادي، فلا خيلٌ ولا مددُ
والعُرْبُ صمٌّ، كأنّ القلبَ ما شَهِدُوا
باعوا القضيةَ في سوقِ النفاقِ، فماتتِ
والقدسُ تُنكحُ، لا حيٌّ ولا أحدُ

الجبنُ فيهم كأنّ العارَ يُرضِعُهم
خانوا العهودَ، وسيفُ العزّ قد فَقَدُوا
سجدوا لعرشِ الهوانِ طوعَ أنفسِهم
كأنما ماتتِ الأنفاسُ والسُّجُدُ

وما بقى غيرُ صوتِ الأرضِ يلعنهم
ويستغيثُ بصبحٍ لا يُقيدُه أحدُ
ولا تكونوا كقائل: "أنجو سعدٌ، فقد
هلكَ سعيدٌ" فذاك القولُ ما اعتمدوا

فليس في الجبنِ إلا الذلُّ يتبعُه
ويقتلُ الروحَ إن جارَتْهُ مُعتَقَدُ
بيعُ الأوطانِ ذلٌّ لا يُغسّلُه
نهرٌ، ولا تُطهّرُه الدماءُ إذا امتدّوا

أنفةُ الشعوبِ نارٌ لا تطفئها
ريحُ الخيانةِ، أو كفُّ الذي ارتعدوا
نحن الشعوبُ وإن طالَ السُّباتُ بنا
في الصدرِ بركانُ ثأرٍ لو أرادَ اشتدّوا

قوموا، فإنّ الصبرَ إن طالَ انفجرْ
وإن دعونا، فدعواتُ الكرامِ قدرْ
لا خيرَ في أمةٍ قد خافتْ عدوَّها
وصافحتْ سيفَهُ، والقدسُ تُستعرُ

هل تنفعُ الكلماتُ إن خانتْ عزائمُنا؟
وهل تُعيدُ القصائدُ ما بهِ القمرُ؟
بل إنّما الفجرُ يولدُ من حناجرِنا
إذا ارتفعنا على الدنيا، وما غُرِروا

غزةُ تكتبُ تاريخَ البطولةِ وحدَها
بالحجرِ، والدمعِ، والطفلِ الذي صبرُوا
فهل نكونُ رفاقَ الحقِّ في عزمٍ؟
أم نرتضي الذلَّ والأقفالَ تُنْكَسرُ؟

إنا إذا خذلَ الحكامُ نخوتَنا
فالشعبُ في الصدرِ لا يُخزى ولا يُقهرُ
من كل بيتٍ ستنبُتُ نارُ ثورتنا
وفي الجراحِ، وميضُ النصرِ يُنتَظرُ

لا تسكنوا بينَ الأطلالِ باكينَ الماضي
فمن بكى لم يُعِدْ مجدًا، ولا بنى معراجَهُ العالي
أنظروا لغزّة، كيف في موتِها حياةٌ
وكيفَ من الرمادِ تُنبتُ المجدَ، وتعلو من الزّلالِ

يا من ظننتم أن الحقَّ يُؤخذُ بالرجاءِ
بل بالدمِ، بالثباتِ، بصوتِ لا يعرفُ الانحناءَ
قد كان داوودُ غلامًا حين هزمَ جُلياتَهم
وما السلاحُ إلا إرادةُ اللهِ إذا شاءَ

فاخلعوا عنكم رداءَ الخوفِ والفتنِ
وامشوا على دربِ الشهداءِ والمحنِ
وارفعوا رؤوسكم، فالعزُّ لا يُمنحُ
بل يُنتزعُ من أنيابِ السلاسلِ والفتنِ

علموا أبناءَكم أن القدسَ عرضٌ وأمانةٌ
وأن فلسطينَ ليست خبرًا عابرًا في نشرةٍ باهِتةِ
بل جرحُها قرآنُنا، وآذانُها نداءُ قيامتِنا
وفي صخرِها نكتبُ تاريخَ قيامتِنا الآتيةِ

ولا تنسَ يا ابنَ العربِ، أنّكَ مسؤولٌ
يوم تقفُ بين يدي اللهِ، عن تلكَ الدماءِ
فإما تقولُ: نصرتُ، جاهدتُ، ووقفتُ
أو تَخْشَى، وتبكي حين يُرفعُ الغطاءُ

فاصبروا، يا أهلَ العزمِ والإيمانِ،
فإنّ وعدَ اللهِ حقٌّ، لا يزولُ ولا يَهونُ
وإن تأخّرَ النصرُ، فهو آتٍ يقينًا
كما جاءتْ نُصرةُ بدرٍ، حين ضاقتِ السُّبُلُ

﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾ وعدٌ جليلٌ
فيه الحياةُ، وفيهُ للعزةِ السُّبُلُ
فكونوا جنودَ الحقِّ، لا تُرهِبْكم قوى
فاللهُ أكبرُ من الطغيانِ إن طغوا وجُلُّوا

يا أمةَ الإسلامِ، عودي، فالمجدُ يناديكِ
وإن تعثّرتِ، فربُّ العرشِ لا يخذلكِ
ارفعي رايةَ الحقِّ في وجهِ كلِّ باطلٍ
وانصري من في الأرضِ يَستغيثُ بكِ