حين نتحدث عن الأردن، فإننا لا نستحضر جغرافيا محدودة أو حدودًا سياسية مرسومة، بل نُعيد فتح سجلّ حضاري عميق، كانت فيه العشائر الأردنية الركيزة الأخلاقية والإنسانية والأمنية التي صنعت استقرار الإقليم، وأدارت مفاصله الحساسة بوعي استثنائي ، نتحدث عن العشائر الأردنية التي كانت تشكل جهاز أمن مجتمعي مبكر ، نعم ، فمنذ فجر التاريخ، شكّلت العشائر في الأردن البنية الأولى لنظام أمني طبيعي، نشأ من الحاجة إلى حماية الأرض والعِرض، وتطوّر إلى منظومة ضابطة للسلوك العام، تحفظ الحقوق، وتحكم النزاعات، وتحقق توازنًا دقيقًا بين الفرد والمجتمع ، ولم تكن العشيرة مجرد وحدة اجتماعية، بل تحوّلت إلى جهاز أمن مجتمعي فاعل، استمد شرعيته من القيم، لا من السلاح، ومن الحكمة، لا من القمع ، فضلاً عن أنها كانت بمثابة الإدارة المالية والعسكرية للإمبراطوريات عبر العصور ، ففي محطات مفصلية من التاريخ، لم تكن العشائر الأردنية أداة أمن داخلي فقط، بل شريكًا في إدارة عسكرية ومالية للإمبراطوريات الكبرى ، من النبطيين إلى الرومان، ومن البيزنطيين إلى الأمويين والعباسيين، وكانت القوى الكبرى تعتمد على الأردنيين في تأمين الطرق، وحماية القوافل، وجمع الضرائب، وتنظيم شؤون الجند ، نتحدث عن حقائق تاريخية لا ينكرها ألا جاهل في التاريخ ، أو كاذب مفتري أفاك ، نعم ، لقد وثقوا بإنسان هذه الأرض، لا لأنه تابع، بل لأنه متفوّق في حسه الأخلاقي، صادق في ولائه، عميق في فهمه للعدالة والأمان ، سيما بعد أن تمظهر الوعي الإنساني في السلوك الأردني فغدا وبدون مبالغة كمرجعية حضارية ، وإلا كيف نعلن اليوم بكافة محافلنا ومجامعنا الإنسانية على المستوى العالمي ، ونقول : " الأردن ' ( المجمع الإنساني الأعظم على المستوى العالمي ) ، لأننا نعي ما يميّز العشائر الأردنية ليس فقط قوتها، بل في الوعي الإنساني الذي رافق حضورها التاريخي ،العشائر التي لم تُعرف بوحشية ولا بغلبة عمياء، بل بإعلاء قيم الشرف، والنجدة، والضيافة، والتكافل، وهي قيم تحوّلت عبر الزمن إلى قانون أخلاقي غير مكتوب، شكّل البنية التحتية للدولة الأردنية الحديثة قبل أن تُصاغ قوانينها ودستورها الراقي ، لهذا ما يجب أن يتنبه له الجميع وبخاصة الإعلاميين والصحفيين والمثقفين عموماً أن :
العشيرة الأردنية اليوم: هي الامتداد لا الجمود ، سيما وأنه
رغم التحولات المعاصرة، فإن العشيرة لم تتكلس في الماضي، بل تطوّرت باتجاهات جديدة، مندمجة في الدولة دون أن تتخلى عن دورها كوسيط اجتماعي، وفاعل في الاستقرار، ومصدر للثقة المجتمعية ، ومع تحديات الأمن الإقليمي، والإرهاب، وتفكك الهويات، برزت العشائر الأردنية كصمام أمان وطني، تحفظ الداخل، وتقرأ المتغيرات بعين حذرة وروح مسؤولة ، نتحدث عن الأردن ياسادة: منطق الرسالة لا المصلحة ، رسالة " الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي " في ظل ما يشهده العالم من انهيارات أخلاقية وسقوط للأنظمة القيمية، يظل الأردن – بتكوينه العشائري الإنساني – نموذجًا لحكمة الشرق ، لا يلفظ منه إلا الخائن، ولا يبتعد عنه إلا من تنكر لهويته ، فالأردن ليس مجرد دولة، بل مجمع إنساني أعظم رسالي، يحمل وعيًا حضاريًا جمع بين الأمن والرحمة، بين القوة والعدالة، بين الحزم والحكمة.
إنه المؤهَّل دون غيره لدور كوني ، فاليوم، ومع اتساع الفراغات الجيوسياسية، فإن الأردن – بعشائره، وتاريخه، وقيمه – لا يزال مؤهلاً لحمل دور يتجاوز حدوده، في هندسة استقرار جديد في المنطقة والعالم ، ذلك لأن الرسالة التي بدأت من جباله وسهوله، ما زالت تنبض في ضمير الأمة، وتدعونا للإيمان أن من ترسّخ في الأرض بالإنسانية، لن يسقط مهما تغيّرت العواصف ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .