غزة تحترق، فلم يعد بها ما هو معرّض للهدم كونها دمرت بالكامل، ليبقى دخان حرائق قذائف وصواريخ الاحتلال الإسرائيلي هو الحاضر في مشهد الكوارث على أهلنا في غزة، حرائق بكل مكان، وقطع من أجساد أطفال ونساء وسكان هذه المدينة التي تجاوزت في وصفها صفة «المنكوبة»، فلم يعد غريبا على أهل غزة أن يجدوا يدا أو قدما أو رأسا وهم يهربون من مكان لآخر، ما يفرض سؤالا في أذهان الغزيين وفي أذهاننا، نحن من نحبّ غزة، هذه الحرب إلى متى؟!!!!
سؤال يطرحه الغزيون يوميا، حرب غزة إلى متى؟ ماذا تنتظر إسرائيل أن يحدث حتى توقف الحرب؟ وماذا بقي في أوراق مخططاتها من كوارث أخرى لغزة؟ للأسف ما يحدث على أرض غزة، لم تعد العقول تستوعبه، ولا القلوب تتحمله، ولا العين تصدقه، ما يحدث تجاوز كل ما عرفته البشرية من جرائم إبادة وحرب، والأمر يزداد تعقيدا.. كوارث وإبادة ومجاعة، وعطش، وحرّ أو برد لا يحتمل، ما يحدث في غزة بات صعبا على البشرية استيعابه، وعلى الإنسانية تصديقه، فالمجازر مستمرة والعنف لم يتوقف، ليعود ذات السؤال فارضا نفسه «إلى متى؟»!!!
وزارة الصحة في قطاع غزة أفادت أمس بأنه وصل مستشفيات القطاع 51 شهيدا، 11 شهيدا منهم تم انتشالهم من تحت الأنقاض، و115 إصابة، وذلك خلال الـ 24 الساعة الماضية، مؤكدة ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52 ألفا و243 شهيدا، و117 ألفا و639 إصابة منذ السابع من تشرين الأول لعام 2023، مشيرة إلى أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار الماضي، أي بعد استئناف إسرائيل حربها على غزة، بلغت 2151 شهيدا، و5598 إصابة. هذه الأرقام ربما كانت في الحروب، إذا كانت الحرب على دول كبيرة، وخلال سنوات طوال، لكن أن تسجل غزة هذه الأرقام وهي بقعة جغرافية صغيرة، وخلال عام ونيف، فهذا أمر يكشف لنا حجم الكارثة التي يعيشها الأهل في غزة.
يجب أن تتوقف الحرب على غزة، أوقفوا الحرب، هذا هو المطلوب والأولوية خلال المرحلة الحالية، فمن يعيش نتائج هذه المجازر هم الأهل في غزة، ومن يمرون في مرار الحرب وتهديداتها التي لا تتوقف، ومن يفقدون أرواحهم، أو أعدادا من أفراد أسرهم هم الأهل في غزة، ما يحتاج وقف الحرب، لا يوجد ما هو أهم من ذلك، ولا أولوية دون ذلك، فأن يستيقظ أطفال غزة ويجدون بجوارهم أجزاء من جسد صديق أو أحد أفراد الأسرة، لا أظن أن لدى أحد ترف التفكير أو منح هذه الحرب مزيدا من الوقت.
أيام أهل غزة باتت متشابهة في مجازر تتكرر، وكوارث لا تتوقف، وجوع وعطش وآلام دون علاج، وتوقف كافة مقومات الحياة الطبيعية، يضاف لكل ذلك خوف وقلق متجدد، ليردد أهالي قطاع غزة اليوم وكل يوم هكذا، واصفين حجم الكوارث التي تمر بهم، وضاقت دائرة أحلامهم لتتوقف عند رغيف الخبز، وشربة ماء، ومكان آمن ينامون به، ويزداد الخوف في الليل، الذي يعيشون ظلامه منذ أكثر من عام وانفجارات لا تتوقف، وأصواتهم تزداد كل لحظة بصراخات لا تتوقف أن يا وجعا لا يتوقف، ويا قهرا وظلما يزداد، ماضون في حياة بها كل شيء إلاّ الحياة!!!
يجب أن تتوقف الحرب على غزة، حقيقة واحدة لا يجب أن تخضع لأي جدليات، فما يحدث يحتاج آلاف السنين حتى يتم تجاوزه، وحتى لا تبقى أعداد شهداء غزة في تزايد لا يتوقف منذ أكثر من عام، الإجابة على تساؤل إلى متى الحرب على غزة، هي الحل لما يعانيه الأهل في غزة ويواجهون، أمّا بقاء الحال على ما هو عليه فهو جريمة بحق هذا الشعب الذي يواجه ما لم تواجهه البشرية من كوارث.