زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين- تشهد الساحة السياسية الأردنية تطورات متسارعة بشأن نتائج وتداعيات ملف الاعتقالات الذي شمل 16 معتقلاً أغلبهم ينتمون إلى قواعد جماعة الإخوان المسلمين، والأبرز منهم أحد القياديين في فرع محلي لجبهة العمل الإسلامي.
يبدو أن الفرصة متاحة سياسياً لعدة خيارات بعد إكمال التحقيقات في قضية «الـ 16» الذين اتهموا بوضع مخططات لتصنيع أسلحة داخل الأردن والمساس بالأمن الوطني، خصوصاً في الجزء المتعلق بانعكاس الكشف عن خيوط وتفاصيل هذه القضية على الوجود القانوني، أو ما تبقى منه لجماعة الإخوان المسلمين، لا بل السياق القانوني لحزب جبهة العمل الإسلامي ذاته أكبر أحزاب المعارضة وصاحب كتلة الأغلبية في البرلمان.
وصف الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء الوزير محمد المومني، الثلاثاء، عناصر تلك الخلية بالتحضير لأعمال إرهابية، وصرح بأنهم جميعاً ينتمون إلى ما وصفه بـ «جماعة غير مرخصة»، وهو التعبير الذي تستخدمه السلطات عادة لوصف جماعة الإخوان المسلمين، الذي قررت محكمة قبل سنوات حلها لكن الحكومة تجاهلت التنفيذ.
وتجري مشاورات أمنية وسياسية وقانونية مكثفة الآن لترسيم وتحديد الشكل الذي ستقرر عبره الدولة والمؤسسات الرسمية التعامل مع نتائج ما كشفته من «مؤامرة» إدارة المخابرات العامة علناً بعد عملية استخبارية قالت إنها تراقبها منذ عام 2021.
عقدت اللجنة المختصة بمراقبة شرعية الأحزاب وسجلها في الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات، اجتماعات طارئة على مدار يومين لتقييم الموقف القانوني للهيئة من حزب جبهة العمل الإسلامي إذا ما ثبت تورط أعضاء في شبكة تصنيع الأسلحة داخل الأردن.
اجتماعات لجنة الأحزاب توحي ضمناً ببحث سيناريو يتضمن إعلان عدم شرعية استمرار الحزب الأكبر في البلاد بوضعه الحالي؛ لأن نصوص قانون الأحزاب واضحة وتعطي السلطات الإدارية الحق في إخراج أي حزب من السجل قانونياً إذا ما تورط بأعمال إرهابية. يعني ذلك أن ما اتجهت إليه الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات هو إعادة فك وتركيب الوضع داخل مجلس النواب الذي يواجه احتمالات، من بينها حل المجلس والاستعداد لانتخابات جديدة أو إعلان عدم شرعية 17 نائباً على الأقل فازوا ضمن مقاعد القوائم العامة عن حزب جبهة العمل الإسلامي.
عملية إخراج حزب جبهة العمل الإسلامي من السجلات، قد تنتهي بمغادرة 17 نائباً من القائمة الإسلامية على أن تتوزع مقاعدهم، وفقاً للأصول القانونية، على الأحزاب الأخرى.
واعتبر قيادي بارز في التيار الإسلامي تحدث لـ «القدس العربي» بدون ذكر اسمه، أن القرار الأصعب ليس حلاً لجماعة هي أصلاً منحلة بقرار محكمة، ولكن حل حزب مستقر وكبير مثل جبهة العمل الإسلامي.
تدرس السلطات والحكومة بعد اجتماعين مكثفين خلال أربعة أيام على المستوى السيادي العميق، الخيارات المتاحة والنتائج والإعلان الأمني عن مخططات التخريب بالداخل، كما وصفت خطوة مدروسة ومحكمة لن تتخذ على الأرجح إلا بعد وضوح الرؤية شاملة قضائياً لاحتواء النتائج التي لا يمكن في كل حال التنبؤ ببعضها الآن.
جماعة الإخوان المسلمين التي تتهمها أشرطة فيديو وتصريحات أمنية واعترافات بالتورط في أعمال إرهابية، أصدرت بياناً مقتضباً مساء الثلاثاء اعتبرت فيه أن العملية الأمنية شملت أفراداً دافعهم دعم مقاومة الشعب الفلسطيني، وتصرفاتهم فردية، ولم تنسق مع قيادة الجماعة.
دون ذلك، لم يحدد بيان جماعة الإخوان كيفية تصورها إزاء الوقائع التي صدمت الرأي العام وتضمنت اعترافات نادرة بتلقي تدريبات خارجية وبتأسيس ورشة تصنيع أسلحة، من بينها صواريخ ومسيرات، في عملية تعتبر أمنياً سابقة كبيرة، وتمثل -برأي الخبير العسكري اللواء محمد الصمادي- ليس خلية فقط بل شبكة أكبر وفصائل متشددة بالحد الأدنى داخل الإخوان المسلمين.
السيناريوهات المطروحة على الطاولة الآن كثيفة وكبيرة، ومروحتها تبدأ بالرد على محاولة المساس بالأمن الداخلي بعملية قانونية تمس بشرعية المؤسسات في الحركة الإسلامية الأردنية.
وتلك المروحة تبدأ من أفكار بعنوان حل البرلمان، وتعبر لإعادة فكه وتركيبه لتقليص حضور نواب جبهة العمل الإسلامي، وقد تنتهي بإعلان حل الأطر المؤسسية في جماعة الإخوان وحزب جبهة العمل الإسلامي على السواء.
وهي خيارات قد تؤدي إذا ما ذهبت الحكومة إليها، إلى إعادة إنتاج وقائع موضوعية على الأرض، وطرح أسئلة لا بد من تأمل إيجابياتها، وترسيم خيارات قد يكون لكل منها كلفته وفاتورته، خصوصاً في ظل القناعة الرسمية بأن تعبيرات الإسلام السياسي تحاول تأسيس حواضن اجتماعية عريضة لها في الأردن، ثم الانتقال إلى مستوى إدخال المملكة في الصراع المباشر مع إسرائيل، بما يتطلبه ويقتضيه ذلك من مجازفات ومغامرات غير محسوبة تمس الأمن الداخلي وتخلط الأوراق.
وهو الأمر الذي يجعل تصدي الأجهزة الأمنية عملية ليست مهنية ومحترفة فقط، لكنها سياسية بامتياز، وتعيد ترسيم الخارطة عموماً في المشهد الوطني.
«القدس العربي»