الطريق ..!
محمد ممدوح أبو دلهوم
سار ومشى بحثا عن أجوبة لكل حلم يراوده ولكل سؤال يتعقبه ولكل همٍّ وسؤوليةٍ تقع على عاتقه. لسان حاله يقول: ما هو موقع جملتي من إعراب الماضي؟ أين موقعي على لوح شطرنج الحاضر ؟ أين أنت يا مصباح علاء دين مستقبلي ؟ إن ذلك صعب إنه معقد ... من أنا؟؟ أكمل مسيره مطأطأً رأسه وكأن رأسه يعج بالأصوات ، بعضها حقيقية وبعضها قفزت من أحلامه لتراود واقعه. يسير ويسير في طريق أسودَ مظلم، كأنه ثعبانٌ يزحف إلى الأمام جاراً الطريق معه إلى ... إلى الما لا نهاية. استمر مهمومنا هذا في المشي ، وفجأة توقف وقال : ماذا لو ذهبت طالبا المساعدة؟
دائما ما يسمع بمقولة الصديق وقت الضيق! وبالفعل ذهب هذا الإنسان إلى صديق. تمعن الصديق بحاصبنا وعرف إنه يعاني من هموم ، فقال له لن أسألك ما بك ولكن يبدو عليك التعب. فتعال وهات يدك نمشي قليلا ونذهب إلى السوق عل هذا يخرجك مما أنت فيه. وبالفعل ارتاح صاحبنا هذا وفرح وعمت الفرحة والسرور. ولكن سرعان ما دمرت هذه الفرحة برصاصة الذاكرة. فقد تذكر همومه ومدى المشاكل التي يواجهها. فتذكر أن له أبا يعيله، وأنه من الممكن أن يخفف عليه ما هو فيه.
عاد صاحبنا المهموم إلى بيته، جلس بجانب والده قائلا: يا أبت إنني ببساطة لا أثق بنفسي. نظر والده إليه نظرة واحدة ثم ابتسم وخطب به جاهراً :
يا بني ما أنا بلقمان ، لكنني ببساطة إنسان ، وأب لي تجربة كبيرة في الحياة ، لا أريد منك النسيان ، وبالطبع لم يفت الأوان. يا بني ، تسألني من أنت، لن أقول لك من أنت لأنني لا أستطيع، أنت وحدك تعرف الجواب ، لكن سأقول لك ماذا تكون. كن شجاعا تحارب العلم بالقلم ، والكراهية بالإبتسامة ، والجهل بالقراءة ، والمعصية بالطاعة. هناك الكثير من الناس من يقول أن لا تتطبع وأن الطبع يغلب التطبع ، ولكن هل فكرت يوما بمعنى التطبع؟ التطبع يا بني هو رسم شخصية خيالية كمالية تحوي جميع الصفات الحسنة لما تراه أنت حسناً. فالأفضل أن أقول لك بأن تعرف ما هو ممتاز لكي تتطبع بذلك ، وهذا يعني أنك تحاول الوصول إلى الأفضل . كن الغائب الحاضر ولا تكون الحاضر الغائب. كن ممن يحب الناس مجالسته، وارسم ابتسامة إحترام للناس ، فالإبتسامة معدية لكنها شافية. هل هناك أعظم من أن تكون ذكراك عطرة وطيبة، هناك مثل من البادية يقول "غيب غيب وإن حضرت كون رجل طيب". فإنت إذا علمت مدى إحترام الناس لك عندها ستعلم من أنت ، فانس الماضي يا بني ، ومستقبلك هو نتاج حاضرك، فكيف تضمن غدا واعدا بساماً ... الجواب لك ، ولكن كبداية قم يا بني وصلِ المغرب ، فإن وقته قصير.فتوكل على الله واعلم أن الله مع الصابرين ، فلا تحزن ولا تيأس ، كل ما عليك فعله هو ان تعقل وتتوكل ، وتعمل أيضاً ، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، واعلم أيضا أنه مهما طال واسود الليل ، فإن الشمس ستشرق لا محالة من جديد وتأتي بالنور. لا أعرف ما إذا كنت قد جاوبت على سؤالك ، لأنني لا أستطيع أن أرى ما بفؤادك ، لكن هناك من يستطيع ذلك، وأنت تستطيع الوصول إليه ، كل ما عليك فعله هو الدعاء.