ألقى المؤرخ الدكتور بكر خازر المجالي، اليوم الأحد، في دائرة المكتبة الوطنية، محاضرة بعنوان "في ذكرى الكرامة"، تناول فيها أبرز مفاصل معركة الكرامة وبطولات القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي.

ولفت المجالي، في محاضرته التي تأتي بمناسبة الذكرى الـ 57 لمعركة الكرامة الخالدة، إلى أن مؤشرات بدايات المعركة ظهرت عشية انتهاء حرب حزيران عام 1967، إذ اعتقد الإسرائيليون أن الأردن سيكون جاهزًا لعقد اتفاقية سلام وفقًا لشروطهم، مشيرًا إلى سعي إسرائيل، منذ ذلك التاريخ، إلى إعلان القدس عاصمة لها.

وبيّن، في المحاضرة التي نظّمتها المكتبة الوطنية وأدارتها رئيسة قسم التدريب والتطوير فيها، الدكتورة هيجاء الشمايلة، أن معركة الكرامة سبقتها اعتداءات وقصف مدفعي، في 25 شباط من عام 1968، على 25 قرية في محافظة إربد، وكانت معركة شرسة آنذاك، تصدّت لها المدفعية الأردنية بقوة، وسُمّيت بـ "معركة الكرامة الصغرى".

وقال إن 23 وحدة عسكرية من القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، تصدّت للعدوان من فجر يوم 21 آذار 1968 حتى الخامسة والنصف مساءً، وإن جهاز الاستخبارات الأردني كان يتابع بدقة ويحلل المعلومات والمشاهدات بموضوعية، حتى تمكّن من تحديد ساعة الصفر للهجوم ومعرفة تفاصيل القوات المهاجمة.

وبين أن المساحة التي غطتها معركة الكرامة بلغت نحو 1350 كيلومترًا مربعًا، بطول نحو 100 كيلومتر وعمق معدّله نحو 30 كيلومترًا، وأن القوات الإسرائيلية المهاجمة تعادل في حجمها القوات التي شاركت بهجوم حرب حزيران عام 1967.

ولفت إلى أن القوات المسلحة الأردنية، بعد حرب حزيران، لم تتلقَّ طلقة واحدة من أي مصدر، لكن الجيش تمكّن من إعادة تنظيم وحداته وتوزيع ما توفر من ذخائر استعدادًا لأي عمل عسكري مقبل.

وبيّن أن المعركة كانت تعتمد على أسلوب المحاور، فكل لواء يدير معركته بنفسه، مشيدًا ببطولات الجنود الأردنيين، الذين أبدوا شجاعة فائقة وقدموا بطولات فردية لا مثيل لها، كما أشاد بدور ضباط ملاحظة المدفعية، الذين كان لهم دور بارز في ميدان المعركة.

واستعرض عددًا من الدراسات الأجنبية حول معركة الكرامة، إلى جانب مجموعة من الصور التي توثّق أحداث المعركة وبطولاتها.

وأكد أن من أبرز الدروس المستفادة من معركة الكرامة هو التلاحم الوطني بين جميع مكونات وفئات الشعب الأردني وتضحياتهم.

من جهته، قال مدير عام المكتبة الوطنية، الدكتور نضال العياصرة، إن معركة الكرامة كانت أكثر من مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت رمزًا للعزة والصمود، ورسالة واضحة بأن الإرادة القوية قادرة على صنع النصر مهما كانت التحديات.

وأضاف: "إذ نستذكر هذه الملحمة الخالدة، فإننا نجدد العهد على أن نبقى أوفياء لتضحيات أولئك الأبطال، ونستمد من روحهم القوة والإصرار لبناء مستقبل أكثر إشراقًا لوطننا الغالي".

وفي ختام المحاضرة، سلّم الدكتور العياصرة المؤرخ الدكتور المجالي درع اليوبيل الذهبي للمكتبة الوطنية، تكريمًا لجهوده الوطنية التوثيقية والبحثية، وتلا ذلك افتتاح معرض صور "معركة الكرامة" في بهو المكتبة.