منذ بدايات العام الحالي 2011 تصاعدت وتيرة الأحتجاجات و المطالبات الشعبية بكشف قضايا فساد بالمال العام و تعديا على دستور البلد , حتى أصبح الكلام بين المواطنين في هذا الشأن يشكل هاجسا ً و تخوفا ً على مستقبلهم و مستقبل أبنائهم , لأن الفساد طغيان على حقوق الشعب و مص لدمائهم لحساب أناس ٍ لا يخافون الله و لا يعرفانه ُ . حتى ظهر للقاصي و الداني قضايا فساد لم يكن بالحسبان للمواطن البسيط التجلي لمعرفتها , وعليه ِ إستمر الحراك في الشارع الأردني من شماله ِ حتى جنوبه ِ للمطالبة ِ بالقضاء على الفساد بدسترة قوانين تكفل ذلك و تحويل الفاسدين للقضاء لمحاسبتهم و إسترداد المال العام لأهله ِ مرورا بقضية ِ الكازينو ًو الأتصالات و الفوسفات انتهاء ً حتى بالخط السريع الذي أدى الى بطء حركة المرور في قلب عاصمة القلوب عمان .
و هناك أسئلة تدور في ذهن المواطن الأردني :
هل تحويل رؤساء حكومات سابقين للقضاء أمر ينطوي عليه عدالة حقيقية ؟؟ أم أنه ُ لكسب الوقت و تذويب هذه القضايا ؟؟ و هل هو رسالة يكون فحواها كل من أفسد سيواجه القضاء لا محالة ؟؟
المواطن يحدوه ُ الأمل في تحقيق العدالة و إستعادة ممتلكاته ِ العامة و سيكون سعيد في إحقاق الحق و إبطال الباطل .
لكن المؤلم أنه لا توجد سلسلة إجراءات مُشَرَّعة و مُدَسترة و مُقننة بحيث تجعل من الفساد جريمة ًيسهل إحاطتها قبل ولوجها أو إثنائه أو حتى بعده .
فإيجاد مجلس نواب حقيقي يتم إنتخابه ُ بطريقة مقننة ٍ تُشرِف عليها لجنة مستقلة مرتبطة بالسلطة ِ القضائية و بنظام انتخاب ديموقراطي يظمن تمثيل المجتمع الأردني بشكل عادل إضافة الى تشكيل حكومة حسب الأغلبية , بحيث تكون هذه الحكومة قد انطلقت من رحم فكر الشعب , و بالتالي سيكون من البديهي مراقبة أفعالها و محاسبتها عند ارتكابها للخطأ , ولن تكون هذه الحكومة أو تلك تحت مراقبة النواب مالم تكون الحكومة قد انطلقت بدايتها من مجلس الشعب , لأن سبب وجود الحومة أصلا ً هو تنفيذ مصلحة الشعب الذي ينوب عنه ُ نوابه ُالذين يضعون التشريعات و القوانين التي تخدم مصلحة الشعب عوضا ً عن مراقبة الحكومة ( السلطة التنفيذية ) في تنفيذ هذه التشريعات و القوانين و حسن سير النفقات و الإيرادات , وأن لا يرتبط مجلس الشعب بدورة إستثنائية أو غير عادية بل أن يكون طيلة مدة المجلس ( الأربع سنوات ) فترة عمل و تشريع و مراقبة . أما بالنسبة للسلطة القضائية لا بُد أن يكون هنالك محكمة دستورية يتم الأحتكام إليها في القوانين و التشريعات وهنا لا بُد من الأشارة الى وجوب عدم تبعية هذه المحكمة للسلطة التنفيذية , لأنه ُ من غير المنطق و من غير العقلانية ِ أن تقوم السلطة التنفيذية بمحاسبة نفسها بنفسها حتى و إن حدث ذلك سيتم ما يحقق مصلحة رؤوس و أفراد السلطة ِ التنفيذية . أعجبتني كثيرا ً هنا التجربة ِ الأمريكية بالنسبة لأجراءات تعيين أعضاء المحكمة الدستورية , بحيث يتم طرح أسماء القضاه على نواب الشعب ومن ثم يتم التصويت عليهم , و القاضي الذي يتم إختياه يكون تعيينه ِ بالمحكمة ِ الدستورية ِ حتى يتوفى أو أي سبب ينتقص من أهليته ِ , و هنا تكون المحكمة مستقلة إستقلالا ً تاما ً و منطلقة ً من رحم الشعب بحيث يكون الهدف الأسمى لها خدمة الشعب , و أنها لن تخجل و لن تتساهل حيال أية قضيه مهما على أطرافها , و السبب لأنها لا تستمد شرعيتها أو قوتها أو قرار ترفيع أو إقالة من أحد .
سؤال أخير وبه ِ ننهي , هل الشعب الأردني ما زال غير مؤهل للديموقراطية ؟؟
قانونيا ً من أسباب عدم الأهلية صغر السن و العته و الجنون . يا تُرى الشعب الأردني هل يملك الأهلية أم لا ؟؟