أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الحالات الدستورية لمجلس النواب الحالي في ظل صدور الارادة الملكية بتحديد موعد الانتخابات النيابية الهيئة المستقلة للانتخاب: الأحزاب ستنضج أكثر حزب إرادة يثبت قوته في الإدارة المحلية بحصده 9 محافظات القناة الـ13 الإسرائيلية: سكرتير نتنياهو وزع وثيقة سرية لفرض حكومة عسكرية بغزة الاحتلال يقتحم مدينة يطا جنوبي الخليل. بن غفير يواجه هتافات استهجان من عائلات الأسرى بالقدس وفيات واصابات بحادث تدهور في وادي موسى العاصمة عمان .. (34) درجة الحرارة نهار الخميس لونين: كرة يامال لم تدخل المرمى مجلس حرب الاحتلال يناقش غدا أفكارا جديدة بشأن صفقة التبادل اميركا : لم نمنح الضوء الأخضر لعملية عسكرية برفح نهاية قاسية لأردني تعرف على فتاة عبر إنستغرام قانون التنمية الاجتماعية يدخل حيز التنفيذ. الجهاد الاسلامي : رفح لن تختلف عن خان يونس مسؤولون إسرائيليون: حملة تجفيف تمويل الأونروا فشلت الملك ينبه من خطورة التصعيد في المنطقة صحيفة : الأمم المتحدة رفضت التنسيق مع إسرائيل حول رفح التربية: العملية التعليمية تشهد تطورا بجميع المسارات إسرائيل تؤكد أنها قضت على نصف قادة حزب الله هجوم إسرائيلي على عالم مصري مشهور
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة علموا أطفالكم السياسة

علموا أطفالكم السياسة

07-12-2011 02:33 PM

الفيلسوف الإنجليزي جون لوك كان أول من ربط فلسفة التربية والتعليم بالسياسة، حين تبنى وجهة النظر القائلة بأن الحكومات يجب أن تكون ممثلة لشعوبها من خلال انتخابها، وأن للشعوب الحق باختيار قياداتها ورؤسائها وحكامها، وحتى يتمكن الشعب من انتخاب ممثليه ومسؤوليه بصورة واعية ومسؤولة وذكية، يجب أن يكون هذا الشعب متعلما ومثقفا وملما بالأدوات التربوية والأخلاقية والمعرفية والفكرية القادرة على بلورة مواطنة واعية لدى الأفراد.
يعتقد جون لوك أن الإنسان يولد صفحة بيضاء فارغة ومستعدة لالتقاط الأفكار والمعرفة والمعلومات من البيئة المحيطة، من خلال عملية التعلم التي نجريها عبر استخدام حواسنا، ومن ثم تتلاقح الأفكار البسيطة لتشكل أفكارا مركبة تتشابك وتتعقد من خلال عمليات التعميم والتأمل والمقارنة.
كما أن الفيلسوف الأمريكي جون ديوي يعرّف المعرفة على أنها ليست مجرد معلومات خام يحتفظ بها الفرد لنفسه، وإنما هي أداة ووسيلة يستخدمها الفرد لحل المشكلات التي تواجهه.
استنادا على مثل هذه الفلسفات الصادرة عن كبار فلاسفة التربية ومؤسسي علم التربية والتعليم، أمثال كومنسكي وروسو وبيستالوتزي وفروبيل وسبينسر ومونتيسوري، يمكننا أن نحيك تصورا مرتكزا على أسس علمية فلسفية مفاده: أننا نستطيع بناء أوطاننا ومواجهة أنظمتنا الحاكمة، بل والصمود أمام ما يحاك لنا من مؤامرات داخليا وخارجيا من خلال أطفالنا.
لا يعد هذا نوعا من المبالغة ولا شكلا من أشكال التفاؤل الفائض، ذلك أن الإصلاح عادة ما يبدأ إما بالإصلاح السياسي هابطا السلم نحو بقية أركان الدولة، أو يحدث نتيجة ثورة شعبية تفرز إصلاحات شاملة ومتشعبة، أو أن الحركة الإصلاحية تتم من خلال تغيير وإصلاح الفلسفة التعليمية، مما ينتج عنه بالضرورة ضخ دماء نقية وجديدة في فكر وسلوك وتطلعات جيل كامل، يقوم بإحداث التغيير وقيادة الإصلاح لاحقا.
من هنا وجب علينا إدراك المغزى الحقيقي وراء المحاولات المقصودة التي تقوم بها بعض الدول المحكومة بنظم حاكمة مستبدة، من تهميش لدور مؤسساتها التربوية والتعليمية في بناء شخصية الأطفال وتطويرها، وما تمارسه تلك المؤسسات من تشويه للمفاهيم الأخلاقية والوطنية والدينية والفكرية، بصورة تؤدي إلى انسلاخ الجيل عن هويته وثقافته وقضايا أمته.
يأتي هنا دور الوالدين في التصدي لتلك المشاريع الرجعية التي تجسدها المدارس ويقودها الإعلام، والرامية إلى تحويل جيل كامل إلى معسكر موال للواقع المهيمن بأخطائه وآثامه، ونعوّل هنا على الآباء والأمهات من خلال كيفية تعاطيهم مع أبنائهم، في خلق جيل واع ومسؤول ومبدع وخلاق، وقادر على فهم معطيات واقعه بصورة سليمة وعميقة، ابتداء من الأصول والجذور مرورا بالتجارب والتاريخ، وصولا إلى الواقع وحيثياته، لاستشراف المستقبل وتجلياته.
علم طفلك أن الحياة والحرية والكرامة حقوق إنسانية أساسية للغفير قبل الوزير، ولا تفرض مبادئك وقناعاتك عليه، بل تسلل إليه من خلال الثغرات المعرفية الناتجة عن نقص الوعي والتجربة والخبرة لديه.
علمه أن يحدد هويته ويعتز بذاته، وأن لا يندمج مع الآخر ويتماهى معه بلا وعي، ولكن علمه بالمقابل أنه جزء من المجموع ومن الكل بحيث يتكامل مع الآخرين، ووضح له أهمية العمل العام وضرورة أن يكون فاعلا في المجتمع وغير منكفئا على ذاته، وضرورة أن يمزق شرنقة النرجسية والاعتقاد بأنه محور الكون، ليتمكن من التوافق مع الآخرين والتعايش مع ظروف البيئة المحيطة به بصورة نفسية سوية وسليمة.
علّمه احترام الكبير دون أن تفرض عليه الخضوع والإذعان له خلافا لقناعاته.
علّمه الصدق والأمانة في علاقاته الشخصية ومعاملاته اليومية، حتى لا يخون شرف الوطن والأمة لاحقا.
أنصت له بعناية قبل أن تطلب منه أن يستمع لك ولنصائحك وللآخرين وآرائهم، وتفهم احتياجاته واستوعب رغباته، حتى يستوعب الآخر وينفتح عليه، ويتقبل خلافه معه واختلافه عنه.
ناقشه ولا تقمعه حتى يتعلم كيف يناقش ويأبى الضيم ويرفض القمع، حاوره وأقنعه وأقر بخطئك حتى يتقن فن إدارة الحوار، ويستخدم المنطق ويتخلى عن المكابرة ويتحلى بالمرونة.
عزز ثقته بنفسه ولكن على أسس واقعية وأسباب منطقية مبررة، دون أن تفسده بالمديح والدلال حتى لا يتحول إلى طاووس يختال في الأرض مرحا.
علم طفلك كيف يصبح مبدعا من خلال التفكير الخلاق والنقد البناء بعيدا عن التلقين، ولا مانع من نقد الموروث ولكن مع الاحتفاظ بالثوابت الإنسانية، وافسح له المجال ليتعلم ويفكر ويعبر من خلال التجربة والوقوع في الخطأ والبحث والتقصي والدراسة والاستدلال والاستنتاج والاستقراء.
نحتاج في هذه المرحلة إلى تغيير مفاهيمنا التربوية فيما يتعلق بتربية أطفالنا، نحتاج إلى أن نكون معلمين نعلمهم معنى الحياة، وكيفية خوض هذه الحياة، وآلية الانسجام معها فقط وفق معايير إنسانية مقبولة، لا كيفما اتفق وكأننا نعيش لمجرد أن نعيش، لا نريد معلّمين لا يتقنون سوى خطاب التحفيظ والتلقين والعقاب؛ لأننا لا نريد تلاميذ لا يفقهون سوى ممارسة الذل والإذعان والخنوع.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع