التوترات العسكرية بين الصين وتايوان ، استعداد للحرب أم استعراض للقوة ؟!

في خطوة تحمل رسائل سياسية واستراتيجية واضحة، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ مؤخرًا القوات المسلحة الصينية إلى تعزيز استعدادها للحرب ، وتأتي هذه التصريحات في أعقاب تدريبات عسكرية مكثفة أجرتها بكين حول تايوان، الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها ، وتجدد هذه الأحداث التوترات المزمنة بين الجانبين، مما يثير التساؤلات حول مستقبل العلاقات الصينية-التايوانية، واحتمالات التصعيد العسكري ،
وتزامنت تصريحات شي مع زيارته لواء من قوة الصواريخ في الجيش الصيني، حيث أشار إلى أن الجيش بحاجة إلى تعزيز تدريباته واستعداداته القتالية ، وتلك القوة العسكرية، التي تمثل عصب الاستراتيجية الدفاعية الصينية، تلعب دورًا محوريًا في أي مواجهة محتملة مع تايوان، خصوصًا مع التهديد المستمر من استخدام القوة لاستعادة الجزيرة ، وأكد شي أن على الجيش الصيني أن يكون مستعدًا للردع والقتال، وهو ما يعكس التزام الصين بالحفاظ على أمنها الاستراتيجي ومصالحها الأساسية ، أما عن
أهمية تايوان بالنسبة للصين ، فإن تايوان، التي تتمتع بحكم ذاتي منذ انتهاء الحرب الأهلية الصينية في عام 1949، تمثل بالنسبة لبكين قضية سيادة وطنية ، ويرى الحزب الشيوعي الصيني بقيادة شي أن استعادة تايوان هي جزء من تحقيق "الحلم الصيني" الذي يشمل الوحدة الوطنية والقوة العسكرية والاقتصادية ، بالنسبة للصين، ولا يمكن فصل تايوان عن أراضيها التاريخية، وتجدد التدريبات العسكرية الكبيرة حول الجزيرة يعكس تصميم بكين على الضغط لتحقيق هذا الهدف ، لهذا
فالتدريبات العسكرية ، تحمل رسائل متعددة الأطراف ، وقد
جرت مؤخرًا هذه التدريبات حول تايوان، والتي تضمنت مقاتلات وطائرات مسيرة وسفن حربية، تمثل إشارة واضحة من بكين بأنها قادرة على محاصرة الجزيرة وقطع طرق الإمدادات عنها ، و لكن الرسالة ليست موجهة فقط إلى تايوان، بل أيضًا إلى المجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة التي تُعد أكبر داعم دولي للجزيرة ، وتسعى بكين من خلال هذه التحركات إلى إثبات أنها تسيطر على مياه بحر الصين الجنوبي وتفرض سيطرتها على المنطقة المحيطة بتايوان ، بالتالي فإن
تصريحات شي وتعزيز الاستعدادات العسكرية تعكس التحولات الجيوسياسية الجارية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ، وتلعب الولايات المتحدة دورًا محوريًا في هذه التحولات، فهي تواصل دعمها لتايوان عسكريًا ودبلوماسيًا في مواجهة الضغط الصيني ، وفي المقابل، تتزايد المخاوف من أن أي تصعيد عسكري قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين القوى العظمى، ما يجعل المنطقة نقطة توتر دولية ،الصين من جانبها تعتمد على سياسة الردع المتعددة الأوجه، حيث تمزج بين الحشد العسكري والدبلوماسية ، ورغم أن تصريحات شي قد تبدو تصعيدية، إلا أن الصين تعتمد أيضًا على استراتيجيات لا تقل أهمية، مثل الحرب الاقتصادية والدبلوماسية، لتعزيز نفوذها على الساحة الدولية ، والتحدي الأكبر بالنسبة لبكين هو كيفية تحقيق أهدافها الإقليمية دون استفزاز القوى الدولية بشكل قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية شاملة ، وبين الاستعداد للحرب واستعراض القوة، يبدو أن الصين ترسل إشارات مزدوجة إلى الداخل والخارج ، داخليًا، تعزز الحكومة الصينية ثقة الشعب في الجيش وتؤكد عزمها على تحقيق وحدة البلاد ، خارجيًا، تواصل بكين توجيه رسائلها إلى القوى الدولية وتايوان بأنها لن تتخلى عن أهدافها الإقليمية ،ويبقى السؤال هنا : إلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا التصعيد دون الوصول إلى نقطة اللاعودة؟ !! في ظل التوترات المتزايدة، مع العلم أن الاستراتيجية الصينية تعتمد على مزيج من الردع والتصعيد المدروس، ولكن في عالم تتشابك فيه المصالح الدولية، يظل المستقبل غير مؤكد ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .

---