مع تصاعد الأحداث في قطاع غزة، خرجت مسيرات شعبية حاشدة في الأردن دعمًا للفلسطينيين وتنديدًا بالاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المدنيين. بدأت هذه المسيرات بعد صلاة الجمعة من المسجد الحسيني في العاصمة عمان، واستمرت في عدة مدن أردنية أخرى، حيث شارك آلاف المواطنين، رافعين شعارات تطالب بوقف العدوان وتؤكد على أهمية دعم المقاومة الفلسطينية.
تركزت مطالب المتظاهرين على ضرورة اتخاذ الحكومة الأردنية لمواقف حازمة، ووقف كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل، ووقف العمل باتفاقية وادي عربة. وقد حمل المشاركون شعارات تندد بالصمت الدولي، وطالبوا بتجميد التعاون الأمني مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) ووقف الإمدادات التي قد تصل إلى الكيان الإسرائيلي عبر الأراضي الأردنية.
وجه الشارع الاردني العديد من الرسائل
وأوضح المحتجون أن دعم المقاومة هو الخيار الوحيد لردع الاحتلال وإجباره على وقف هجماته. وركزت كلمات الشخصيات المشاركة في المسيرات على أهمية الوحدة العربية في مواجهة الاحتلال، ورفضهم لمبادرات السلام التي لم تحقق نتائج ملموسة للفلسطينيين. كما عبر المشاركون عن استيائهم من الأوضاع الإنسانية الصعبة في غزة، مطالبين المجتمع الدولي باتخاذ خطوات فاعلة لوقف المجازر ورفع الحصار.
الشعارات التي رُفعت في المظاهرات الأردنية حول الحرب في غزة جذبت انتقادات من بعض الأوساط، التي اعتبرت أن بعضها لا يخدم توحيد الجهود بقدر ما يشكّل مواقف رمزية غير قابلة للتنفيذ، ومنها المطالب بإنهاء التطبيع ووقف التعاون الأمني مع الدول الغربية، مثل اتفاقيات الدفاع مع حلف الناتو. يرى بعض النقاد أن هذه المطالب قد تكون غير عملية في الظروف الحالية، خاصةً مع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين الأردن وإسرائيل التي تطورت عبر عقود.
تتضمن بعض الانتقادات أيضًا أن الشعارات المرفوعة قد تركز على العداء العلني تجاه إسرائيل دون تقديم بدائل عملية تُحقق مصالح الأردن واستقراره، معتبرين أن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي تتطلب توجيه الجهود نحو دعم الفلسطينيين في مجال حقوق الإنسان والتعاون الدولي بدلًا من التركيز على إسقاط الاتفاقيات. ويرى آخرون أن التركيز المتزايد على دعم المقاومة الفلسطينية المسلحة قد يكون مثيرًا للجدل، حيث يروج لبعض أشكال الحلول التي قد تزيد من تعقيد الأوضاع في المنطقة بدلًا من التركيز على حلول سياسية ودبلوماسية قد تكون أكثر قابلية للتطبيق.
إضافة إلى ذلك، يعتقد البعض أن الشعارات التي تطالب الحكومة الأردنية بمواقف صارمة مثل قطع العلاقات، قد تؤدي إلى تبعات اقتصادية وسياسية غير محسوبة، في حين أن الشارع الأردني لديه الحق في التعبير عن تضامنه، لكنه بحاجة إلى مراعاة التحديات الداخلية للأردن في حال تبني هذه المطالب.
بعض الشعارات التي يتم رفعها في الاحتجاجات الأردنية حول قضايا فلسطين قد تحمل تلميحات أو عبارات تثير انقسامات داخل المجتمع الأردني. على سبيل المثال، قد يلجأ البعض إلى استخدام شعارات قد تُحمل بمعانٍ طائفية أو تتطرق إلى مواضيع الهوية والجنسية، مما يؤدي إلى خلق انقسامات بين مكونات المجتمع الأردني أو بين الأردنيين والفلسطينيين المقيمين في الأردن.
في بعض الأحيان، قد تُوجه الاتهامات للحكومة الأردنية باستخدام تعبيرات تُشعر المواطنين بأن هناك خيانة أو تواطؤ، وهو ما يُعد خطابًا قد يُفضي إلى تأجيج التوتر بين الشعب ومؤسساته. كذلك، يتم أحيانًا التشكيك في مواقف معينة من قبل مجموعات تتبنى رؤى أيديولوجية معينة، مما يؤدي إلى خلق استقطاب غير صحي.
ويرى البعض أن من الضروري التركيز على شعارات تُعبر عن التضامن مع فلسطين بشكل يحقق وحدة الموقف الوطني، بدلًا من اللجوء إلى شعارات قد تُفهم على أنها موجهة ضد مكونات محلية أو تحاول تقسيم الصف الداخلي الأردني، خاصة في ظل الظروف الحساسة التي يمر بها الأردن والمنطقة.
تصدرت القوى السياسية المشهد دور القوى السياسية
كان الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن من أبرز الجهات المنظمة لهذه الفعاليات، حيث حثّ المواطنين على مواصلة الضغط لدعم فلسطين ووقف كافة أشكال التعاون مع إسرائيل. كما انتقدت بعض الشخصيات الحزبية سياسات الدول الغربية التي دعمت إسرائيل، معتبرين أن الحل الوحيد يكمن في دعم المقاومة كسبيل للتحرر.
التضامن الشعبي والعربي
لم تقتصر هذه الاحتجاجات على الأردن فقط؛ فقد شهدت عدة عواصم عربية مسيرات مماثلة، لا سيما في المغرب ولبنان، حيث خرج الآلاف للتنديد بالاعتداءات وللمطالبة بإنهاء أي تعاون مع إسرائيل. وقد عبر المشاركون في هذه المسيرات عن تضامنهم مع غزة وأكدوا على وحدة الصف العربي في مواجهة العنف والإرهاب الممارس ضد الفلسطينيين.
تعبر هذه الاحتجاجات في الأردن عن وعي شعبي متزايد بأهمية قضية فلسطين، وتدل على دور الشارع العربي في إيصال رسالة قوية ضد العدوان والتطبيع. تبرز هذه المظاهرات كأداة قوية للتضامن وللضغط على الحكومات العربية لدعم القضية الفلسطينية بشكل فاعل.