أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الخميس .. الأجواء الحارّة تصل ذروتها مع تزايد نسب الغبار أبو زيد: المقاومة أسقطت نظرية ساعة الصفر 49 % نسبة الخدمات الحكومية المرقمنة مصر: أي خرق إسرائيلي لمعاهدة السلام سيتم الرد عليه بشكل حاسم وزارة التربية تدعو عشرات الأردنيين لمقابلات توظيفية (أسماء) 3 شهداء وجرحى جراء قصف الاحتلال غزة والنصيرات الحالات الدستورية لمجلس النواب الحالي في ظل صدور الارادة الملكية بتحديد موعد الانتخابات النيابية "القسام": قصفنا قوات الاحتلال بمحور "نتساريم" بقذائف الهاون المعايطة: يجب أن ترتفع نسبة المشاركة في الانتخابات -فيديو الهيئة المستقلة للانتخاب: الأحزاب ستنضج أكثر حزب إرادة يثبت قوته في الإدارة المحلية بحصده 9 محافظات نتائج انتخابات رؤساء مجالس المحافظات ونوابهم .. أسماء القسام تقنص ضابطا صهيونيا شمال بيت حانون / فيديو القناة الـ13 الإسرائيلية: سكرتير نتنياهو وزع وثيقة سرية لفرض حكومة عسكرية بغزة الاحتلال يقتحم مدينة يطا جنوبي الخليل. بن غفير يواجه هتافات استهجان من عائلات الأسرى بالقدس وفيات واصابات بحادث تدهور في وادي موسى العاصمة عمان .. (34) درجة الحرارة نهار الخميس لونين: كرة يامال لم تدخل المرمى مجلس حرب الاحتلال يناقش غدا أفكارا جديدة بشأن صفقة التبادل
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام من أين يأتي الأتراك بكل هذا الإباء؟!

من أين يأتي الأتراك بكل هذا الإباء؟!

20-02-2010 09:04 PM

قد يحار المرء حقاً في تفسير تلك المواقف المشرفة لتركيا مؤخراً، التي تفيض بكم مهول من الإباء والعزة والعنفوان، فلا يكاد يمضي شهر حتى نُصفع نحن العرب على وجه الخصوص ـ بوصفنا راهناً أذل أهل الأرض وأهونهم شأناً على أنفسنا وعلى الناس ـ بموقف تركي شامخ يجعلنا نذوب خجلاً في ثيابنا ونتمنى بأن تنشق الأرض وتبتلعنا، فتريحنا من إحساسنا المزمن الموجع بالخزي والعار والصغار. لا أظن أن مسلسل تلك المواقف البطولية قد بدأ عندما وبّخ رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان، سيء الذكر شمعون بيريز رئيس الكيان الصهيوني المزعوم، في تلك الجلسة الشهيرة من جلسات مؤتمر دافوس، أمام سمع العالم وبصره، غضباً من دفاع ذلك الثعلب الماكر عن الجرائم التي اقترفها الكيان المصطنع ضد أبناء فلسطين في غزة. ولا أظنه حتماً سينتهي مع إقدام حراس رئيس الوزراء التركي مؤخراً على منع السفير الأمريكي في قطر، وبالقوة، من مقاطعة اجتماع لرئيس الوزراء بوزيرة الخارجية الأمريكية، ومواجهة فؤاد تانالي مستشار أردوغان لذلك السفير بمنتهى الحزم والغضب، مؤكداً له \"أنه لا يوجد من يستطيع أن يجرؤ على التعالي على تركيا ورئيس وزرائها، وأن عليه أن ينتظر حتى ينتهي الاجتماع\".
مثل تلك المواقف، وكثيرات غيرها، مما باتت القيادة التركية تفاجئ العالم به بثقة آسرة، مثل إجبار وزارة الخارجية في الكيان الصهيوني على الاعتذار العلني العاجل عن السلوك الوقح لأحد موظفيها بحق مسؤول تركي، أو رفض السماح للطيران الأمريكي بالمرور في المجال الجوي التركي لضرب العراق أثناء الحرب الأخيرة لإسقاط نظام البعث، أو الإحجام عن مقابلة قيادات الكيان الصهيوني ... الخ، تجعل العربي المفجوع والمحبط والمنتكس من مواقف التخاذل والاستكانة والانهزام العربي يتمزق أسى وحسرة، ويتحرق فضولاً وتوقاً لمعرفة منابع تلك القوة المعنوية الأخاذة الطاغية التي تقطر من الأداء السياسي التركي، التي قد لا تنسجم بالمناسبة مع المعطيات الموضوعية المحددة للقوة العسكرية والاقتصادية التي تتمتع بها أنقرة، على الأقل مقارنة بالقوة الهائلة للولايات المتحدة الأمريكية.
صحيح أن تركيا ليست بالدولة الضعيفة؛ إذ تملك جيشاً من أقوى جيوش ما يعرف بمنطقة الشرق الأوسط وأضخمها وأحدثها، وصحيح أنها تتمتع بموقع جيوسياسي متميز يمنح من تحالفه من جيرانها قوة مهيوبة يحسب لها ألف حساب، ويعرّض من تعاديه لانكشافات ومخاطر جدية وخطيرة، إلا أن عناصر القوة المادية تلك لا تبدو قادرة وحدها على تفسير المواقف التركية الحاسمة التي وصلت إلى حدود التقريع القاسي، وربما التحدي، لواشنطن وربيبتها المدللة تل أبيب، وهو ما لم تجرؤ على فعله دولة أخرى، إلا تحت مظلة المخاطرة بتعرض أمنها القومي لأسوأ العواقب وأوخمها، كما حدث للعراق إبان حكم صدام ويحدث الآن لإيران نجاد.
ربما يقول قائل إن كل تلك المواقف لا تعدو كونها مجرد مسرحيات مفبركة لا يكلف تمثيلها تركيا شيئاً، ولا تؤثر في واقع الأمر في قليل أو كثير على صعيد تغيير محددات القوة الفعلية التي تحظى بها الدولة التركية على المستوى الدولي. مثل ذلك القول قد لا يعبر في حقيقة الأمر عن درجة متقدمة من الوعي، فالمتعمق في متابعة المشهد السياسي العالمي وتحليله، يعرف أن مساعي الدول إلى تدعيم مكاناتها ضمن مضمار العلاقات الدولية لا تعتمد في معظم الحالات على القوة العسكرية والاقتصادية الفعلية، قدر اعتمادها على خطابها السياسي المعلن، وعلى كيفية تقديم نفسها للعالم، حتى وإن راق للبعض إلحاق ذلك الخطاب بدائرة \"المسرحيات\" المعدة ببراعة.
بعض من تستهويهم نظرية المؤامرة، وبعض المغرضين ممن لا يحبون المواقف التركية المدوية التي سجلتها حكومة إسلامية التوجه، وربما بعض الحالمين الذين يتطلعون إلى استرجاع ماض مجيد ولّى، يضربون بعيداً في بوادي الوهم، فيؤكدون من منطلقات مختلفة ولأهداف متباينة، أن تلك المواقف تدخل في باب تنفيذ مخطط سري تركي يسعى إلى الهيمنة مجدداً على العالم الإسلامي، وإعادة بلدان ذلك العالم إلى حياض القيادة التركية تحت مظلة خلافة إسلامية.
بالرغم مما في ذلك الطرح على اختلاف مرجعياته وغاياته من تهويم مغرق في الخيال، إلا أنني شخصياً، ومن باب الحلم بواقع أفضل وأكرم وأنبل، أتمنى وجود مثل ذلك المخطط بالفعل لدى القيادة التركية، مع الوعي باستحالة تحققه، حتى في حال الافتراض الجدلي لوجوده، فالعالم الغربي المتربص لا يمكن أن يسمح لتركيا بأن تعيد أمجاد الإمبراطورية العثمانية، التي شكلت كابوساً مرعباً قض مضاجع دول الغرب على امتداد قرون طوال، ولم ينته إلا عبر تمزيق أوصال تلك الإمبراطورية المترامية الأطراف إلى دول، أو بالأحرى دويلات، عاجزة بائسة متنافرة، لا يملك معظمها من أمره شيئاً، ويتحكم الغرب وأذنابه في مقدراتها ومصائرها تحكم قط شرس بفأر ضعيف.
نعود إلى مظاهر الشموخ النادر في أيامنا المزدحمة بالخانعين، التي تتدفق من وجوه الأتراك وألسنتهم، فنرجح أن يكون مبعثها إيمان القيادة التركية ـ المعدي للشعب التركي كله فيما يبدو ـ ليس بمشروع إمبراطوري ماضوي توسعي يحاول إعادة التاريخ إلى الوراء، بل بمشروع تقدمي واعد طموح يرى في الإسلام المستنير قوة حقيقية جبارة قادرة على البناء والإصلاح والتغيير، وعلى فرض حضورها المؤثر والقيادي على العالم، وإجباره على أن يأخذها على أقصى محامل الجد.
نعم، يبدو أن القيادة التركية قد استحضرت دروس الماضي الإسلامي العريق واستوعبتها تماماً، بينما نسيها العرب من أحفاد رواد حملة رسالة الإسلام أو تناسوها، فأدركت أن من اعتز بغير الله ذل، وأن الأمجاد التي أحرزتها الأمة الإسلامية في عصور خلت لم تحرزها إلا بفضل تمسكها براية الإسلام الصحيح، الذي لا يرضى لأتباعه الدنية والانكسار والتبعية المهينة والسير الذليل في ذيل الأمم.
وأخيراً، نناشد رئيس الوزراء التركي السيد رجب أردوغان التكرم بتنظيم دورات تدريبية مكثفة حول منهجيات تطوير الإحساس بالعزة والكرامة الإسلامية والقومية والتعبير عنهما، ودعوة أهل السياسة في العالم الإسلامي والوطن العربي للمشاركة فيها، مع تأمين خصم تشجيعي معتبر للذين يغامرون بحضورها، دون أخذ إذن من وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن، أو من فرعها في تل أبيب.

د. خالد سليمان
sulimankhy@gmail.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع