زاد الاردن الاخباري -
قامت وزيرة السياحة والآثار بتوجيه كتاب إلى مديرية سياحة الكرك تطلب فيه إزالة اليافطات التي تحمل المعلومات التاريخية عن قلعة الكرك بوصفها إحدى القلاع الصليبية واستبدالها بوصف القلاع الإسلامية. وإذ تستهجن الجمعية هذا القرار الغير المدروس لتؤكد الحقائق التاريخية التالية:
1. بنيت قلعة الكرك الحصينة في العصر الحديدي من قبل الملك المؤآبي ميشع حيث كانت عاصمة المملكة المؤآبية وذكرت في أسفار العهد القديم باسم " كير حارسة" بمعنى الكرك المحروسة في قصة دفاع الملك ميشع عن عاصمته ضد حصار الملوك اليهود.
2. دخلت القلعة في سلطة الدولة النبطية قبل سقوط البتراء في العام 106 ميلادي وأصبحت بعد ذلك جزءا من الولاية العربية.
3. أعيد استخدام القلعة من قبل العرب المسيحيين حيث وردت رسومات القلعة وكنائسها وساحتها في خريطة مأدبا والتي تعود للنصف الثاني من القرن السادس الميلادي باسم ( كرك مؤآب ) كمدينة ازدهرت خلال الفترة البيزنطية وما زالت تفاصيلها ظاهرة في تلك الخريطة. والجدير بالذكر ان القلعة عانت أثناء فترة الصراع الساساني البيزنطي في الأردن قبل الفتح الأسلامي.
4. استعصى الوصول القلعة على المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في العام 629 ميلادي وعادت جيوش غزوة مؤتة من على بعد سبع كيلومترات ثم دخلت القلعة تحت النفوذ الإسلامي بعد فتوح الشام ومعركة اليرموك في العام 636 ميلادي.
5. برزت أهمية القلعة بعد احتلال الصليبيين للقدس عام 1099 ميلادي كواسطة للعقد منتصفا للطريق بين تجمعات الجيوش الإسلامية في الشام ومصر ومسيطرة على درب الحج الشامي. فسقطت القلعة بيد الصليبيين لمدة ست وأربعين عاما وانتهت تحت سلطة الملك الصليبي أرناط الذي اعتدى على حجيج الشام فكان جزاءه القتل في معركة حطين في العام 1187 ميلادي . وبعد عام استسلمت القلعة بعدها لجيوش صلاح الدين الأيوبي. ثم ما لبث ان وسعها الأيوبيين والمماليك فأضافوا إليها الأبراج والقاعات وتم تحصينها.
6. دخلت القلعة في ولاية الدولة العثمانية بعد العام 1516 ميلادي وعين لها والي من البيت العالي كان يطلق عليه لقب باشا قبل ان تقوم عام 1910 ثورة الكرك (الهيه ) ويلقى أهل وثوار الكرك أشكال التنكيل والبطش. ثم ما لبثت ان انضمت بأهلها إلى الثورة العربية الكبرى وفي إمارة شرق الأردن في العام 1921.
وإزاء هذا الاجتهاد المتسرع تؤكد الجمعية الأردنية لتنمية وتطوير الإرث الحضاري (جهد ) ان أية إعادة لصياغة التاريخ هو قرار وطني من الأهمية بمكان لا يسمح فيه لصانع القرار السياسي التدخل بل يجب ان يكون قرارا للجنة وطنية أكاديمية وآثارية متخصصة تكون فيها وزارة السياحة ودائرة الآثار العامة أعضاء مع غيرهم من المتخصصين.
وأمام تعاقب الإرث الحضاري العريق والمتشابك للقلعة فان من الضرورة بوصفها قلعة مؤآبية حيث بناها الملك ميشع قبل أكثر ثلاثة آلاف عام. فيما يجب التركيز على الفترة الصليبية وقلاعها الشوبك والفجيج والحبيس والوعيرة حيث الصمود المسيحي الإسلامي والتلاحم في الدفاع عن هوية هذه الأرض وإنسانها.
ان الجمعية ما زالت تصر على انه حان الأوان للدولة ولرؤساء الحكومات إدراك أهمية تسلم وزير تكنوقراط لوزارة السياحة والتي تشارك في 13% من إجمالي الدخل الوطني. كما تؤكد الجمعية على ضرورة استحداث وزارة متخصصة تحت مسمى ( وزارة الآثار والإرث الحضاري) تعنى بوضع استراتيجيات عمل متخصصة بالآثار وسبل صون الإرث الحضاري ومواقع الإرث الحضاري المعلنة من اليونسكو وهي البتراء وقصير عمرة وأم الرصاص ووادي رم والعمل على تأهيل مواقع أخرى مثل محمية ضانا ومدينة السلط وموقع آثار جرش وإعلان غابة ارث حضاري وغيرها من التحديات والرؤى المستقبلية التي ما زال النظر تجاهها قاصرا.
يوسف رشيد زريقات
رئيس الجمعية الأردنية لتنمية وتطوير الإرث الحضاري ( جهد )